المقاطرة تحت الحصار والقصف.. الإخوان يستثمرون مسرحية اغتيال محافظ تعز للانتقام

السياسية - منذ ساعة و 24 دقيقة
المقاطرة، نيوزيمن، خاص:

تتكشف في مديرية المقاطرة الواقعة على حدود محافظتي تعز ولحج أزمة أمنية وسياسية معقدة، بعد "مسرحية اغتيال محافظ تعز المدبرة" التي استغلتها قوات اللواء الرابع مشاه جبلي الموالي لحزب الإصلاح الإخواني لشن حملة عسكرية ضد أهالي المقاطرة لتعقب مطلوبين متورطين في إطلاق النار على موكب المحافظ نبيل شمسان.

بحسب مصادر محلية لـ"نيوزيمن" اقتحمت قوات اللواء الرابع مشاة جبلي قرى أسفل هيجة العبد في منطقة نجد البرد تحت شماعة "ملاحقة عناصر خارجة عن النظام والقانون ومتورطة في الهجوم على موكب محافظ تعز نبيل شمسان أمس الأحد والذي أسفر عن مقتل وإصابة 7 جنود.  الاقتحام تم تحت بقصف متواصل وإطلاق نار كثيف على المنازل والطرق العامة، أدى إلى حالة من الذعر بين السكان المدنيين وتهجير بعض الأسر قسراً من منازلها.

وشهدت القرى تمركز عدد من الأطقم العسكرية المعززة بعشرات الجنود على مداخلها ومخارجها، وسط فرض حصار محكم على السكان، بينما قامت القوات بمداهمة منازل واعتقال عدد من الشبان والأهالي دون تقديم أي مبرر قانوني واضح.

وتشير المصادر إلى أن الاقتحام لم يكن مجرد عملية أمنية محدودة، بل جاء كجزء من استراتيجية تهدف إلى السيطرة على المنطقة وإرهاب السكان المحليين، خصوصًا أولياء دم القتيل الطفل وائل وديع سلطان وأهالي المختطفين داخل سجون اللواء الرابع الذين يطالبون بالعدالة. 

الرواية الرسمية المقدمة من قبل اللجنة الأمنية الإخوانية في تعز تحدثت عن محاول اغتيال حقيقية تعرض لها محافظ تعز نبيل شمسان وقائد اللواء الرابع مشاه جبلي ابوبكر الجبولي، في المقابل هناك اتهامات محلية واسعة لفبركة الحدث من قبل قيادة اللواء الرابع بهدف الانتقام من أبناء المقاطرة وسحق مطالب العدالة المتعلقة بقتل الطفل وائل وديع سلطان المقطري.

نفي صريح 

من جانبهم نفى أبناء وقبائل منطقة نجد البرد في مديرية المقاطرة، صحة الاتهامات الإخوانية والمزاعم التي يرجون لها بشأن محاولة اغتيال محافظ تعز نبيل شمسان. وأكد الأهالي أن ما جرى كان نتيجة توتر مستمر منذ عدة أشهر على خلفية قضية مقتل الطفل وائل وديع سلطان علي، مشيرين إلى أنهم سلكوا المسار القانوني للمطالبة بتسليم المتهم للنيابة العسكرية، لكن الإجراءات لم تُستكمل.

>> هجوم عسكري يستهدف مواطنين في المقاطرة ويخلف قتلى وجرحى

وأشار البيان إلى أن الاتهامات المتداولة بشأن محاولة اغتيال المحافظ تمثل تسييسًا للقضية ومحاولة لشيطنة المنطقة واتهامها بالانتماء للحوثيين، مؤكدين أن سكان المقاطرة كانوا في طليعة من واجهوا هجمات الحوثيين سابقًا. 

وأضاف الأهالي أن الاشتباكات التي اندلعت لحظة مرور موكب المحافظ هي عقب قيام قوات اللواء الرابع بقتل المواطن باسم سلطان علي، وهم عم الطفل وائل الذي كان يشارك في الاعتصام، وأسفرت الاشتباكات بين أبناء المنطقة والقوة العسكرية المعتدية ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، قبل أن تنتشر تعزيزات عسكرية وتفرض حصارًا على القرى المجاورة.

وختم البيان بدعوة المجلس الرئاسي ووزير الدفاع والنائب العام والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى فتح تحقيق محايد في ما جرى، ووقف الانتهاكات، وسحب القوات المنتشرة في القرى، مؤكدين رفضهم أي محاولة لربط الأحداث بمحاولة استهداف المحافظ، ومطالبين بتسليم ملف القضية للجهات المختصة لضمان العدالة.

