صالح أبو عوذل
هل يريد "الراشد" خلق أزمة سعودية مع الكويت؟
قرأت مقالة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط السعودية لرئيس تحريرها السابق عبدالرحمن الراشد، يتحدث فيه عن أزمة عدن، محذراً الأشقاء في الخليج والكويت تحديداً من مغبة دعم استقلال الجنوب، وبأن ذلك قد يدخل المنطقة في أتون الفوضى.
فعلى الرغم من معرفتنا كجنوبيين بموقف "الراشد" ومن سار في فلكه، إلا أن ما أغضبني هو التهديد المبطن للأشقاء في الكويت وتذكيرهم بحرب نظام صدام حسين على بلادهم، في تناول قد يقود إلى أزمة سعودية مع الكويت التي كان لأميرها الشيخ صباح الأحمد، أن لعب دوراً كبيراً في الأزمة الخليجية مع قطر، بل إن مواقفه داعمة بقوة للسعودية التي تخوض حروباً عدة دفاعاً عن المنطقة برمتها والكويت يعد جزءاً من هذه المنظومة الخليجية التي يجب أن تظل متماسكة وقوية، رغماً عن بعض الأصوات التي يمثل الراشد أحدها، وهي غير مدركة عواقب ما تقول.
أعلن الراشد غضبه من مقالين للدكتور محمد الرميحي (في الشرق الأوسط) والدكتور سعد العجمي (في إندبندنت عربي)؛ وهي وسائل إعلام سعودية، عبرا في المقالين عن وجهتي نظرهما البعيدة عن أي حسابات، وربما أنهما لم ينظرا إلى مصلحة الكويت من ذلك، بل إلى مصلحة الجنوبيين الذين هم أعرف بمصلحة بلدهم من غيرهم، وهو حقهم.
فالجنوبيون لم ينتظروا من "الراشد" أو غيره أن يمنحهم موقفاً داعماً لقضيتهم، بل هم أدرك وأحرص على السعودية من الراشد نفسه.
يخاطب الراشد الرميحي والعجمي "أقول للصديقين المثقفين الكويتيين إن نزع الشرعية عن دولة معترف بها في الأمم المتحدة وتفكيكها يهدد كل دول المنطقة، والكويت من بينها. فالقبول بالانفصال غير الشرعي يماثل تماماً الضم غير الشرعي"؛ وهنا يمكن التوقف والتأمل في اللغة التي استخدمها الراشد في هذه المقالة، والتهديد والسخرية من الكويتيين الذين تعرضت بلادهم للاجتياح من نظام صدام حسين، بدعم ومباركة من نظام صنعاء حينها.
بكل تأكيد الراشد لا يدافع عن مصالح السعودية، بل هو لا يدرك أين مصلحة الرياض في استقلال الجنوب، هو ينظر إلى الأمور من زاوية "الاستثمارات التي يمتلكها مع متنفذين من اليمن الشمالي"، فالمصلحة التي يعبر من خلالها وجهة نظره هي مصلحة تجارية استثمارية لا تخص المملكة السعودية كنظام ودولة في شيء.
اعترف الراشد أن تعامل المملكة مع اليمن لأكثر من 30 عاماً، كانت تجربة مؤذية للسعودية، "ما الحل؟"، لم يأت بحل.. بل شدد على أن بقاء اليمن الموحد والمؤذي بنفس أدوات نظام الراحل علي عبدالله صالح في مصلحة، بكل تأكيد ليست للسعودية، ولكن ربما هي مصلحة شخصية.
وهادي والأحمر هما أعمدة نظام صالح المؤذي للسعودية –كما يقول الراشد- الذي كان من المفترض أن يسأل نفسه ما حقق الحليف علي محسن الأحمر للرياض طوال أربعة أعوام من عمر عاصفة الحزم.
كان بإمكان السعودية أن تصنع بتلك الأموال التي صرفتها على نظام صالح أو على "القبائل" تكتلا سياسيا، ولو كان على غرار حزب الله في لبنان، الذي صنعته إيران ربما بربع الأموال التي صرفتها المملكة على نظام صالح لكف اليمن المؤذي.
يدرك الراشد والكثير من النخب الخليجية أن الموقف الجنوبي الرافض للحرب الصدامية على العراق، قد دفع بسببه الثمن غالياً، فالتظاهرات التي خرجت في الجنوب تندد بالحرب العدوانية، خرجت مثلها تظاهرات في صنعاء تهتف "بالكيماوي يا صدام"، وكانت مكافأة صدام لنظام صنعاء أن زوده بصواريخ وأسلحة وخبراء وطيارين للمشاركة في الحرب العدوانية على الجنوب، فوقع الجنوب تحت الاحتلال بفعل هذا الموقف وغيره من المواقف التي دفع الجنوب الثمن بسببها.
ولعل على سبيل الذكر الإطاحة بالرئيس سالم ربيع علي وإعدامه دون محاكمة من قبل الروس وحليفهم عبدالفتاح إسماعيل، كان بسبب تقاربه مع السعودية، ومثل ذلك تم الإطاحة بالرئيس علي ناصر محمد ومن قبل تلك الأدوات والسبب واحد، تقاربه مع الخليج والسعودية تحديداً.
لكن كيف يمكن فهم ما يريد قوله الراشد للأشقاء في الكويت، هل كان متشفياً بما حصل وحذرهم من تكرار التجربة؟ أم كان يمنُّ عليهم بموقف السعودية الرافض للاجتياح الصدامي لبلادهم.
هل بالإمكان أن يشرح لنا الراشد بشكل مفصل "كيف سيتضرر الكويت من استقلال الجنوب؟ طيب ما علاقة الانفصال، كما أسماها، بمحاولة الضم بالقوة التي سعى لها نظام الراحل صدام حسين؟
للأشقاء في السعودية.. مثل هؤلاء الكتاب سيصنعون لبلدكم الأزمات والمشاكل؟ فالكويت شقيق وجار وفيٌّ وصاحب مواقف خليجية وعربية ستظل خالدة، فمن العيب أن نسمح لمثل الراشد أن يتطاول عليهم تشفياً وتهديداً.. ويكفي.
* من صفحة الكاتب على (الفيسبوك)