حضرموت تشتعل غضبًا.. إصابات في تريم إثر حملة عسكرية لفض احتجاجات شعبية
الجنوب - منذ ساعتان و 57 دقيقة
شهدت مديرية تريم بمحافظة حضرموت، الخميس، تصعيدًا أمنيًا خطيرًا، عقب تدخل قوات تابعة للمنطقة العسكرية الأولى الموالية لحزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) لفض احتجاجات شعبية بالقوة، ما أدى إلى إصابة اثنين من المتظاهرين، أحدهما حالته خطيرة، وفقًا لمصادر طبية ومحلية.
وأفادت مصادر محلية وشهود عيان إن قوة عسكرية وأمنية شنت حملة قمع وحشية في دينة تريم بحجة فتح الطريق الدولي الرابط بين محافظتي حضرموت والمهرة، والذي كان مغلقًا منذ أكثر من أسبوع من قبل محتجين يطالبون بتحسين الخدمات وتوفير الكهرباء، في ظل أوضاع اقتصادية خانقة تعيشها البلاد.
وخلال العملية، استخدمت القوات الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، ما أدى إلى إصابة شابين في منطقتي الصدر والبطن، نقلا على إثرها إلى مستشفى سيئون لتلقي العلاج. كما منعت القوات الصحفيين من تغطية الأحداث، وطُلب منهم مغادرة المكان.
رغم تمكن القوات من إزالة الحواجز التي وضعها المحتجون وأعادت فتح الطريق الدولي أمام حركة شاحنات النقل، إلا ان المتظاهرين واصلوا التجمع والتجمهور وترديد الشعارات المنددة باستخدام العنف، وسط انتشار أمني مكثف لا يزال قائمًا حتى اللحظة تحسبًا لأي تصعيد جديد.
وتأتي هذه التطورات في إطار احتجاجات شعبية واسعة تشهدها مديريات وادي وساحل حضرموت، وعلى رأسها المكلا وسيئون وتريم، تنديدًا بتدهور الأوضاع المعيشية وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار، في ظل غياب أي حلول حكومية ملموسة حتى الآن.
وقالت مصادر محلية إن قوات الأمن اعتقلت عددًا من المحتجين خلال الأيام الماضية، في حين أسفرت المواجهات عن وقوع إصابات متفرقة، مما زاد من حدة الغضب الشعبي في المنطقة.
وفي أول رد فعل رسمي، أدانت القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت ما وصفته بـ"الاعتداء السافر والقمع الهمجي" الذي تعرض له أبناء مديرية تريم، محمّلة المنطقة العسكرية الأولى كامل المسؤولية عن ما جرى من إصابات وممارسات وصفتها بـ"الميليشياوية الخارجة عن القانون".
وقالت القيادة، في بيان رسمي، إنها تتابع بقلق بالغ ما يجري في تريم من ممارسات قمعية ضد مواطنين خرجوا للتعبير عن مطالبهم المشروعة، مؤكدة أن القوات استخدمت أسلحة خفيفة ومتوسطة لتفريق المتظاهرين، وفرضت طوقًا أمنيًا خانقًا على المدينة، وصولًا إلى مصادرة ممتلكات بعض المحتجين، بينها دراجة نارية أُخذت بالقوة.
وأكدت قيادة الانتقالي في حضرموت أن "ما يحدث يكشف الوجه الحقيقي لقوات المنطقة العسكرية الأولى التي لا تزال تفرض وجودها غير الشرعي في وادي حضرموت"، مطالبة بـسحب تلك القوات فورًا، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة أمنهم عبر قوات النخبة الحضرمية.
البيان دعا المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى توثيق الانتهاكات ورفعها للجهات المعنية، مطالبًا بمحاسبة المسؤولين عن القمع والإصابات، ومؤكدًا أن "حق أبناء حضرموت في التظاهر السلمي مكفول، ولا يمكن قمعه بالرصاص أو بالعسكرة".
كما حذرت قيادة الانتقالي من "مغبة استمرار هذه الاستفزازات"، مؤكدة أن "شعب الجنوب لن يقف مكتوف الأيدي أمام الانتهاكات المستمرة"، مجددة دعمها الكامل لأبناء تريم وكل مناطق وادي حضرموت، ومؤكدة أن "النصر والتمكين قادم لا محالة".
وتشير المؤشرات الميدانية إلى أن حضرموت تقف على صفيح ساخن في ظل تصاعد الاحتقان الشعبي، وعجز الحكومة عن تقديم حلول فاعلة، وسط مطالبات واسعة بإعادة هيكلة الملف الأمني في الوادي وتمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم بأنفسهم.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا النهج في التعامل الأمني مع مطالب الشارع، قد يفجّر موجة احتجاجات أكبر، تتجاوز حدود حضرموت، في ظل تدهور معيشي لم تشهده البلاد منذ سنوات.