معظم أطراف الحرب في اليمن ما تزال ترتكب انتهاكات جسيمة منذ العام 2015، وتظل الجماعة الحوثية بطل الانتهاكات المتوج، في كل ميدان، وفي كل مجال.. تنتهك كل الحقوق التي يكفلها الدستور وتحميها القوانين، وتنتهك الإعلان العالمي والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وتنتهك القانون الإنساني الدولي.. شن الهجمات المميتة على المدنيين، تجنيد الأطفال، الاعتقال، الخطف، الإخفاء القسري، التعذيب، تقييد الحريات العامة والخاصة، الإعدام خارج القانون، وقمع الصحافيين ومصادرة حق التعبير عن الرأي، وضرب التعددية السياسية، وانتهاك حرية المعتقد.
وتتفرد الجماعة الحوثية بسلوك غير معهود، أو لم تسلكه من قبل أي عصابة، وأي طرف في أي نزاع مسلح، وهو أن المقاتلين الذي يقررون التخلي عن القتال، ويعودون إلى ديارهم في صنعاء أو ذمار أو إب، أو غيرها، يصبحون مجرمين في نظر الجماعة، حيث تعتقلهم وتسجنهم وتعذبهم، بجريرة أنهم عادوا إلى الديار دون أن يحصلوا على إذن، أو لأنهم لم يبلغوا جهاز الاستخبارات والاستطلاع العسكري، وما يسمى بلجنة العائدين، ووزارتي الداخلية والدفاع في صنعاء، ويظل هؤلاء في السجون فترات زمنية طويلة، ويتطلب الإفراج عنهم الحصول على موافقة من قبل عبدالملك الحوثي.
هذه الحالة الإجرامية الفريدة لا يلتفت إليها الذين يرصدون حالات الانتهاك التي ترتكبها الجماعة، وقد أظهر تقصيرهم مع حالات انتهاك الحريات الصحافية، التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، إذ كل حزب يرصد ما يعنيه وما يخص أتباعه فحسب.
منذ العام 2015 أغلقت الجماعة الحوثية كل وسائل الإعلام المستقلة، وغير الموالية لها، ولاحقت وخوفت الصحافيين، وكذلك النشيطين في وسائل الإعلام الاجتماعي، وبسبب (المكارثية) الحوثية هذه اضطر نحو سبعمائة من بين ألف ومائة صحافي وإعلامي إلى الهرب من صنعاء، إلى مأرب وعدن، وبعض البلدان العربية والإسلامية مثل قطر والسعودية وتركيا ومصر ودولة الإمارات.
خلال العام الماضي وحده وصل عدد حالات انتهاك الحريات الصحافية في عموم اليمن إلى112 انتهاكا، تراوحت بين قتل، وخطف، واعتقال، وتحريض على إيذاء الصحافيين، ومنع ومصادرة، وتحقيقات، ومحاكمات، وإيقاف عن العمل، وتعذيب، واعتداءات، وكانت الجماعة الحوثية مسئولة عن كثير من هذه الانتهاكات، فمن بين الصحافيين الثلاثة عشرة المخطوفين كان هناك أحد عشر مخطوفا لدى الجماعة منذ نحو ست سنوات، من بينهم سلطان قطران الذي بقي قيد الاعتقال حتى إبريل الماضي.
والجماعة الحوثية بطل الإجرام غير المعهود في اليمن من قبل.. نعني في ميدان قتل وسجن واغتصاب النساء.. وحتى الآن ليس هناك حالة واحدة من جانب الجماعة تشير إلى مساءلة مرتكبي هذه الجرائم، وتلك الانتهاكات، بل أنها دافعت دفاعا مخزيا عن سلطان زابن، وعبدالحكيم الخيواني، وعبدالرب جرفان، ومطلق علي المراني، وعبدالقادر الشامي، الذين صنفتهم وزارة الخزانة الأميركية يوم 10 ديسمبر 2020، مجرمين بموجب قانون ماغنيتسكي بسبب ارتكابهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، وكررت الجماعة الدفاع المخزي نفسه عندما أدرجت واشنطن أسماء الخمسة المذكورين في لائحة المعاقبين يوم 26 يناير الماضي، وبقي زابن في منصبه حتى مات بفايروس كورونا، بينما يواصل الأربعة الأحياء انتهاكاتهم دون مساءلة أو حياء.