موشن جرافيك: قنبلة عائمة في البحر الأحمر.. ما هي وما خطرها؟

تقارير - Friday 21 August 2020 الساعة 10:34 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

تشغل ناقلة النفط اليمنية “صافر”، الراسية في مرفأ “رأس عيسى” المطل على البحر الأحمر، العالم مع إمكانية تسببها بكارثة بيئية “ضخمة”، إثر تسرّب ما فيها أو انفجارها في أية لحظة.

"صافر" التي بنيت قبل 45 عاماً تُستخدم كمنصّة تخزين عائمة، محمّلة بنحو 1,1 مليون برميل من النفط الخام وهي لم تخضع لأي صيانة منذ 2015، ما أدّى الى تآكل هيكلها وتردّي حالتها.

وحذرت صحيفة "واشنطن بوست من كارثة مشابهة لبيروت قبالة الساحل الغربي لليمن، قائلة إن سفينة كبيرة "المهددة بالانفجار الوشيك" ظلت عاجزة لسنوات في الماء، دق الخبراء جرس الإنذار مرارا وتكرارا، محذرين من كارثة كبيرة يمكن الوقاية منها، ومع ذلك تم تجاهل التحذيرات.

>> صحيفة أمريكية: تسرب النفط من ”صافر“ سيدمر بيئة البحر الأحمر

واتهمت الأمم المتحدة في وقت سابق ميليشيا الحوثي بعرقلة عملية إصلاح ناقلة النفط "صافر" طوال العامين الماضيين، محذرة من مخاطر بيئية ومعيشية واقتصادية كبيرة في حال عدم إصلاح الناقلة فوراً.

ما هي “صافر”؟

“صافر” خزان نفطي عائم شبه ثابت في المياه اليمنية العميقة بالقرب من ميناء “الحديدة”، ومحطة تصدير للنفط، بحسب صحيفة “إندبندنت“.

بدأت كناقلة نفط عملاقة، بعد الانتهاء من تصنيعها في اليابان عام 1976 من قبل شركة “هيتاشي زوسين” تحت اسم “إسو اليابان”.

بيعت لليمن عام 1986، وأُرسلت إلى كوريا الجنوبية لتحويلها إلى خزان عائم، بهدف تصدير النفط الآتي من مأرب اليمنية.

وكان الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، أعلن في نهاية 1984 اكتشاف حقلي نفط في منطقة مأرب، وأنه سيبدأ التصدير خلال عامين.

وكانت شركة “هنت أويل” الأمريكية، التي تتخذ من دالاس الأمريكية مقرًا لها، هي التي اكتشفت النفط في المنطقة، حيث أعلنت الاكتشاف الأول في صيف 1984.

وسبب الحاجة إلى “صافر” يعود إلى ضحالة الشواطئ اليمنية في البحر الأحمر، التي لا يمكن لناقلات النفط المجيء إليها، فكان الحل ببناء منصة عائمة من باخرة ضخمة وتركيزها وسط البحر في المياه العميقة، ووصلها بالميناء بأنبوب نفط.

أما النفط، فيأتي عبر أنبوب مأرب- رأس عيسى، الذي يجلب النفط إلى المنطقة.

ويعود سبب تسميتها “صافر” لاسم الشركة المالكة (شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج)، وهي مملوكة من شركة النفط والغاز اليمنية الحكومية.

و”صافر” هي أكبر شركة منتجة للغاز في اليمن تاريخيًا، وثاني أكبر شركة منتجة للنفط.

مخاطر من انفجار وشيك

صحيح أن النفط الخام بطبيعته مادة خاملة، ولا يشكل خطورة او سبباً للانفجار أو الاشتعال مثل مادة البنزين. لكن طبقاً لمختصين فإن الخطر يكمن في عملية التأكسد الذي يتسبب به الهواء الذي يشغل المساحة الفارغة في خزانات تخزين الناقلة، التي تستوعب قرابة 3 ملايين برميل من النفط الخام.

ويؤكد مدير البحوث والسياسات في مرصد النزاعات والبيئة في المملكة المتحدة، دوغ وير، في حديث سابق لشبكة CNN: ”أن جزيئات النفط في السطح، معرضة للتفكك، واعادة الاتحاد مع جزيئات الهواء في الخزان، وبفعل عامل الوقت يتصاعد خطر هذا التفاعل الكيميائي الذي يودي الي نشوب حريق، أو انفجار في نهاية المطاف”.

