د. صادق القاضي
سيطرة طالبان على أفغانستان.. علامات تعجب واستفهام.!؟
خلال أيام قليلة فقط.. سيطرت حركة "طالبان" على عشرات الولايات الأفغانية، وصولا إلى العاصمة كابول. محطمةً رقما قياسيا في سرعة التمدد والسيطرة على الأرض.!
اللافت أيضاً أن هذا التمدد تم بطريقة غير تقليدية. إذ لم تحدث مواجهات عسكرية كبيرة بينها وبين الأطراف المسيطرة. ولا مذابح وتصفيات فئوية. كما كان يحدث في العادة.!
كل ما حدث هو سقوط المدن والولايات الأفغانية بشكل درامي متسارع وسهولة عجيبة في يد طالبان، كما لو أن العملية عبارة عن تسليم وتسلم للسيطرة بموجب اتفاق غير معلن بين مختلف الأطراف الأفغانية.!
ثمّ أن طالبان لم تعلن للمفارقة أنها انتصرت على أحد. خاصة "الأمريكان" الذين أسقطوها عن السلطة قبل عشرين عاماً، رغم وجود قناعة عامة حتى في أمريكا باعتبار ما حدث هزيمة، ولا شيء يمنع طالبان من هذه المتعة المفضلة للجماعات الجهادية حتى في الانتصارات الوهمية.!
كما أن تصريحات "طالبان" وهي على مشارف كابول، كانت -على غير المتوقع- متعقلة، منفتحة، مطمئنة، ومتسامحة مع أتباع الحكومة السابقة، ومختلف الفئات الأفغانية، والرعايا والدبلوماسيين الأجانب.!
قال مصدر مسئول في طالبان: إن الحكومة المقبلة التي ستشكلها طالبان ستكون ممثلة لجميع الأفغان، وأن الحركة ستحترم حرية الإعلام، وحقوق المرأة بالتعليم والعمل والتجول الفردي. لكن مع ارتداء الحجاب.!
هل هي مناورة دبلوماسية قبل التمكن الكامل. أم تغيرت طالبان حتى على المستوى الأيديولوجي.؟!
هذه المفارقات وغيرها علامات تعجب واستفهام كبيرة، لا إجابات حالية شافية لها، وبالذات في ظل تناقض الإجابات الأمريكية والدولية عن السبب الذي جعل أمريكا تنسحب من هناك بهذه الطريقة المرتبكة المربكة، مضحيةً بحلفائها لصالح طالبان.!
• الرئيس الأمريكي: لا أريد أن أخلف المشكلة الأفغانية للرئيس القادم.
- بمعنى أن السبب ببساطة هو أن أمريكا تريد وضع حد لهذا الاستنزاف العبثي الذي لا يجب أن يستمر.
• البنتاجون: "لدينا تهديدات "إرهابية" تواجه مصالحنا أكبر من تلك الصادرة من أفغانستان".!
- مَن.. وأين؟!
خاصةً بعد سحق داعش تقريبا في العراق والشام.!
• البنتاجون: "ملتزمون بمساعدة الحكومة الأفغانية حتى نهاية الشهر الحالي.. ولا قرار لما بعد ذلك".!
- هل يعقل أن هذا التمدد والاجتياح المتسارع لطالبان.. تم في ظل المساعدة الأمريكية للحكومة الأفغانية.؟!
• البنتاجون: "لن نستخدم مطار كابول لضرب طالبان".!
- كما لو أنه يقول لطالبان: خذوا راحتكم.!
• البنتاجون: "نشارك المجتمع الدولي قلقه حيال الوضع في أفغانستان".!
- يعني. أمريكا محايدة. مثلها مثل غيرها بالنسبة لما يحدث هناك.!
أكيد. البنتاجون يهزر.!
أمريكا لا تنسحب من أفغانستان.. بل تسلمها هنيئة مريئة لطالبان.!
لكن.. لماذا.؟ ما المقابل؟!
• وزير الدفاع البريطاني: "سنعود إلى أفغانستان إذا عادت طالبان إلى إيواء القاعدة".
- هل هذا هو الالتزام الوحيد الذي على طالبان تقديمه في هذه الصفقة الهائلة. وما الضمانات.!
يمكن بسهولة اعتبار ما حدث هزيمة تاريخية مدوية لأمريكا، رغم أن البيت الأبيض يرى أن أهداف الحرب تحققت في أفغانستان بالقضاء على القاعدة هناك وإضعافها في بقية البلدان، ويرفض تشبيه أفغانستان بفيتنام.
لكن. في المقابل. يمكن تصور أن هذه الصفقة تنطوي أيضاً على توظيف الورقة الجهادية مجددا وبشكل مختلف ضد خصوم دوليين، كما حدث خلال الحرب الباردة.
ما تزال أمريكا والناتو يعتبران روسيا العدو الأول لهما. ومؤخرا تنافسها الصين على هذا المركز.
في كل حال الصين تراقب عن كثب وبصمت ما يحدث، بينما روسيا. وبخلاف أمريكا وبريطانيا وبقية الدول الغربية. أعلنت أنها لا تعتزم إخلاء سفارتها في كابول، ومستعدة للتعامل مع حكومة أفغانية مؤقتة.!.