قبل أشهر زعمت وكالة أسوشييتد برس وجود قاعدة جوية غامضة يجري بناؤها في جزيرة ميون.. ولأن الإخوان لديهم مشكلة نفسية وسياسية مع المقاومة الوطنية وقيادتها، تلقفوا خبر تلك الوكالة، وأخذوا يقلبونه ويلوكونه، وفي اعتقادهم أن المقاومة آخذة في التمكن بحرياً بدعم إماراتي.. وآخر مثال لذلك عضو مجلس النواب علي المعمري صاحب فسوة الخطر الديمغرافي التي فساها قبل عام تقريباً من ظهوره أمس في برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة القطرية التي تستدعيه مرة أو مرتين في الشهر.. فقد حمل على المقاومة الوطنية وقائدها لإرضاء أسياده، وكان مرهقاً للغاية بسبب زيارة محافظ تعز للمخا والثناء على جهود المقاومة وقائدها من أجل تحسين ظروف معيشة السكان في تعز.
وعلى الرغم من أن دولة الإمارات قد سحبت قواتها من اليمن في العام 2019، ما يزال القوم ممسكين بخبر أسوشيتد برس، ومستمرين في مضغه حتى بعد أن كذب التحالف العربي وجود قاعدة إماراتية أو جندي إماراتي سواءً في ميون أو سقطرى.
قال الأخرق أمس، إن الإمارات خطر على اليمن، وخطر على الدول المطلة على البحر الأحمر، إذ بات لديها علاقة مع دولة إسرائيل، وهنا يكمن خطرها حسب متقمص ثوب السيادة الوطنية، الذي دعا مصر للقدوم إلى جزيرة ميون على عجل، وغفل الأخرق أن بين مصر وإسرائيل علاقات دبلوماسية، وبين أريتريا وإسرائيل علاقات دبلوماسية واقتصادية، والسودان وإسرائيل اقتربتا من الاتفاق على التطبيع الكامل والنهائي.. فلماذا الإمارات فقط هي التي تشكل خطراً على دول نصفها تقيم علاقات مع إسرائيل؟ لا نقول إن العلاقة بين مصر وإسرائيل، أو بين إسرائيل وأريتريا، أو السودان، تمثل خطراً، وإنما نشير إلى الرأس الخاوي والمنطق الأخرق الذي لا يحسن تفسير خصومة الإمارات لمنظمة إرهابية مثل الإخوان المسلمين.
لقد أكد التحالف العربي يوم (27 مايو) أن لا صحة للمعلومات المتداولة بشأن بناء دولة الإمارات قاعدة عسكرية في جزيرة ميون، كما لا وجود لأي قوات إماراتية في الجزيرة نفسها أو في جزيرة سقطرى، وأن احترام سيادة اليمن ووحدة أراضيه من المبادئ الراسخة والثوابت الأساسية للتحالف، وأن هناك تجهيزات في ميون تخضع لإشراف التحالف، والغرض منها تمكين قوات حكومة اليمن الشرعية وقوات التحالف العربي من التصدي لمليشيات الحوثي، وتأمين الملاحة البحرية، وإسناد قوات الساحل الغربي.. وقال أيضاً إن الجهد الإماراتي الحالي يتركز مع قوات التحالف في التصدي جواً للمليشيات الحوثية دفاعاً عن مأرب.
نعم، دفاعاً عن مأرب عاصمة إخوان اليمن.. قبل تصريح التحالف بنحو شهر حاول مدير مكتب رئاسة الجمهورية عبد الله العليمي مسايرة الإصلاحيين وصاحبهم المعمري، فقال في مؤتمر صحفي عبر الاتصال المرئي نظمه مركز صنعاء للدراسات (يوم 8 مايو) إنه لا توجود معلومات كافية تدعم الأخبار التي تردد عن بناء قواعد إماراتية في ميون.. وعدم وجود معلومات، يعني أن المسألة كلها كذبة.. بينما كان العميد طارق محمد عبد الله صالح قائد المقاومة الوطنية، رئيس مكتبها السياسي، واضحاً في الحوار الذي أجرته معه وكالة سبوتنيك الروسية (14 يونيو)، إذ قال ما مؤداه، إن هناك قوات تتبع هيئة خفر السواحل اليمنية، في جزيرة ميون، وقوة صغيرة سعودية، وإن ميون اليمنية ستبقى كما هي، وفي مكانها، وإن ما يحدث الآن هو بناء مدرج لتقديم الإسناد اللوجستي المستقبلي للقوات المشتركة في الساحل الغربي، والقوات التي تواجه ميليشيا الجماعة الحوثية..
بعد كل هذا الوضوح.. بعد نفي التحالف.. بثلاثة أيام ظهر المعمري على شاشة قناة بلقيس (يوم 30 مايو)، يقول: ما يحصل في جزيرة ميون سببه الإهمال والسكوت على ما يجري في سقطرى وغيرها.. الإمارات أغراها سكوت الرئاسة والحكومة والبرلمان حول ما يجري في جزرنا وسواحلنا.. لدينا معلومات حول ما يجري في جزيرة ميون، والتحالف لم ينفِ.. هذا على الرغم من أن التحالف قد نفى.. أما حين يلفت المذيع انتباه المعمري أن التحالف العربي نفى تلك الشائعات، قلب الصحن وقال: رد التحالف حول ميون لا يعنينا!
على أن المعمري لا يؤخذ من كلامه، ولا يصدق عندما يقول لدينا معلومات.. فهو ليس تاجراً كذوباً فحسب، وليس سمساراً أخرق فحسب، بل وهب قدراً ضئيلاً من القدرة على المراوغة.. يرواغ عندما يتعلق الأمر بالمصالح الذاتية والإخوانية، فمثلاً بدأت تلوح في الأفق تباشير مصالحة مصرية- تركية بقدر رأس بنان، فرأى المعمري التقرب من المصريين ذراعاً، فيوم 12 يونيو قال لبرنامج الحصاد في قناة الجزيرة: أدعو المصريين للحضور في ميون! وجود الإمارات في ميون خطر حقيقي على الدول السبع المطلة على البحر الأحمر.. وهو الكلام نفسه الذي كرره أمس، أي بعد عشرة أيام في برنامج الاتجاه المعاكس بالقناة نفسها.. المعمري سوف يجامل الإماراتيين بمثل هذا الكلام، وينكر الخطر، حين يشعر أن أنقرة قد تصالحت مع أبو ظبي.. والمعمري يدرك أن (أكلام الحالي يستأهل أبقال وأبقالين) كما يقول المثل الشعبي.