بعد يوم من مقتل القيادي الإصلاحي بلال منصور الميسري في مدينة المنصورة، خرج رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، محمد اليدومي، يمسّي أمن عدن، ومحافظ عدن، والأحزاب السياسية التي تشارك الإصلاح في حكومة واحدة، والأحزاب والمنظمات غير المشاركة في الحكومة، بصيحة استنكار.. استنكر غياب أي ردة فعل إزاء مقتل الشاب الإصلاحي.. وابتز اليدومي تلك الجهات بالقول إن غياب ردة فعلها يثير أكثر من علامة استفهام وتعجب، فهي إما تعرف الجاني وتخشاه، وإما أنها تقر هذا النوع من الجرائم.
على الفور أصدرت أحزاب التحالف الوطني التي يهيمن عليها الإصلاح، بياناً حسب الطلب الإصلاحي، وعليه العلامة التجارية الإصلاحية زيادة في التوكيد، باستثناء حزبين هما الحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، اللذين قالا لم نأتلف من أجل أعراض كهذه بل من أجل جواهر المشكلات.. ومع ذلك قد حصل الإصلاح على عوض، وهو بيان منفرد للائتلاف الوطني الجنوبي التابع للإصلاح أيضاً.. وبينما كان أمن عدن يتابع إجراءاته منذ حدوث الجريمة، زاد رئيس الحكومة يوجه الداخلية لاتقاء تهديد الإصلاح.
الإصلاح لا يدين الإرهاب، لأسباب مفهومة، لكنه مواظب على إدانة أي جريمة، أي محاولة اغتيال، وأي تهديد، أو تعذيب، عندما يكون المستهدف عضواً في حزب الإصلاح، وعندما تقع الجريمة في أي مدينة لا يحكمها حزب الإصلاح.. أما اغتيال، أو محاولة اغتيال من ليس بإصلاحي، وأما أن يحدث الاغتيال في مدينة يحكمها الإصلاح مثل مارب أو تعز، فها هنا الصمت هو القاعدة.
دعونا نضرب بعض الأمثلة الطرية، القريبة من مقتل الإصلاحي بلال الميسري.. هل قال اليدومي، أو تكلم حتى من هو أدنى منه، بجملة من كلمتين، عندما تعرض عبد الله فرحان القيادي في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري لمحاولة اغتيال؟ لاحقه مسلحون ملثمون يركبون دراجة نارية، وأطلقوا عليه نيران أسلحتهم، فنجا نجاة عجيبة من عملية اغتيال مدبرة مقصودة، في مدينة تعز، منتصف شهر يونيو.. لم يكن مهاجموه مجهولين، بل كانوا على صلة بقائد عسكري ينتمي إلى حزب الإصلاح.
بعد الكاتب والسياسي عبد الله فرحان، قتل مسلحون المحامي هشام عبدالباري هزاع العبسي أثناء وجوده في منطقة الجمهوري بمدينة تعز.. هو ليس بإصلاحي، وجريمة القتل وقعت في مدينة يحكمها حزب الإصلاح، فإذن لا إدانة ولا استنكار، ولا، ولا، ولا.. النفاق نفسه من الجريمة، من الحقوق، من الفساد، هو السائد، ومن البداية إلى النهاية، وآخر مثال لذلك ابتلاع الإصلاح لسانه أمام مشهد خطف المحاميين عبد القوي أحمد عبدالفتاح وصادق محمد دبوان، بعد خروجهما من محكمة غرب تعز.. في تعز، وهما أيضا ليسا عضوين في الإصلاح، فلا نكير إذن.
وعلى الرغم من أن اليدومي وعياله حصلوا على البيانات المطلوبة وزيادة قليل، بشأن الإصلاحي الميسري، فإن ذلك لم يكفهم، فشنوا حملة -مادتها تهم وتشويه وسباب- على الحزبين الاشتراكي والناصري بجريرة رفضهما التوقيع على بيان أحزاب الائتلاف الوطني.. ومن سوء حظ الإصلاحيين أن حملتهم طاولت خبراء بسلوك حزب الإصلاح.. طاولت حزبين كان أعضاؤهما عرضة للتكفير والإرهاب الجالبين للقتل، وعرضة للاغتيالات على أيدي الجهاز الأمني لحزب الإصلاح.