دخلنا إلى السنة الخامسة من الحرب وما فيش أي جديد على أرض الواقع غير أن البلد مشتت، والكوليرا تحصد الأرواح، والأوبئة والأمراض تفتك بالناس، والفقر في اتساع، والدولار يرقص والريال ينهار، وعيال السوق في ازدهار، وعيال الناس في محن يومية صعبة، وقليلي الخير أذن من طين وأذن من عجين، وإلى أين احنا سايرين ياخلق الله؟ والله مالي علم!
وكنا نعتقد في البداية أنها ستكون حرباً خاطفة ستستمر لأشهر ويعود كل شيء من بعد ذلك إلى وضعه الطبيعي، ويعاود الناس دورة حياتهم اليومية المعتادة، لكنه كان عشم إبليس في الجنة على ما يبدو! والى أين أنتم ذاهبون بنا وبهذا الشعب المرهق والكسير ياخبره؟ والله مالي علم!
خمس سنوات نتحارب ولا شيء استجد غير أن الموت وفير، والكذب يتصدر المشهد، واللصوصية متدثرة بثوب الوطنية، ولم نجن من الجميع غير التعب والشقاء وقلة الصنعة ودمار النفوس وخراب البيوت واندثار المعروف وشحة الأمان وتسيد الطراطير وتجبر الصعاليك وتنمر المليشيات وتكبر المسؤولين وتضخم أرباح تجار الحروب وانتشار السلاح وانحسار قيم الحب والخير والتسامح والبناء والإنتاج، والشعب اليمني يتجرع الويلات، ويعاني القهر والانسحاق من الجميع بلا استثناء، وتعاضدت علينا كل قوى الشر وكأننا في فصل نهائي من رواية الحياة اللئيمة.
الآن وبعد كل هذا العذاب الذي عشناه خلال الخمس السنوات الفائتة من الحرب وانفضاح أمر كل متحذلق وكذاب فإنه يتعين علينا إعادة التفكير حول كل ما يتعلق بالحق وبالباطل وبأولئك الذين يتحدثون معنا عن الوطن وعن الثورة والجمهورية والوحدة، بينما هم في حقيقة الحال أناس وأحزاب وكيانات قتلوا في أنفسنا كل تلك المفاهيم الجميلة التي تستحق منا التضحية في سبيلها ولكن كيف نضحي؟ ومع من؟ ومن هو الطرف الذي يمكنك المراهنة عليه وأنت تعرف أصلا أنه لن يخذلك؟ فلا الحوثيون ولا الإخوان ولا الشرعية ولا التحالف ولا المجتمع الدولي ولا بقية الأحزاب السياسية رحموا اليمنيين أو رأفوا بهم، ولا اليمنيون أنفسهم رحموا بعضهم وقالوا "ما يسبر هذا يا خبره، احنا أخوة".. ولا أعرف بصراحة إلى أين نحن ذاهبون أو إلى أين هم ذاهبون بنا، وأغلب الظن أننا مستمرون في الذهاب إلى الهاوية السحيقة.