عبدالله بن بجاد العتيبي
«إخوان تونس» الفشل و«النجاح»!
«جماعة الإخوان» فاشلة في السياسة دائماً، ولكن الفشل في السياسة لا يعني الفشل في الإرهاب، و«إخوان تونس» ممثلين في «حركة النهضة» و«الغنوشي» هم تأكيد لهذه القاعدة المطردة.
الفشل الذي حققه «إخوان تونس» هو فشلٌ تراكميٌ في عقدٍ من الزمن، فهم فشلوا في الاستحواذ على السلطة، وفشلوا في بناء الدولة، وفشلوا في البرلمان، وفشلوا في فهم الشعب التونسي، وفشلوا في فرض نموذج «الحضور المعطل» تشبهاً بنظام الحكم السياسي في لبنان، وفشلوا في «صناعة السخط»، التي أرادوا نشرها لدى الشعب ضد الدولة فانقلب سخطاً ضد «النهضة» و«الإخوان».
مقابل هذا الفشل، كان ثمة نجاحاتٍ -إذا صحّت التسمية- فهم نجحوا في تعطيل الدولة ونجحوا في بناء «تنظيم سري» يحاكي «إخوان مصر» في بدايتهم، و«نجحوا» في «الإرهاب» وهو نجاحٌ يحسب دائماً لجماعة «الإخوان» في كل أزمةٍ يمرون بها بحيث إن الطريق إلى «الإرهاب» سالكٌ لديهم وقريب المنال، تسوقهم إلى الأيديولوجيا بخطابها ومفاهيمها والخبرة بتراكم التجارب وطبيعة العلاقات.
نجاح «إخوان تونس» في الإرهاب يبدأ بتصدير الإرهابيين ولا ينتهي بالاغتيالات، فتونس صدّرت وبالآلاف، الإرهابيين لتنظيم «داعش» و«القاعدة» وتحدثت العديد من التقارير عن ذلك، و«إخوان تونس» قاموا باغتيال «شكري بالعيد» و«محمد البراهمي» ونجاحاتهم في الإرهاب ستتكشف تباعاً بعد تنفيذ الرئيس التونسي قيس سعيد لوعده باستعادة دور القضاء والمؤسسات العدلية وفتح الملفات المغلقة وملاحقة المتورطين، وهي ملفات ثقيلة ستقدم إجابات شافية للشعب التونسي وللمراقبين والمتابعين.
من نجاحات «إخوان تونس» أنهم راهنوا من بداية ما كان يعرف بـ«الربيع العربي» على ضرب «استقرار الدولة» وترسيخ «استقرار الفوضى» لأنهم يعلمون جيداً أنهم لا يحسنون السياسة، وإنما يبدعون في الفوضى التي تسمح بالإرهاب.
ومن الأمثلة الواضحة على فشل «إخوان» تونس سياسياً أنهم قابلوا قرارات الرئيس سعيّد بتخبطٍ فمرةً سموها «انقلاباً» وهو ما رفضته دول العالم، فهو توصيف شعاراتي لا علمي ولا سياسي ثم لم يكتفوا بهذا، بل لجأوا لجماعات ضغطٍ غربيةٍ من أجل خلق مزيدٍ من الضغوط على «الدولة التونسية» و«الشعب التونسي» في سلسلة قراراتٍ ومواقف تفضح المفضوح وتنشر الغسيل وبالتفاصيل حول أن جماعات الإسلام السياسي لا تؤمن بالدولة ولا تكترث للشعب.
دول الاعتدال العربي في السعودية ومصر والإمارات قدمت دعماً كبيراً لإصلاحات الرئيس سعيّد، وقد أوصل معالي الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات رسالة من رئيس الدولة للرئيس سعيّد تعبر عن تضامن دولة الإمارات مع الدولة التونسية وشعبها في استمرارٍ للدعم الإماراتي المستمر، وتأكيد على أن الدول العربية القائدة والرائدة تدعم «استقرار الدولة» في العالم العربي وترفض كل محاولات إفشال الدولة وإفقار الشعب التي تسعى لها بتخطيطٍ ووعي كل جماعات الإسلام السياسي.
عرضت بعض قنوات الفوضى الإخبارية حواراً مع مسؤول تونسي سابق تهجّم فيه على ما يسمونه «الثورة المضادة» وسمّى بعض الدول العربية الداعمة لتونس في محاولة لاستعادة زخم ما كان يعرف بـ «الربيع العربي» بعدما فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي شيء لمصلحة الشعوب العربية ودولها التي فشلت وتفشى فيها الإرهاب والأصولية كوباء.
الرئيس قيس سعيّد أمام مهمةٍ تاريخيةٍ لإنقاذ تونس من براثن الفوضى والإرهاب والأصولية بدعم عربيٍ قويٍ وبدعم من بعض الدول الغربية، ويبقى نشر خريطة الطريق كما يراها الرئيس لتلبية مطالب الشعب.
أخيراً، ففي الأزمات يتجه كلٌ لما يحسنه وينجح فيه، و«نجاحات» «إخوان تونس» المذكورة أعلاه كلها تصب في الإرهاب وخلق بيئة له لينتعش وينتشر ويتفشى، والشعوب التي جرّبت حكم جماعات «الإسلام السياسي» تعتبر سقوط تلك الجماعات نجاةً للدولة والشعب، وهذا ما جرى في تونس.
*نقلا عن صحيفة "الاتحاد" الإماراتية