سخط وغضب متزايد.. انتقادات علنية تكشف استبداد وفساد سلطة الحوثي
السياسية - Wednesday 20 August 2025 الساعة 08:16 pm
تشهد مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي الإيرانية في صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لها، تنامياً ملحوظاً في موجة السخط والامتعاض الشعبي، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتزايد الممارسات القمعية والتمييزية التي تنتهجها الجماعة.
ويبدو أن حالة الغضب لم تعد مقتصرة على الشارع فحسب، بل امتدت إلى أصوات برلمانيين وكتاب ونشطاء سياسيين خرجوا عن صمتهم، وبدأوا في كشف حقيقة ما يجري من ظلم واستبداد يرزح تحته المواطنون تحت سلطة الأمر الواقع. ويؤكد هؤلاء المنتقدون أن الجماعة الحوثية تمارس "الطغيان والهيمنة السياسية"، وتسعى إلى فرض مشروع ذي بعد طائفي بالقوة، من خلال الإقصاء الممنهج، ومصادرة الحريات، وتكميم الأفواه، فضلاً عن انتهاج سياسات اقتصادية تسببت في اتساع رقعة الفقر والبطالة، وتدهور مستوى الخدمات العامة.
ووجّه السياسي والقيادي في الحراك الجنوبي الموالي للحوثيين، آزال الجاوي، انتقادات لاذعة للحوثيين، متهماً إياهم بممارسة المذهبية والمناطقية والإقصاء السياسي والفساد المالي، فضلاً عن احتكار الاقتصاد. وقال الجاوي في تغريدة على "إكس": "سلطة صنعاء تمارس المذهبية، وتغرق في التمييز الاجتماعي، وتعتمد التفضيل القبلي والمناطقي، وتنهج الإقصاء السياسي، وتغرق في الفساد المالي، وتسيطر بالاحتكار الاقتصادي".
وأضاف بسخرية لاذعة: "ثم تتوهم أن اعتقال معارض، أو إيذاء كاتب، أو رفع متراس، أو إطلاق صاروخ، يمثل مواجهة حقيقية للمشروع الغربي والصهيوني!".
في تعليق سابق قال الجاوي: "أن سلطة الغلبة والإكراه لا يمكن أن تكون سلطة وطنية، حتى وإن امتلكت مشروعًا وطنيًا، في اشارة الى سلطة جماعة الحوثي. وأضاف: "أصل الحكاية باختصار: كيف تستعبدني من أجل مصلحتي؟!"، مختتما بالقول: "أبجدية أي مشروع وطني يجب أن تبدأ من حرية الأفراد في اختيار سلطتهم".
فيما النائب في برلمان صنعاء عبده بشر ذهب في الاتجاه ذاته، محذراً من أن الجماعة تعمل على "إلغاء تاريخ الشعب" عبر إشغاله بلقمة العيش وشل ذاكرته التاريخية وتغيير ثقافته. وقال بشر في تغريدة: "قيل، إذا أردت أن تلغي شعباً تبدأ بشل ذاكرته التاريخية وتشغله في لقمة عيشه، ثم تشوه ثقافته وتجعله يتبنى ثقافة أخرى غير ثقافته، ثم تلفق له تاريخاً آخر غير تاريخه وتعلمه إياه".
وأضاف: "عندئذ ينسى هذا الشعب من هو ومن كان وتندثر معالم حضارته، وهذا ما يراد ليمن الإيمان والحكمة".
وفي موقف يعكس بداية تصدع داخل البيت الحوثي، وجّه الناشط الكرار المراني – المعروف بولائه للجماعة – انتقادات حادة للسلطة في صنعاء، داعياً إياها إلى مراجعة الأداء والاعتراف بالأخطاء القائمة.
وقال المراني في منشور على "فيسبوك": "المتابع للوضع العام الراهن لدينا يُدرك حقيقة لا يمكن إنكارها، إن هناك استياء كبيراً لدى الشارع، ونرى مشاعر الاستياء داخل المجتمع تتزايد، حتى أصبحت حالة عامة وملموسة… أساليب التضييق أو محاولات التشويه لا تجدي نفعاً، كما أن إلقاء التهم الجاهزة على المعترضين أو المنتقدين يقلل من دوافعهم الحقيقية ويزيد في تعميق الفجوة بين السلطة والشعب".
وأوضح المراني أن الحل يكمن في "الاعتراف بالأخطاء والتعاطي الحكيم معها ودراسة الأسباب التي أوصلت الأمور إلى هذا المستوى الخطير"، مشدداً على أن "مراجعة الأداء والانفتاح على هموم المواطنين ليست خياراً ثانوياً، بل ضرورة وطنية واجبة على السلطة لضمان بقاء العلاقة بين الدولة والمجتمع ركيزة للاستقرار".
وتأتي هذه الأصوات الناقدة في وقت تتسع فيه دائرة الأزمات داخل مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يعيش ملايين المواطنين ظروفاً إنسانية واقتصادية صعبة في ظل انقطاع رواتب موظفي الدولة منذ سنوات، وتدهور الخدمات الأساسية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. ويرى المراقبون أن هذه الحالة دفعت شخصيات سياسية وبرلمانية وحتى ناشطين مقربين من الجماعة إلى رفع الصوت، في مؤشر على هشاشة الوضع الداخلي للجماعة، وصعوبة استمرارها في فرض مشروعها بالقوة وحدها.
وأكدوا أن تزايد النقد العلني من شخصيات محسوبة على الداخل يمثل نقطة تحول مهمة، كونها تكشف اتساع الفجوة بين السلطة والمجتمع، وتؤكد أن حالة السخط الشعبي لم تعد مقصورة على المعارضين التقليديين، بل باتت تمتد إلى الدائرة الأقرب للحوثيين أنفسهم.