د. صادق القاضي
الإخوان والإمارات.. وتجليات العلاقة على الواقع اليمني.!
الإمارات هي الإمارات، ووضعها في اليمن. اليوم، هو نفسه وضعها منذ بداية "عاصفة الحزم"، لم تكن "المسيح المخلص" كما كان يقول الإخوان عنها عندما كانت تمدهم بالكاش والكلاش، ولم تصبح "يهوذا الأسخريوطي"، كما بات الإخوان يقولون منذ اختلفت مع دولة قطر.!
هي هي. إيجاباً أو سلباً، أو إيجابا وسلباً، وانقلابها -بالنسبة للإخوان- من "إمارات الخير" إلى "إمارات الشر" لا يتعلق بتغير موقفها من القضية اليمنية، بل بتغير موقفها من قضايا وأطراف محلية ودولية معروفة.!
الإمارات لا تطيق الإخوان، والعكس، لكن حتى هذه النقطة المبدئية المعروفة جيداً، لم تمنع إخوان اليمن من أن يكونوا أول من استقبل الإمارات بالهتافات والتغاريد الحماسية واللافتات المبالغة في الثناء والتبجيل والترحيب المبتذل.
كانت الإمارات تدفع "الكاش والكلاش"، كما طلب أحد القيادات الإخوانية في بداية "عاصفة الحزم"، وفي المقابل انبطح الإخوان بلا كرامة للعق الحذاء الإماراتي. حتى أخطاء التحالف. كانوا يدافعون عنها لدرجة الفجور، واتهامنا نحن بالتحامل وقصر النظر، حسب تصريح الأستاذ محمد عبدالله اليدومي. رئيس التجمع اليمني للإصلاح:
"إلى المصابين بقصَر النظر، والذين نخشى عليهم من عمى البصيرة: دول التحالف وفي مقدمتها السعودية والإمارات يسكبون على ثرى أرضنا دماً وليس ماءً.. أفلا تعقلون"؟!.
كانوا يكذبون بفجور لصالح الإمارات التي يكذبون الآن بفجور ضدها، وما غير الأمر إلى النقيض هو -كما قلنا- ليس تغير موقف الإمارات من اليمن أو حتى منهم، بل تغير موقفها من قطر خلال الأزمة الخليجية المعروفة.
هكذا فجأةً. صرحت قياداتهم. عن الموقف المستجد المغاير تماماً، ودشنت ميليشياتهم الإعلامية وذبابهم الإلكتروني، الحملة ضد الإمارات واتهامها بالويل والثبور وعظائم الأمور، أمام ذهول التيار الوطني الذي بات هذه المرة متهما بالتواطؤ مع الشيطان.!
وكان الثمن باهظاً على القضية اليمنية، والصف الوطني، والحرب التي تتم تحت لافتة "الشرعية"، والجبهات التي كانت حينها مشتعلة على جميع المحاور، في تعز والجوف وعلى مشارف العاصمة صنعاء..
لم تعد القضية إخراج إيران من اليمن وتحرير الشمال من الانقلاب الحوثي، بل إخراج الإمارات وتحرير المناطق المحررة وفتح معارك ضد الانتقالي والمقاومة في الساحل الغربي. وعمل كل ما من شأنه إضعاف الصف الوطني وتحريف وتجريف القضية اليمنية حتى العظم.!
كان الإخوان قد تمكنوا تماما من نخر ما تسمى حكومة الشرعية، وعلى أساسها انحرفت بوصلة قضية وحروب الشرعية 180°. بدلا من الشمال اتجهت إلى الجنوب والغرب، سقطت نهم والجوف، والحرب التي كانت من أجل تحرير صنعاء أصبحت من أجل تحرير عدن، ومحاولة بائسة للدفاع عن مأرب.!
لم تكن الإمارات الملاك الحارس، لكنها ليست الشيطان المتربص، الذي صنعه الإخوان، وفي كل حال: وضع الإمارات في اليمن، هو كوضع السعودية تماماً، تحريراً أو احتلالاً، والتفريق بينهما -بالنسبة لبعضهم- على أساس أن الإمارات محتلة والسعودية محررة، هو شيء يتعلق بموقف كل من الدولتين من هؤلاء البعض، لا بوضعها الموضوعي في اليمن..