مِن حيثُ تَبْدأُ يَبْدَأُ القَدَرُ
وإذا اعْتَذَرتَ فسَوْفَ يَعْتَذِرُ
هُوَ أنتَ، أو هُوَ مِنكَ نَزْعَتُهُ
وقُواهُ والإقْبالُ والحَذَرُ
إنْ شِئتَ شاءَ، وإنْ أبَيْتَ أبى،
وإذا انْكسَرْتَ فسَوفَ يَنْكَسِرُ
يا شَعْبُ، أنتَ الشَّعْبُ، ها هُوَ ذا
مَعناكَ لا يَجْتازُهُ البَصَرُ
إنّي أُسافُرُ فيكَ، مُنْذُ متى
وأنا أنا مازِلتُ والسَّفَرُ
وأقولُ عنكَ، أقووولُ عنكَ ولا
يَعْدُو ظِلالَ جَلالِكَ الخَبَرُ
لكنْ وأنتَ الشَّعُبُ مالَكَ إنْ
نَبَذُوكَ لا شَعْبٌ ولا أثَرُ
إنّي أراكَ الآنَ تَسْقُطُ مِنْ
عَيْني، ومِن عَيْنَيْكَ تَنْحَدِرُ
وتَضُمُّ جُرُحَكَ وانْكِسارَكَ في
حِضْنِ السُّكُوتِ وأنتَ تَقْتَدِرُ
وتُكَفْكِفُ الدّمْعاتِ في عَجَلٍ
وتَقُومُ تُنْشِدُ كُلّما خَطَرُوا
ومَلَأْتَ مَيْدَانَ الهُتافِ وما
أقْسى غِيابَكَ عنْدَما حَضَروا
خُزْيُ الضّحِيّةِ أنْ يَموتَ وفي
يَدِهِ لقاصِفِ عُمْرِهِ وَتَرُ
أو أنْ يَجيءَ اللّهَ تَحْمِلُهُ
رّاياتُ مَنْ أرْداهُ والصّوَرُ
هذا الهَواءُ الغَيْرُ مُنْقَسِمٍ
بالعَدْلِ يَهْزَؤُ مِنكَ، يَحْتَقِرُ
مازِلْتَ تَصْبِرُ تَحْتَ وَطْأَتِهم
أنْ يَقْتُلوكَ، وأنتَ تَنْتَحِرُ
حتى البُيوتُ الواقِفاتُ على
ساقَيْكَ تُخْفي حِينَ تَنْدَثِرُ
وطَريقُكَ المَاشي عَليْكَ إلى
شَكْواكَ، يَرْجِعُ كُلّما ظهَروا
لمَ كُلّما سَلَبوكَ، أو سَرَقوا
دَخَلَتْ يَمينُكَ فِيْكَ تَسْتَتِرُ
كَفروا بحَقّكَ، غيرَ أنّكَ لَم
تُؤمِنْ؛ لتُدْرِكَ أنّهم كَفروا
يا شَعْبُ، أنتَ الشّعْبُ وَحْدَكَ مِنْ
كَلِماتِكَ الآصالُ والبُكَرُ
فلِمَ السّكوتُ على الظّلامِ وفي
شَفَتَيْكَ أنتَ الشّمْسُ والقَمَرُ
ولمَ انْحِناؤكَ للضّلالِ وفي
قاماتِكَ الآياتُ والسُّوَرُ
أرِهِم وُقوفَكَ أينَ آخِرَهُ،
أرِهِم سُكُوتَكَ حِينَ يَنْفَجِرُ
الآنَ ثُرْ لا تَنْتَظِرْ قَدَرًا
أو فُرْصَةً للحَقِّ تَنْتَصِرُ
أقَدْارُنا هِيَ نَحْنُ نَصْنَعُها
وإذا انْتَظَرْناها سَتَنْتَظِرُ
فانْهَضْ لنَفْسِكَ صانِعًا قَدَرًا،
واصْدُقْ ليَصْدُقَ مِثْلَكَ القَدَرُ
هشام باشا