اليمن بالنسبة إلى الإيرانيين ليست أكثر من عنوان للمزايدة والتلطي. تمارس القرصنة والاعتداءات الإرهابية غير المسبوقة، إرهاب دولة، ثم تلقي باللائمة على اليمنيين وتحملهم مسئولية أفعالها.
يقول روحاني "هذا رد الشعب اليمني". يقصد الهجمات الإيرانية على منشآت أرامكو.
الشر الإيراني يعتزم أن يغسل يديه في مياهنا هكذا دائما بينما يستمر في تخريب المنطقة وضرب الاستقرار وإشعال البحر والبر، و الإحالة على اليمن.. حيث أدواته المنفوخة جاهزة لترديد ما يملي وتبني مسئولية فعائل الراعي والآمر.
لكن حتى روحاني نفسه لم يستطع أن ينفي مسئولية إيران عن الهجمات بعبارة واضحة تقول "لا لم نفعل".
جميع التصريحات والردود الإيرانية من السبت إلى الثلاثاء لم و لا تتضمن بالمطلق نفيا مباشرا وصريحا بخصوص الهجمات.
لكن الإعلام العالمي والوكالات الدولية وحتى المحطات العربية على إثرهم، الجميع يصر على أن إيران نفت وتنفي.
ولا أحد يأتينا بشاهد واحد على نفي صريح. يتأولون الكلام للإيرانيين ويتطوعون إلى مهمة تفسير وتقريب المعاني. وهذه ليست من مسئولية الإعلام الذي ينقل ولا يُقوِّل.
سيفاجئكم الإيرانيون، في وقت ما وعندما تضيق عليهم الدوائر وتؤدي إليهم كافة التحقيقات والإثباتات، بالقول نعم فعلناها ونحن لم نقل أننا لم نفعل.
صياد كويتي نشر السبت تسجيلا لعبور طائرات وأجسام مضية في وقت تنفيذ الهجمات. نشرها في تويتر وتداولتها الشبكات قليلا ولم يشأ أحد أن يصدق الحقيقة وذهبوا وراء أسماء ومصادر إعلامية كبيرة وعالمية تقول فقط إن إيران نفت وتنفي.
الغريب أن المحطات الخليجية والعربية تنساق وراء الموجة وتردد مع القطيع ما يقال ولا تجد لواحدة تميزا أو تحفظا أو أسلوبا خاصا في العمل والانفراد ولو قيل عنها شذت عن المهنية. مهنية القطيع.
هناك محطات تعنون وتصف وتتحدث عن "الهجمات الحوثية" على منشآت بقيق وخريص. هكذا. إلى اليوم بعضها يستمر في هذا. وهي تعرف نفسها. عيب.
سادت رغما عن السائد الرواية الأخرى التي لم يكن يود أحد التعامل معها. بعد 48 ساعة كانت الوكالات التي تعطي الصدارة لرواية وتبني الحوثيين للهجمات مضطرة إلى أن تتعامل مع الوقائع وتفسح المجال للمعطيات التي راحت تتوارد وتتراكم.
وعلى كل حال، فإن الهجمات التي ينفذها الحوثيون فعليا أو مكونات الحشد الشعبي في العراق أو غيرها من التفريخات والأدوات الإيرانية، حتى هذه فإن المسئول عنها إيران وليس سواها.
هجمات السبت ليست كغيرها. ولا تشبهها غيرها. يمكن أن نؤرخ لمرحلة أخرى مختلفة كليا بداية من 14 أيلول سبتمبر. ولها ما بعدها. حربا أو سلما.
كانت فعاليات عاشوراء الرسمية في طهران هذه السنة، قبل أيام، كما ظهرت بعضها في مقاطع فيديو متداولة، مشحونة وموجهة عن عناية وقصد بالكثير من العدائية والكراهية والتحريض والوعيد والتهديدات باتجاه المملكة العربية السعودية.
الدولة الإيرانية الرسمية ضخت توجها عاما انعكس خطابا وحشدا وتعبئة ونشيدا و... هجمات إرهابية.
المواقف العربية والخليجية التي لا تجد في اللحظة الماثلة حاجة وضرورة مصيرية للاصطفاف مع العربية السعودية، فإنها تصطف مع إيران، مهما أدانت أو تلاعبت بالعبارات وتصنعت الحياد. لا حياد.