في غضون أسبوع يمسك المجلس الانتقالي بزمام الأمور بالعاصمة عدن ويتم تطبيع الحياة. وتطول يده سريعاً محافظة أبين، وهي الامتداد الطبيعي لعدن، وتستقر الأمور بسرعة الضوء، وتدحرج كرة الثلج الانتقالية والأحزمة الأمنية والجيش لنقل المعركة من عدن أبين إلى موطن الثروة الذي تتكالب عليه كل مراكز التربص والقوى والنفوذ باسم الوحدة وباسم الوطن وباسم الدين.
وهناك يتم استدعاء كل مخزون القوة للنفس الأخير من دعاة الشرعية وبراميل النفط البشرية وتجار الحرب..
نقل المعركة لشبوة هو تأمين لمكتسبات عدن أبين.. والاشتباك الحقيقي مع عتاولة وهوامير الفساد والدخول في صلب الموضوع بدون مقدمات أو رتوش الخلاف في جوهره اقتصادي قد يمكن حسم الخلاف السياسي سريعا إنما تعقيدات الثروة وحجم تشابكها وتشابك المصالح فيها ليس بالأمر الهين.
كانت الاشتباكات السابقة التي خاضها الجنوب مع معسكرات إخوانية تدثر بلباس الدولة، أما اشتباك شبوة هو اشتباك مع كامل المنظومة القديمة والحديثة المستقرة منها والعابرة وليس مع الإخوان فقط حتى القاعدة لها هنا حضور نوعي.. ولذا ستأخذ من الوقت والكلفة وستنتهي بالحسم أو تفاوض معلوم مقبول.
إنها معركة الجرح الحقيقي ومكمن الألم.. وذهاب الانتقالي إلى هناك بهذه السرعة يؤكد أن المسألة الأهم في الملف السياسي الجنوبي تم حسمها في عدن وأبين وموافقة حضرموت الضمنية، وأن المعركة الحالية اقتصادية، إنه ملف الثروة الذي حان وقته وأوانه، وعلى أقل تقدير سيتم إيقاف العبث بموارد شبوة من خلال الاشتباك حتى الوصول لحل منصف.
إن تدحرج كرة الثلج إلى شبوة سيضع الحوارات القادمة موضع الجدية لبحث كل تفاصيل المشهد القادم وملف الثروة في طليعته وسيعمل على الحد من العبث القاتل.
بهذا الملف قد تستميت كتائب القاعدة والإخوان والقبيلة وكل المدد الذي سيسخره الهوامير للدفاع عن مخزن الثروة، لكن ستكون العملية عملية وقت ليس إلا.
لن يكون بمقدور الشرعية المترهلة بعد اليوم إعطاء الصفقات للنافذين. وسيؤول ملف النفط والغاز إلى حل جذري.
ذهب الانتقالي إلى هناك وهو يعرف الكلفة والمغامرة في الذهاب لكنه ملف لا بد من الإمساك به والاشتباك معه. ولن يتم الاستجابة لذلك ما لم تكن حاضرا على نصف الارض على أقل تقدير.
نحن في بلد كله جروح ونحتاج لكل من يوقف عبث الفساد ونحتاج لفتح كل الملفات وتحرير المناطق المحررة من اقطاعيي النفط والغاز.
كواحدة من أهم القضايا ليس موضوع شبوة في انها تتبع الانتقالي أو لا تتبع، هي في النهاية ستذهب مع المزاج الجنوبي العام في حده الاعلى أو الأدنى. إنما أهميتها انها أحد المخازن الهامة لجماعات الفساد والدين.. وتجفيف هذا المنبع من الأهمية بمكان للوصول إلى صيغة تجعل من الثروة منفعة للشعب وليس للمتنفذين، وهذا في حد ذاته تراكم جديد يضيفه الانتقالي إلى رصيده.
وكنا قد أشرنا في مقال سابق بعنوان لن يذهب الجنوب بعيدا، الى ان الجنوبيين سيراكمون من خلال هذه الموجة مجموعة من المكاسب في طليعتها اقتصادية وسياسية، وسيكونون الرقم الصعب لكل مجريات المرحلة القادمة، وسيحدون من تفرد شرعية الفوضى والفساد.
وفي هذا تدافع مهم كي تصلح الشرعية من نفسها وكي يشارك الجنوب بإدارة أرضه وثروته.
وستكشف قادمات الأيام بعضاً مما نقول.