(قاطعوا البضائع الأميركية والإسرائيلية) لافتة شائعة في الأسواق الإيرانية وأسواق حزب الله في لبنان، حيث تجلب إليها تلك البضائع وتنفق فيها، وقد نقلت الجماعة الحوثية هذه اللافتة إلى اليمن التي لا توجد فيها بضائع إسرائيلية، أما الأميركية -على قلتها- فلا يشتريها سوى الأثرياء الحوثيين وغير الحوثيين، نظراً لأثمانها المرتفعة.
يزعم رجال الجماعة أن مقاطعة البضائع الإسرائيلية سلاح فتاك حسب ما قاله وزير إعلامها اليوم، بينما هم يصارعون وهما، ويدعون المواطن الدخول معهم إلى حلبة مصارعة لا يوجد فيها مصارع منافس، أما فتكهم فعلى فقراء اليمن ومساكينها وأطفالها.
ليس ثمة أي مرحلة شاهدت فيها اليمن تبادلا اقتصاديا مع إسرائيل، والمقاطعة العربية للسلع الإسرائيلية مستمرة منذ نحو ستين عاما، وخلال هذه الفترة ظل الاقتصاد الإسرائيلي ينمو، وتصنف دولة إسرائيل اليوم ضمن الدول الغنية، أو ذات النمو المرتفع، كما تصنف الجماعة الحوثية ضمن تنظيمات معدودة امكنت من تكوين امبراطورية مالية في أخصر مسافة وأقصر وقت.
الجماعة الحوثية مدمنة حقدا على الرئيس علي عبد الله صالح.. في الفترات الزمنية التي أعقبت استشهاده صارت تعبر عن هذا الإدمان بالكذب والافتراء وتزييف الوقائع السياسية، وأقرب مثال لذلك محاولتها البائسة التي أسمتها (تعاطي نظام صالح بإيجابية مع التوجيهات الأميريكية لإنهاء مقاطعة البضائع الإسرائيلية)، وبنت ذلك على رسالتين عاديتين، وزعمت أنها وثائق، وسبكت تقريرا مثيرا للسخرية، وهو أيضا يظهر ضحالتها السياسية والثقافية، وتقرأ في التقرير: أظهرت الوثائق، بينت الوثائق، تضمنت الوثائق، وضحت الوثائق، ضمت الوثائق، تكشف الوثيقة، تذكر الوثيقة.
ما هو الموضوع؟ إن وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، والسفارة الأميركية في صنعاء كانتا خلال الفترة الزمنية من مايو 1993 إلى نوفمبر 2007، مهمومتين بقضية واحدة.. وهي اقناع نظام علي عبد الله صالح بإنهاء المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، والسماح بدخول البضائع الإسرائيلية..(وقد تماهى مع التوجيهات الأميركية)!
من بداية عام 1993 إلى نهاية عام 2007، كانت قضية القضايا لدى الخارجية الأميركية والسفارة الأميركية بصنعاء هي الحصول على تماه.. 15 سنة استغرقتها الإدارة الأميركية من أجل التماهي.. تصوروا!
ولكن على الرغم من هذا التماهي، فإن الأسواق اليمنية لم تستقبل بضاعة إسرائيلية.. إننا هنا لا نسعى لدفع الجماعة الحوثية عن علي عبد الله صالح، وإنما أردنا تسليط بعض الضوء على السخف الحوثي، وعلى تزييف مثقفي الجماعة الحوثية وعي المواطن.. ويا ليتهم أحسنوا التعبير عن إدمانهم، وبذلوا جهدا كافيا لجعل التقرير يبدو قابلا للتصديق، فقد أخفقوا في ذلك، على طول خبرتهم في الكذب وصناعة الأوهام.. تماما مثل ما أخفقوا قبل يومين في سبك بيان مزيف باسم تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب.
قالوا إن التنظيم اصدر بيانا بشأن مشاركته في المعارك التي دارت بزاهر البيضاء وصومعتها... المعارك انتهت بهزم ميليشيا الجماعة وطردها من المديريتين.. كتبوا في البيان: لا تزال الحرب مستمرة على المجاهدين... هذه العبارة هي دعاية لمصلحة ميليشيا الحوثي.. بمعنى، انظروا أيها الأميركيين ها هو تنظيم القاعدة الإرهابي يعترف أن حربنا عليه أوجعته، وأننا ما نزال نحاربه.. وكتبوا في البيان أن تنظيم القاعد قال: واستبشر المجاهدون بمن أتوا معهم للرباط صفا واحدا.. فانظري يا أميركا ويا دول الغرب، هذا تنظيم القاعدة يؤكد أن إرهابيين أجانب قد جلبوا إلى البيضاء، لقد كنا نقول لكم ذلك فلم تصدقوننا.
البيان صناعة حوثية للدعاية للحوثية، ولا صلة قربى بينه وبين تنظيم القاعدة، فالقاعدة لا يمكنه أن يقع في سقطات غير معهودة عنه.. لا يكتب تنظيم القاعدة بياناته بلغة ركيكة، أبسط مثال لذلك (لا تزال الحرب..)، هذه صياغة حوثية، أما صياغة تنظيم القاعدة فهي ما تزال الحرب!