ويضيف وير: ”للتقليل من هذا الخطر وتفادي الاشتعال، نظراً لأن المحركات لا تعمل، فإنه من الضروري ابقاء نسبة الاكسجين في الخزان دون 11% عن طريق حقن الخزان بالغاز الخامل، للمحافظة على تركيز منخفض من الاكسجين. ولنا ان نتخيل خطر حدوث الانفجار في أي لحظة في ناقلة صافر التي تركت بلا صيانة طيلة 4 سنوات، الأمر الذي يفاقم نسبة المخاطر البيئية والآثار المترتبة”.

ويهدد التراخي الأممي بحدوث كارثة ستكون الأشد ضررا مثلما أحدث اتفاق استكهولم مآسي للمدنيين ودفع بالآلاف منهم لقائمة المواطنين الذين دمرت حرب الذراع الإيرانية حياتهم.

>> غوتيريش وإبداء القلق.. هذا أقصى ما تملكه الأمم المتحدة لمنع حدوث كارثة صافر

الأسماك والكائنات البحرية عرضة للخطر

بغض النظر عن السيناريوهات المحتملة لانتشار البقع الملوثة بالنفط في البحر، الا انه تظل هناك كارثة حتمية، وضرر مباشر يصيب البيئة البحرية الطبيعية التي يتمتع بها البحر الأحمر، وسيقضي على التنوع الحيوي.

فبحسب موقع Sciencing، يشكل النفط اثناء تسربه طبقة عازلة على سطح البحر، تؤثر سلباً على الاحياء البحرية، وتقتل بقع الزيت الاسماك والمحار والشعاب المرجانية كون الزيت يخنق الكائنات البحرية ويمنعها من التنفس.

كما أن غابات المانجروف التي تمتاز بها عدد من الجزر اليمنية في البحر الأحمر، ستتعرض للدمار والتلف، ولعل محمية جزيرة كمران الشهيرة بكونها أهم غابة بحرية تمتلئ بأشجار المانجروف ستتعرض لضرر ضخم، وغيرها من النباتات واشكال الحياة البحرية في بيئة البحر الأحمر. مما سيؤثر على السلسلة الغذائية، وعلى المدى البعيد سيحدث تراكما للسموم، فاليرقات والكائنات الحية الدقيقة تتراكم السموم في انسجتها، وهي تعد مصدر غذاء أساسي للأسماك الكبيرة.

إن الشعاب المرجانية التي يزدان بها البحر الأحمر، ستصبح هي الأخرى عرضة للموت، في حال حدوث تسرب نفطي. نظراً لحساسيتها، وهي تعد ثروة طبيعية، وسياحية، وجمالية، ومصدرا لتواجد الأسماك.

كارثة اقتصادية

الكارثة الاقتصادية هي الأخرى أحد أهم الآثار المترتبة على الكارثة، ففي حال وقوع تسرب سيتعرض مصدر عيش الكثير من الصيادين اليمنيين للخطر. لا سيما في الحديدة، والخوخة، والمخا، وباب المندب.

فاليمن البلد المنهك، والمتعثر اقتصادياً، والذي يعيش في ظل حرب وأزمة إنسانية تعد الأكبر في التاريخ. سيكون على موعد مع كارثة كبرى مضاعفة ومتعددة الأصعدة، في حال حدوث تسرب نفطي من الناقلة صافر. فبحسب الأمم المتحدة، يعتمد أكثر من نصف السكان على المساعدات الانسانية التي تتدفق عبر ميناء الحديدة، وفي حال توقفه قد يتضاعف شبح المجاعة ويعيق الوصول للمساعدات الإنسانية.

يرى الخبراء في موقع Atlantic Council أن عملية إفراغ الناقلة صافر من حمولتها النفطية، وعمل الصيانة اللازمة لها هي من الحلول الفورية واللازمة لتفادي حصول هذه الكارثة.

وتستعرض قناة "نيوزيمن"، على يوتيوب، فيديو موشن توضيحي لناقلة صافر وأخطار الكارثة التي قد تُسببها هذه الناقلة.