تجاوز صارخ للقانون

بدروه أعرب وكيل محافظة تعز، رشاد الأكحلي، عن قلقه البالغ إزاء الأحداث الأخيرة في مديرية المقاطرة، واصفًا التحشيد العسكري والقصف الذي استهدف المدنيين بأنه تجاوز صارخ للقانون وتهديد مباشر للأمن والاستقرار.

 وأكد الأكحلي أنه تواصل مع قيادات عسكرية ووجهاء محليين وجهات مختصة بهدف خفض حدة التوتر والعمل على حل الأزمة بشكل عاجل، وحماية الأهالي ومنع تفاقم الأحداث. وأشار البيان إلى ضرورة حماية أبناء المقاطرة فورًا ومنع أي أعمال عسكرية أو تحشيد يهدد حياتهم وممتلكاتهم، وفتح تحقيق مستقل لمعرفة ملابسات الأحداث ومحاسبة كل من يثبت تورطه، بما يضمن احترام القانون وسيادة الدولة. 

كما شدد الأكحلي على أن سكان المقاطرة الذين تصدوا لهجمات الحوثيين لا يمكن أن يكونوا عرضة للاتهام أو التخوين، مؤكدًا أن حماية المواطنين وتحقيق العدالة هما السبيل للحفاظ على السكينة والاستقرار في المنطقة.

وأكد الناشط الحقوقي وجدي المقطري أن ما يجري في المقاطرة نتيجة مباشرة للإفلات من العدالة بعد جريمة قتل الطفل وائل وديع سلطان المقطري قبل ثلاثة أشهر. وأوضح المقطري أن المتهم، علوي الحبولي شقيق قائد اللواء الرابع أبوبكر الجبولي، قام بقتل الطفل بدم بارد، ووضع جثمانه في مستشفى خليفة، وأبلغ عمّ الضحية بذلك دون أي اعتبار للقيم الإنسانية، فيما قوبلت جميع مطالب أولياء الدم بتسليمه للنيابة العسكرية بالتعطيل والحماية غير القانونية.

وأشار المقطري إلى أن المواجهة الأخيرة اندلعت عند النقطة الأمنية التي يشرف عليها والد الشهيد، الضابط وديع سلطان، عندما شاهد المتهم أثناء مرور أطقم عسكرية، وأدى التعرف عليه إلى إطلاق نار مباشر تسبب في إصابة والد الشهيد وشقيقه، واستشهاد باسم سلطان علي، عم الطفل وائل، وسقوط قتلى من القوة العسكرية التابعة للواء الرابع.

وأكد المقطري أن المسؤولية كاملة تقع على قائد اللواء أبوبكر الجبولي، نتيجة إصراره على حماية شقيقه ومنع النيابة من القيام بواجبها، مشددًا على أن عدم تسليم الجاني للعدالة وحمايته بالنفوذ كان السبب المباشر لتفجر الاشتباكات وسقوط الضحايا.

ردود غاضبة 

الحادثة والرواية الرسمية أثارت ردود غاضبة وانتقادات لاذعة لمحافظ تعز، حيث قال الصحفي جميل الصامت أن المحافظ نبيل شمسان "ابتلع الطعم" وسقط في ما وصفه بـ"كمين سياسي وعسكري محسوب" صُمّم بعناية لخدمة اللواء الرابع ومحور طور الباحة. 

ورأى الصامت أن ما جرى لم يكن محاولة اغتيال على الإطلاق، بل مسرحية مفبركة نفذتها نقاط عسكرية تابعة للواء الرابع لتبرير عملية عسكرية واسعة في المقاطرة. وأكد المحافظ يدرك جيدًا أنه لم يكن هدفًا لأي هجوم، لكنه – بحسب تعبيره – تبنّى رواية الإخوان للتغطية على الانتهاكات المرتكبة بحق أبناء المنطقة.

من جانبه، قدّم الناشط عادل البرطي قراءة أكثر حدة، واصفًا ما يجري بأنه "مؤامرة مخططة بعناية"، مشيرًا إلى أن الاشتباكات التي تم تسويقها إعلاميًا كمحاولة اغتيال للمحافظ لم تكن سوى مواجهات داخلية بين أطقم تابعة للجبولي، استُغلت كغطاء لاقتحام قرى المقاطرة والهجوم عليها بمختلف أنواع الأسلحة بهدف تصفية أولياء دم الطفل وائل سلطان وإسكات المطالبين بمحاسبة الجاني والإفراج عن المخفيين قسرًا في سجون اللواء. 

ووجّه البرطي نداءً عاجلًا إلى قائد اللواء الثاني عمالقة الشيخ حمدي شكري للتدخل وحماية الأهالي مما وصفه بـ"الهجمة البربرية"، مؤكدًا أن سكان المقاطرة "يتعرضون للهلاك" ولا بد من وقفة عاجلة لوقف الانتهاكات.