الملفت من بين أشياء كثيرة سخيفة وعنصرية في "فرمانات" تحديد "أسعار" النساء في اليمن: أن سعر المرأة الثيّب نصف سعر المرأة البكر.!!
"قد" تكون الثيّب أفضل.. وقد لا يكون الفرق بينهما غير يوم واحد، ويذكّر هذا بنكتة كلاسيكية:
عُرض على المعتصم جاريتان بكر وثيب، فمال إلى البكر. فقالت الثيب: ما بيننا إلا يوم واحد. فقالت البكر: "وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون".
المشكلة قديمة إذاً.. وبهذا المعيار. لا اعتبار لمعايير الجمال أو العقل أو المال أو الأخلاق أو الخبرة أو الثقافة.. في فرز النساء.!
المهم فقط هو: غشاء البكارة.!
يحصل المثل في سوق السيارات: أسعار السيارات تتأثر بالفرق بين الجديد والمستخدم. لكن ليس هذا هو المعيار الوحيد هناك.!
كذلك في أسواق الرقيق القديمة، فبغض النظر عن المعتصم وجاريته، لم يكن غشاء البكارة هو المعيار الأهم في تقدير أسعار "الجواري". معظم الجواري اللواتي بلغتنا أسعارهن المهولة كن إما جميلات جدا أو يجدن الغناء.!
على صعيد الحرائر، تزوجت ست الحسن "عائشة بنت طلحة" عدة أزواج متتابعين، وكان مهرها يرتفع مع كل زيجة جديدة، وعموما لم تكن لغشاء البكارة هذه الدرجة من الأهمية التي هي عليها لدى السلطات الراهنة في صنعاء:
صحيح نصّت قوائم الأسعار على أن سعر المرأة يختلف باختلاف المنطقة، لكن هذا المعيار المناطقي العجيب. متغير. بينما معيار غشاء البكارة ثابت في كل منطقة.!
كما لم توضح الفرمانات ذات العلاقة هل هذه التسعيرة تشمل أيضاً نساء السلالة الهاشمية. لكن حتى لو أنها خلت من هذا المعيار العنصري، فلن تخلو من معيار غشاء البكارة.
في كل حال: وضع تسعيرة للنساء "تحديد المهور" هو من الأساس امتهان للمرأة، واختزال للزواج بمجرد مبلغ يدفع للمرأة، وينتهي الأمر.. هذا الأمر لا يحدث إلا في المواخير.!
الزواج مؤسسة كبيرة دائمة: بيت وأسرة وأولاد. وبطون وعقول وتربية ونفقات.. ولا يمكن التعاطي مع هذه المؤسسة إلا بالتعاطي مع الوضع الاقتصادي للبلد ككل.
والوضع الاقتصادي لليمن ليس بخير. إن لم نقل منهار تماماً. وينهار بشكل مهول كل بضعة أسابيع أو أشهر. وفي كل مرة تقفز الأسعار بشكل جنوني.!
هل ستتأثر أسعار النساء بهذا الاضطراب الحاصل، ومن ثمّ تقوم الجهات المعنية بتحديث قائمة الأسعار في كل مرة.. أم ربما تفكر بربط أسعار النساء بالدولار!؟
لم تستطع سلطات الحوثي السيطرة على أسعار الوقود فكيف ستسيطر على أسعار النساء.؟!
وأسوة بتجارة الوقود.. هل ستسيطر الأسواق السوداء على سوق "النخاسة" هذا.!؟
تفتقر السلطات اليمنية لأي استراتيجية مسئولة ومشروع حقيقي لإدارة الدولة، وتنمية البلد.. وتقوم بالتعويض عن هذا الإفلاس والفشل بالاتجاه إلى مثل هذه الخزعبلات لصناعة منجزات وهمية.!
أسوأ السلطات هي تلك التي تتجاهل عقول وبطون وجيوب رعاياها، وتنشغل بمراقبة حياتهم الجنسية وأعضائهم التناسلية.!
بالمناسبة: يوجد غشاء البكارة أيضاً لدى إناث: الشمبانزي. الفیل. الجرذ. الليمور. الفقمة. الفرس. اللاما. خنزير غينيا. بقرة البحر. الخـُلد. الحیتان ذوات الأسنان..
أي أنه ليس خاصية بشرية فريدة. ومع ذلك هذا الغشاء الرقيق الهش عامل إزعاج دائم. بلا معنى.. أحياناً علامة جودة. وأحياناً علامة شرف. وكما قالت نوال السعداوي:
إذا كان غشاء البكارة هو دليل شرف البنت.. فما هو دليل شرف الرجل؟!