كرر حزب الإصلاح في وسائل إعلامه القول إن العميد عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع، قد قتل بسبب مقاومته ضم اللواء إلى محور تعز، ورفضه توحيد الجيش الوطني!
الآن، لو سألت أين هو الجيش الوطني؟ لن تجد له وجودا، إلا إذا افترضت أن ما بقي من ذلك اللواء هو الجيش الحقيقي الذي كان يبيض وجه الشرعية، فإن استطاع الإصلاح محو هذا الباقي، من خلال الهجمات المتكررة التي كان آخرها هجوم السامعي وعصابته قبل أيام، فقل قد ذهب الباقي مع الذاهبين..
ويبدو لنا أن هذا الاقتناع قد استقر في قرارة الشرعية وحزبها منذ سنوات، لكنها ظلت تكابر، إلى أن رأينا اللواء سلطان العرادة محافظ مأرب قبل يومين ينادي -وبناء على توجيهات القيادة العليا للشرعية- ينادي شباب اليمن إلى الالتحاق بالمعسكرات للتدريب، ومن ثم يخرجون منها إلى مواجهة ميليشيا الجماعة الحوثية التي تسعى لاقتحام ما تبقى من مدينة مـأرب، على الرغم من أنها في خير ومنعة كما قال العرادة.
اعتبر معظم المتابعين نداء القيادي الإصلاحي العرادة بمثابة إعلان رسمي عن اختفاء دور أكثر من مائة ألف جندي وضابط، هم قوام الجيش الوطني في مأرب الذي كان ينتظم في عشرة ألوية رئيسية في المناطق العسكرية الثلاث (المنطقة العسكرية الثالثة، المنطقة العسكرية السادسة، المنطقة العسكرية السابعة).
لقد ذاب الجيش الوطني، وبقي منه الاسم الذي يذكر مع ذكر المقاومة الشعبية والمقاتلين القبيليين، والمتطوعين للقتال.. بل إن شئت قل إنه كان عبارة عن خليط من المعلمين والعاطلين والمنتفعين والمرافقين والمغتربين والأسماء الوهمية، ومع ذلك خصت الشرعية وحزبها هذا الخليط العجيب بأربعين مليار ريال شهريا، حسب البنك المركزي اليمني.
قبل أن تكل قيادة الشرعية إلى محافظ مـأرب العرادة توجيه النداء لشباب اليمن كي يلتحقوا بالمعسكرات، كان يتعين عليها أولا إصدار قرار بحل ما يسمى بالجيش الوطني، وأن تعرض على المعلمين تعويضا مقابل تخليهم عن الوظيفة الثانية التي ألحقوا بها كي يحصلوا على مرتبات من أموال التحالف والمال العام.
جيش تكون من خليط عجيب قوامه نحو ثلاثمائة ألف تربوي وعاطل ومرافق ومغترب ومنتفع، أولى به قرار يحله من الكشوفات، بعد ما تبين أن التدريب المكذوب، والتسليح، والتغذية والمكملات، وعشرات مليارات الدولارات والريالات السعودية التي قدمها التحالف العربي لدعم الشرعية، وألوف مليارات الريالات التي بددها الرئيس هادي من جهته طوال ست سنوات.
ثلاثمائة ألف اسم، ومليارات الدولارات وتريليونات الريالات، وأطنان الأسلحة، بددت من أجل وهم يدعى جيش وطني، وفي الأخير ترى الشرعية وحزبها وهما في سبيل توجيه النداء للشباب اليمني: هلم إلى معسكرات التدريب كي تدفع ميليشيا الجماعة الحوثية بعيدا عن مدينة مأرب.. ما هذا؟
لقد تبينت حقيقة ذلك الخليط العجيب إذن.. لكن، لأن صناع الأوهام وواضعي الكشوفات، أدركوا في اللحظة الحاسمة أن جيش الورق لا يحمي حارة أو قرية، ذهبوا يشنون حملات معادية للتحالف الذي تقوده السعودية.. حرضوا، وقالوا لقد خذلت الجيش الوطني.. ولأن التحالف يطلب تصرفات مالية سليمة وشفافة للأموال التي يقدمها، فقد هربوا من فضائح الفساد متعدد الأصناف والأشكال، إلى القول إنها تركت الجيش دون رواتب، دون أسلحة، ولا أحذية حتى.
وحفي بنا في هذا المقام الإشارة إلى أن بعض القوم فهموا الشفافية فهما خاطئا، فنقلوها من ميدان التصرفات المالية، إلى ميدان مختلف، بل وصل الأمر إلى إفشاء أسرار عسكرية.. هذا يريك أن الشرعية قد تدرعت بالغباء من رأسها إلى أخمص قدميها.. في رسالة وجهها ضابط كبير -قبل أسبوع تقريبا- إلى قيادة الشرعية عن حال الروح المعنوية للمقاتلين، ذكر أن الروح المعنوية لمنتسبي الجيش والأمن قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها، بل معنوياتهم منهارة.. يا فرحة الجماعة الحوثية بخبر سار كهذا.
في الرسالة التي وجهها المخبر الفاحص للقيادة عبر صحيفة أهلية، تقرأ أن انخفاض معنويات المقاتلين إلى أدنى مستوى، يعود أهم أسبابه إلى حرمانهم من مرتباتهم للستة الأشهر من العام 2020، وهم أيضا لم يقبضوا مرتباتهم لشهور هذا العام، ولا استلموا مرتبات ثمانية أشهر متفرقة من أعوام مضت، على الرغم من علم الشرعية أن لديهم التزامات مالية تجاه أسرهم.. ليس لدى أحدهم ما يفي بوجبة إفطار ليلة واحدة من شهر رمضان!.