عبدالله الصعفاني
المنتخبات اليمنية.. أسئلة مصلوبة على صفيح ساخن
القضية أكبر من مجرد القول بأن منتخبنا الوطني تحت 23 سنة خرج من مشهد تصفيات الدوحة الآسيوية، تمامًا كما خرج قبلها من تصفيات الخُبر الغرب آسيوية، فيما حلقت الطيور الجارحة بأرزاقها وتأشيرة تفوقها.
القضية هي أن كرة القدم اليمنية وجمهورها بحاجة لاتحاد يقوم بتحليل المشاركتين بهدف الوصول إلى نتائج يتم البناء عليها في قادم المشاركات، وبدون ذلك سنبقى نراوح ذات أماكن الخيبة.
مهم جدًّا أن نناقش مشاركتي هذا المنتخب وفقًا لما قدمه، والتعرف على ما يجب أن يكون، ولن يتحقق ذلك بالتسطيح المتكرر، وإنما بالتشديد في مطالبة اتحاد كرة القدم بأن يعيد قراءة تفاصيل المشاركتين إعدادًا ومباريات تنافسية، مستويات ونتائج، ويستفيد من أخطائه السابقة في إعداد بقية المنتخبات اليمنية للمشاركات القادمة بصورة أفضل.
نريد من اتحاد الكرة هذه المرَّة أن يحلل ويعالج، ويستند في عمله على قواعد إدارية وفنية محترمة، وغير ذلك ليس سوى شكل من أشكال ضرب مواعيد مع الفشل وتكرار نفس الأخطاء، ونفس الخيبة، وذات الطحن للطحين.
وبالمناسبة.. هل في اتحاد الكرة اليمني لجنة فنية..؟ أين هو مكان إقامتها..؟ ما هي صلاحياتها..؟ وما هي صور التواصل فيما بينها..؟ وما هو مستوى تواصلها مع الاتحاد..؟ وهل لهذه اللجنة، إذا كانت حية تُرزق، رأي في مواضيع الإعداد والمعسكرات، أم أنها مجرد كوز مركوز يبرر لما هو فاشل وعجوز..؟
وهنا ليس أفضل من فتح مزاد أسئلة معلقة ووضعها على صفيح ساخن أملاً في الحصول على أجوبة يتم البناء عليها، بأمل ألّا يقلب الاتحاد للجمهور ظهر المجن من جديد، فلا يلقي بالاً للسؤال ولا للجواب.
ولن أكون هنا ضمن قطيع هز الرأس وطحالب المنطق التبريري البائس، فأقول مثلاً: البركة في ما حصل، أو أن أكثر من هذا (بطرة)، أو القول بعبط بأن (الكرة اليمنية مستطيلة)، ولا فائدة فيها أو أيش نفعل.. الدنيا حرب، لسبب بسيط، هو أن منتخبات بلدان الحروب والأزمات تبلي بلاءً حسنًا في سوريا والعراق وفلسطين وليبيا والسودان، ونحن في البحث عن شماعات الباطل قبل الحق.
وحتى نؤكد أننا رياضيون ولسنا أسماكًا ميتة، ما الذي يمنعنا من الجمع بين التبرير لِما حدث، وبين قراءة المشاركة الأخيرة في تصفيات مجموعة الدوحة، فنسأل لماذا لم يلعب منتخبنا مباراته الأولى أمام شقيقه القطري بروح عالية وأداء مقنع، رغم أنه كان مكتملاً وخارجًا من تصفيات غرب آسيا كإعداد بديل عن معسكره الداخلي الهزيل..؟
وإذا كان لعب مدافعًا لماذا تُوج عرضه الهزيل بهزيمة ثلاثية، وإن لعب مهاجمًا، أين هو الهدف الشرفي اليتيم..؟
في الدنيا كلها تتم قراءة وتحليل النتائج والاستفادة منها في المستقبل.. ولابأس من إغفال نسبة عدم التوفيق، وسوء الطالع أو حتى سوء النازل، وعندنا نتمسك بنفس الأخطاء..!
كان هناك خلل في تهيئة اللاعبين للمباراة الأولى، وكان هناك روح في الثانية.. وجيد ما شاهدناه من استغلال لضعف المنتخب السيرلانكي، ليس بحساب القدرة على الاستفادة من انكماش السيرلانكي على مدار المباراة، وإنما بالاستفادة من الكرات الثابتة، والخروج بفوز على منتخب ضعيف جدًّا، خسر أمام قطر بالخمسة، وخسر أمام سوريا بالخمسة، وغادر البطولة بلا نقاط وبلا أهداف.
في تصفيات مجموعتنا في الدوحة انتصر منطق أكاديمية سباير القطرية فخطفت عاصمة الرياضة العالمية تأشيرة التأهل بجدارة، وحضر منطق المواهب والحماسة السورية التي تحدت الحرب، حتى كاد المنتخب السوري أن يخطف تأشيرة التأهل في الشوط الثاني من مباراة تحديد من يتأهل.
وصار علينا في اليمن أن ننتصر ولو بصورة ثانية.
فنتعلم عدم خوض منافسات بإعداد بائس هزيل كما حدث في تصفيات غرب آسيا في مدينة الخُبر السعودية، ونتعلم كيف نضبط الثبات الانفعالي للاعبينا، وكيف نرتقي بلياقتهم البدنية، وكيف نجعل المنافسات المحلية والمعسكرات منتظمة، ونختار لإقامتها المناطق الأكثر أمانًا، والأكثر قدرة على الوفاء باستحقاق اختيار اللاعبين وحسن إعدادهم، والتشجيع على احتراف اللاعبين اليمنيين، مدركين معنى أن لاعبين اثنين محترفين في العراق ومصر مثل ناصر محمدوه ومحمد الداحي تصدرا الفترات الفعالة في أداء منتخب 23 سنة، سواء في تصفيات غرب آسيا في السعودية، أو تصفيات مجموعتهم الآسيوية في قطر.
إن النتائج التي حققها منتخبنا تحت 23 سنة تعد جيدة بحسابات سوء إدارتنا للكرة اليمنية، ولكن كيف نتناسى حقيقة أن المنتخب الذي يمثل اليمن هو يمثل بلد الثلاثين مليون نسمة، ويمثل شعبًا معظمه من الشباب، وفي اليمن مناجم من المواهب المنتظرة للرعاية، فضلاً عن حسنة أن جمهورنا من المغتربين هم الأفضل والأكثر تفاعلاً وحماسًا رغم ما يتعرضون له من إحباطات.
إن من الهطل في التفكير أن نعود من الدوحة وقبلها من الخُبر بصنادل حُنين، ثم نخوض في التزمير والتطبيل، متناسين أن المنتخب اليمني للناشئين سبق وأن تأهل عن القارة الآسيوية كلها إلى نهائيات كأس العالم بفنلندا، واستحق أن يسمى حينها منتخب الأمل، لكن سوء إدارة الرياضة، وكرة القدم تحديدًا، جعلنا نتحول إلى حالة سريالية، وخلطة من مخلفات فساد إداري ومالي يجعل الجمهور اليمني يحاول في كل مرة إشعال شمعة الثقة في مواهبه الكروية الواعدة، ثم لا يجد بُدًّا من إطلاق الشتائم على الشموع، وصب اللعنات على الظلام..!
*نقلا عن موقع اليمني - الأمريكي