محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

غُزاة اليوم "كالحوثي"

Wednesday 02 December 2020 الساعة 08:30 am

رأينا الغُزاة يحملون راياتهم على باب مدينتنا العتيقة، قالوا إن رسولا من الله جاء ينهي مأساتنا، ويمنح للحياة جمالاً جاء به من جنة السماء، هذا الرسول امتداد لسلالة نبي آخر الزمان، ومجدد للدين ومقوّم للاعوجاج الذي حدث طيلة فترة 1400 عام، رأيناهم يصدحون بالهتافات التي سرقوها من كتاب الله وأحلامنا التائه في فضاء البحث عن العيش الكريم. 

الظن لدى البعض غدر بهم، وساقهم إلى الإيمان بأن تلك الرايات التي تخفي خلفها المواجع وأصوات النائحات، هي رايات بيضاء سوف تطهر الناس من إثم الفقر والعوز وتمنح الحقوق وتبني بيوتا لهم في الجنة وعلى الأرض، كان ذلك الظن خادعا، وسرابا مؤلما، حيث كانت الضربة الأولى في خاصرة من آمن وظن واعتقد، وكان على باب المدينة ينتظر. 

"الحوثي" قالوا إنه النقاء السلالي الذي سوف يمحو خطايا هذا الشعب، ويعيد السعيدة إلى فم البلاد، وقالوا إن المطر بشكل غير مسبوق هو بركة دعائه، وقالوا إن الله يأتيه ليلاً يمنحه القوة والبصيرة، وقالو إن كل يمني بالفطرة هو خاضع له ولصوته وحركة اصبعه، خضوع العبيد للسيد، وقالوا إن اليمن وعد الله له، ثروة وسلطة وحكم وشعب يخنع ويطيع... هكذا قالوا إن كل شيء يقوله هو كلام السماء. 

الظاهرة الجديدة في الغزو، أن يمنحك أحدهم سوط العذاب، ثم يقول اجلد ظهرك إن لم تخضع وتؤمن بأحقية التسيّد عليك، هذا الغزو هو الذي يجعل من القرآن وسيلة وأداة لتثبيت أهدافه في العقل الشعبي، وكأنه مسلّمة لا تقبل الجدل أو الرفض. 

يعمل الحوثي بالقرآن أداة غزو وإخضاع لم يعمل بها أحد من قبله، ولم تخطر على بال الطغاة أن يستخدموها، يعمل به وكأنه موحى إليه من الله، لغزو القرى والمدن وهدم البيوت وقطع رقاب الناس، وهنا يجب على الناس أن تترك التدين بجهالة وتدرك أن دين الله لا يمنح أحداً أحقية غزوهم باسم الله والقرآن. 

عندما رفع الحوثي القرآن وقال إنه جاء يحكمنا كوريث للكتاب، كانت دماؤنا تسيل من صفحاته وكأنها دموع السماء، وعندما تحدث عن السيادة وحمايتها من التدخلات الأجنبية، كانت قيادات الحرس الثوري الإيراني تملأ بيوت صعدة وصنعاء.

هذا الغزو المخيف لأذرعه امتداد قادمة بعمائم إيرانية، رأت في سقوط صنعاء عاصمتها الرابعة التي دخلتها برايات حمراء بدمائنا وسوداء بحزننا، وبوجه "الحوثي" واصبعه التي أصابت أعين الناس بالعمى.