د. عبدالوهاب طواف
"السلام" مفردة ليست في ملازم الحوثي
بالنظر إلى نتائج تطبيق اتفاق ستوكهولم، أعتقد أن حظوظ نجاح ذلك الاتفاق باتت ضعيفة جداً.
وإذا كان تدخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي جاء لمصلحة اليمن، فأعتقد أن من الواجب والضرورة عليهم المسارعة لمراجعة سياساتهم؛ فالاستمرار بنفس المدخلات حتماً لن يغير المخرجات.
التعاطي العابث للحوثي مع الاتفاقات ليس بجديد؛ والخطورة تكمُن في أن تغوص الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بقصد أو بدون قصد في شِعاب تلك الممارسات العبثية؛ والانشغال بفعل ورد فعل وأخذ ورد؛ والدوران في متاهة لا سقف ولا قاع لها؛ وسيضيع هدف استعادة الدولة بين أكوام تلك الدمامل العنقودية.
والآن الصورة اتضحت للجميع أن لا شيء يدلل على أن السلام مفردة موجودة في ملازم مليشيات الحوثي وثقافتهم؛ فكل ممارساتهم وأفعالهم تؤكد أنهم فقط يعملون على إدارة الحرب لا إنهائها.
فقد انتهت اجتماعات الحديدة بدون نتائج، نظراً لإصرار مليشيات الحوثي اعتبار عناصرهم المتواجدين في المدينة هم السلطة الإدارية والأمنية المخولين استلامها وإدارتها؛ وتم رفض إعادة العاملين السابقين إلى وظائفهم.
كما أن مسرحية تسليم ميناء الحديدة من قِبل المتمردين الحوثيين لبعض عناصرها، هي عملية تصدير واضحة المعالم لعبثهم وكذبهم إلى المجتمع الدولي؛ أما الداخل اليمني والإقليم فهم على دراية ومعرفة بحجم كتلة العبث التي تتراقص عليها تلك العناصر الخارجة عن القانون.
ويحق لنا أن نسخر من تفسير الحوثيين لاتفاق ستوكهولم بأن عناصرهم هم المعنيون باستلام مدينة الحديدة؛ ونقول لهم إذا كان الأمر كذلك، فلماذا كانت الحرب؟ ولماذا قُدمت التضحيات حتى وصلت القوات إلى مشارف الميناء؟ ولماذا تدخل المجتمع الدولي؟ ولما ذهبوا إلى السويد؛ أحصل كل هذا لأجل تسليم المدينة للحوثي؟! عبث!
وحتی دبلوماسي أوروبي قال لي: لم أكن أتصور أن يفسر الحوثيون اتفاق ستوكهولم بهذه الصورة الخاطئة.
فرددت عليه: هؤلاء لهم تفسيراتهم الخاصة حتى للقرآن والسنة؛ حتى إنهم لم يعترفوا بشرعية أبوبكر وعمر وعثمان، ليعترفوا اليوم بشرعية رئيس أو ملك لا ينتمي إلى عرقهم السامي المزعوم.
وحالياً بدأ الحوثيون باستهداف رئيس لجنة إعادة الانتشار الجنرال باتريك إعلامياً بهدف ابتزازه لدفعه للبقاء في منطقة الوسط، وعدم اتخاذ مواقف فاعلة تجاه ممارساتهم العبثية في الحديدة.
ولا شك أن هناك إجراءات وسياسات وجهوداً كثيرة وكبيرة تُبذل لإنقاذ اليمن، إلا أنها تحتاج لإعادة تقييم وضبط، وتوجيه؛ ومن الضرورة تعديل هنا وتصحيح هناك، وترشيد هنا وتفعيل هناك، فالإطالة هي قاتلة للشعب اليمني ومهددة لأمن واستقرار المنطقة برمتها.
في حين لم يعدّ بمقدور مليشيات الحوثي التوسع أو الحفاظ على المناطق التي ما زالت ترزح تحت سطوتها، فقط ما زالت لديهم القدرة والجرأة على القتل والتدمير والتفخيخ ونهب الناس.
وإلى أن تتمكن الحكومة من نزع سلاح المليشيات وتتصدى لمشروعهم القاتل ينبغي على الجميع الحذر والعمل على تخفيف معاناة الناس.
وندرك أن كل اليمن ومعظم دول الجوار وكثيراً من دول العالم مُجمعون على ضرورة نزع سلاح الحوثيين وإنهاء مشروعهم العنصري، إلا أن أدوات وطرائق المعالجة مختلفة ومتعددة، وبأهداف متعارضة؛ ولعل هذا يمثل أهم عناصر بقاء تلك المليشيات حتى الساعة.
واليوم الجميع منتظر لجديد المبعوث الأممي إلی اليمن مارتن غريفيث، كون نجاح اتفاق ستوكهولم يعني غريفيث شخصياً، وكذلك المجتمع الدولي، فهم من أقنعوا الحكومة اليمنية والتحالف بتوقيف عملية تطهير الحديدة ومنحهم مهلة لإخراج عناصر الحوثي من المدينة، لتجنيب مرافقها التدمير من قبل الحوثيين.
وعندما نعرف الوجهة التي ستختارها الأمم المتحدة للمضي إليها بشأن اليمن؛ ستنتقل دفة القيادة منها إلى الحكومة اليمنية ودول التحالف العربي؛ لتقرير مصير الشعب اليمني المظلوم.
* جمعها (نيوزيمن) من بوستات للكاتب علی صفحته في (الفيس بوك)