محمد اليدومي رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، تخيل يوم الخميس أمامه صورتين، أنكر فيهما الوقائع الحقيقية، حول علاقة حزبه مع الجماعة الحوثية وميليشيتها، وأشار إلى تواطؤ الدول الكبرى والصغرى مع الجماعة الحوثية في العام 2014، وهاجم الرئيس علي عبد الله صالح، بنفس سلاح الهاجم الذي استخدمه يوم 22 أكتوبر 2014، عندما كتب في صفحته بالفيسبوك، ناصحاً الجماعة الحوثية، وأعضاء حزبه، إذ قال: علينا أن نكون في غاية الحذر والانتباه من الأيادي الخفية التي تعمل جاهدة، وتسعى بكل ما أوتيت من إمكانات وقدرات للدفع بنا إلى الهاوية، فإنه وبرغم كل ما حصل، بإمكاننا تضميد الجراح، وأن نسوي الصفوف، ونعبّد لأنفسنا طريق الأمل.
حزب الإصلاح -ومعه أحزاب اللقاء المشترك- أيدوا تمرد الجماعة الحوثية التي كان يقودها حسين بدر الدين الحوثي منذ بدايته عام 2004، ومنذ ذلك الوقت وحتى العام 2010، لم يمر شهر دون أن يصدر الإصلاح وشركاه بياناً يدين فيه الحكومة، ويتهمها أنها ذهب إلى صعدة لتحارب جماعة تمارس حقها الدستوري في التعبير عن الرأي والمعتقد المذهبي.. كانوا يقولون إن الحكومة تشن حروباً عبثية في صعدة متذرعة بذريعة كاذبة، وهي أن جماعة الشباب المؤمن التي تملكها حسين على علاقة بإيران وحزب الله.. ولما ضعفت الحكومة بفعل ما سميت الثورة الشبابية- الشعبية، وتمكنت الجماعة من بسط نفوذها على صعدة، قالوا إن صعدة هي أول محافظة محررة.. وبينما كانت الجماعة الحوثية محاصرة في صعدة، أوصلها الإصلاح وشركاؤه إلى مخيمات الثورة والتغيير في صنعاء وتعز وغيرهما.
ودخل الإصلاح في حرب مع الجماعة الحوثية دفاعاً عن عمران عاصمة مشيخة الأحمر ممولي الثورة الشبابية وصانعي الرؤساء، فكانت ميليشيا الإصلاح تنهزم وتنسحب في اتجاه صنعاء، وميليشيا الجماعة الحوثية تلاحقها.. وبدأ حزب الإصلاح بعد ذلك الحوار مع من كان يسميهم أنصار الله حول نصيبه من السلطة.. ورعى جمال بن عمر مشاورات بين الطرفين كثيراً من المرات.. ففي 27 أغسطس 2014، كان طرفاها محمد اليدومي بصفته رئيس حزب الإصلاح، ومن الجماعة محمود الجنيد وحسين العزي، وزادت الاتصالات مع اقتراب ميليشيا الجماعة الحوثية من صنعاء، في منتصف شهر سبتمبر من نفس العام عقد بنعمر لقاءات للتوفيق بين الطرفين، وكان لقاء 16 سبتمبر مع اليدومي رئيس حزب الإصلاح، ومع ثلاثة يمثلون الجماعة وهم حسين العزي، محمود الجنيد، وعلي البخيتي الذي انشق عن الجماعة بعد ذلك. ويوم اجتياح صنعاء في 21 سبتمبر 2014، خطب عبد الملك الحوثي، وخص حزب الإصلاح بالتحية والدعوة إلى التعاون وإلى إتمام المصالحة، فسارع إلى الرد على تلك الدعوة رئيس الكتلة النيابية لحزب الإصلاح زيد الشامي، الذي دعا إلى العمل سوياً مع أنصار الله، وقال إن الظروف المحيطة توجب على حزب الإصلاح وأنصار الله العمل بصورة مشتركة.. وفي أول أكتوبر كشف قيادي في تكتل أحزاب اللقاء المشترك مقرب من الحوثيين والإصلاح، أن حزب الإصلاح وأنصار الله شكلا لجنة مكونة من أمين عام الإصلاح عبدالوهاب الآنسي، وعضو المكتب السياسي لأنصار الله علي علي العماد مهمتها التنسيق المشترك لإزالة آثار ومخلفات الحرب، وشكلت اللجنة هذه قبيل سقوط الفرقة الأولى مدرع، وسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، واشترط الإصلاح -حسب قول ذلك القيادي- أن يكون أساس عمل اللجنة هو أن الإصلاح حزب سياسي لا علاقة له بالحرب في صنعاء، وأنه لن يواجه أنصار الله في الدفاع عن الفرقة، أو عن جامعة الإيمان، أو عن المقار الحكومية نيابة عن الدولة.
تلك بعض الوقائع التي أردنا أن نذكر بها اليدومي، وهو يتخيل أمامه الصورتين المشار إليهما، بينما مكانهما في الخلف.. ففي الثانية، لمح أن الجماعة الحوثية صنعت بغرض ضرب الإخوان المسلمين.. وأن الرئيس علي عبد الله صالح هو الذي أوقد حرب صعدة، وأنه كان يوقفها باتصال هاتفي حرصا على جيشه (هكذا.. الجيش العائلي)، ولأن الصورة ملتبسة خلف اليدومي، فقد عاد وناقض نفسه، وقال إن حروب صعدة لم تكن حروباً في حقيقتها.. وزاد نسب إلى الرئيس علي عبد الله صالح ما ليس منه، بعد أن سلم السلطة وسلم الجيش والأمن لخلفه.
وهاجم اليدومي وزير الدفاع محمد ناصر أحمد، فقال لقد تم الإعلان بكل وقاحة وصفاقة أن القوات المسلحة تقف على الحياد في كل مراحل الاندفاع نحو العاصمة لأنه ليس لها ناقة ولا جمل فيما يحدث.. وبالفعل كان وزير الدفاع قد قال مثل هذا الكلام، فقد كان -ومعه الرئيس هادي- يعتبران أن الحرب في عمران بين الإصلاح والحوثيين ولا نريد أن نزج الجيش فيها، وذلك ردا على مطالبة الإصلاح له بالتدخل إلى جانب ميليشيا الإصلاح.. وهاجم الدول الكبرى والصغرى لأنها -يوم احتل الحوثيون صنعاء- لم تغلق سفاراتها ولا قنصلياتها، ولم تطلب من بعثاتها الدبلوماسية مغادرة صنعاء.. وليس لنا ما نعلقه بهذه الريبة.
أما في الصورة الأولى، فقد رسم اليدومي مشهداً خرافياً لحركة طالبان، يرينا التفاؤل الإصلاحي بمستقبل الحركة.. قال لقد سيطرت على معابر حدودية أفغانية إلى دول الجوار، وتساقطت أمامها القواعد العسكرية والمعسكرات التابعة للقوات المسلحة الأفغانية، كما تتساقط أوراق الخريف! لكن تفاؤل أو سرور اليدومي لم يدم، فقد استعادت القوات الأفغانية السيطرة على معبر سبين بولداك الحدودي مع باكستان.. وهو معبر واحد، وليس معابر، كما كثرها اليدومي كثر خيره على الجماعات الإرهابية.