محمد عبدالرحمن
المجلس الانتقالي.. أمام اختبار الأزمات وأمنيات الشرعية
عدن ليست بخير، تعاني من علل كثيرة، أصبحت تشبه إحدى القرى النائية في أطراف دولة إفريقية مجهولة، البنية التحتية متهالكة وما بقي صالحاً جرفته سيول الأمطار والإهمال، الخدمات شبه متوقفة، والمعاناة في ازدياد متواصل، تركتها الشرعية مهملة وكأنها بلاد العدو، واستلم الانتقالي إدارتها بعزيمة المخذول الذي يحاول إنقاذ ما تبقى من الحياة فيها.
مع إعلان حالات مؤكدة مصابة بفيروس كورونا، أصبح أمام الانتقالي أصعب الاختبارات الفجائية، وفي ظروف صعبة واستثنائية، يعيشها المجلس على المستوى التنظيمي وتعيشها عدن بشكل خاص في ظل انعدام الخدمات وتردي الأوضاع المعيشية بشكل كبير، حيث يتطلب الأمر جهودا حثيثة وإمكانيات كبيرة لمواجهة مستجدات الأحداث.
وفعلاً بدأ التحرك فور إعلان وتأكيد الإصابات بالفيروس، وتم إعلان حظر التجوال 24 ساعة لمدة ثلاثة أيام كمرحلة أولية، واتخاذ العديد من الإجراءات التي يمكن من خلالها الحد من انتشار الفيروس، هذه الإجراءات ليست سهلة وتكلفتها باهظة، هي بحاجة إلى موارد مالية كبيرة تؤمن للناس أكلها وشربها، وكوادر ومستلزمات طبية، ومستشفيات، وحجرا صحيا، ومراكز عزل صحي للمصابين بالفيروس، لضمان عدم انتقاله وانتشاره.
على للمجلس الانتقالي أن يثبت جدارته وكفاءته في إدارة الأزمات، وأن ينتهج خططا سليمة دون الاستعجال، لأن ما يجري اليوم في عدن، يربك المشهد العام على مستوى اليمن وليس فقط عدن، مما يجعله يتخذ إجراءات غير مدروسة ينتج عنها مخرجات غير سليمة.
الأزمات وخاصةالمفاجئة هي معيار مهم في تحديد قدرة أي سلطة للتعامل معها بشكل مسؤول وباقتدار محكوم، وهذه فرصة الانتقالي أن يبدأ مشواره في الإدارة بأزمات صادمة مثل كورونا، التي إذا نجح في احتوائها إلى جانب الأزمات الأخرى التي تعيشها عدن، فإنه يكتسب قوة وطاقة تغذيه من أجل أن يستمر ويكسب معركة إعادة المدينة إلى الحياة.
الماء والكهرباء والأمن المهام التي يجب أن ينفذها ويوفرها الانتقالي بصورة عاجلة، هذه الامتحانات الثلاثة الأولية هي معيار مهم في قياس مدى سرعة النجاح المبكر في تقديم الخدمات، لأنها تلامس معيشة الناس مباشرة، وبها ترتبط أعمالهم ومصادر رزقهم، وحياتهم وخاصة في هذه الأيام مع بداية فصل الصيف القائض.
عدن هي مدينة منكوبة بالسيول، والآن موبوءة بكورونا، تعاظمت مصائبها، وتجاسر خذلان الشرعية عليها وتركتها للريح تذروها في كل درب، واليوم يقف الانتقالي في الصف الأول يواجه أكبر الاختبارات الصعبة في الإدارة في ظل انعدام الخبرة، وقلة ما في اليد، في الوقت الذي تتشفى قيادات الشرعية بوجع العدنيين ومصائبهم.
تتمنى قيادات الشرعية لو أن كورونا تصيب كل كبير وصغير رجل وامرأة داخل عدن من أجل اتهام الانتقالي بالفشل، يود الشرعيون المزيفون لو أن السيول اجتاحت كل المنازل ورمتها البحر كي يقال إن الانتقالي فشل في ابتلاع السيول وتجفيف عدن، هم يريدون أن يفشل الانتقالي، لأن فشله نجاح لفسادهم.. وليس أمام المجلس الانتقالي إلا أن ينجح.