الحكومة فرص وتحديات: العودة للداخل وأداء الجبهات ضد الحوثي.. سيطرة الإصلاح وأبناء هادي

السياسية - Tuesday 22 December 2020 الساعة 08:03 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

صحيح أن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور معين عبدالملك يمثل نجاحاً يتعلق بتنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ولو أنه جاء بعد مرور عام كامل على التوقيع.

المهم في نظر الكثير من المراقبين يبقى مدى قدرة هذه الحكومة على النجاح وتحقيق الأهداف المرجوة منها.

ويمكن الإشارة إلى أن ثمة الكثير من العوامل التي يمكن أن تسهم في نجاح هذه الحكومة، أولها الدعم الكامل لها من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية والذي يقف خلف هذه الحكومة والتأييد الكبير الذي حصلت عليه من قبل الدول المشاركة في التحالف وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين.

كما أن تشكيل الحكومة، الذي ضم ممثلين للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يمثل القوة الفعلية المتواجدة على الساحة الجنوبية، يعد إحدى الركائز الأساسية في مسار إيجاد الأرضية الملائمة لنجاح الحكومة وقدرتها على التجاوب مع هموم وطموحات ومشاكل الناس، خصوصاً في المحافظات والمناطق المحررة من كهنوت المليشيات الحوثية، وبالذات أن تشكيل هذه الحكومة جاء بعد استكمال تنفيذ الشق العسكري والأمني لاتفاق الرياض.

ويرى المراقبون أنه بمقدور حكومة معين عبدالملك تحقيق النجاح إذا ما وضعت نصب عينيها قضية العودة للعمل من داخل العاصمة المؤقتة عدن وسارعت إلى وضع روزنامة الأولويات التي تهم الناس ووضع الحلول لها وفي المقدمة إيجاد حلول عاجلة لتدهور العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية وإعادة ضبط العمل المصرفي وإيقاف التسارع الكبير لارتفاع الأسعار خصوصا لجهة أسعار المواد الغذائية الأساسية والأدوية.

وبالإضافة إلى ذلك فإن إحدى أبرز القضايا التي يجب أن تسعى الحكومة إلى الاهتمام بها هي تحقيق الاستقرار الأمني في المناطق المحررة والسعي لتحقيق استقرار فيما يتعلق بصرف مرتبات الموظفين بشكل منتظم، والعمل على توفير الخدمات الأساسية وعلى رأسها توفير الكهرباء وخصوصاً في المحافظات الساحلية التي تعاني الأمرين جراء استمرار انقطاعها اليومي لساعات طويلة.

ويجمع المحللون أن إحدى القضايا التي يجب أن تركز عليها الحكومة الجديدة هي إيجاد آلية جديدة لمخاطبة الشمال وتحديدا المحافظات الغارقة في وحل مليشيات الحوثي وعلى رأسها العاصمة صنعاء عبر خطاب سياسي واعلامي جديد يشعر سكان هذه المحافظات بان هذه الحكومة تمثلهم وتتحدث مع العالم باسمهم وفي اطار ذلك تحقيق الوعود التي قطعت سابقا بتسليم مرتبات الموظفين وفقا لميزانية العام 2014م، والسعي لإيجاد تواصل مع القيادات السياسية والقبلية التي يمكن ان يكون لها ثقل وتأثير شعبي قادر على ان يسهم في مقارعة المليشيات الحوثية بشتى الوسائل بما في ذلك المقاومة المسلحة.

وفضلاً عن الجوانب الاقتصادية والأمنية والخدمية التي سيكون على الحكومة العمل عليها لتحقيق النجاح فإن القضية الأهم التي يمكن القول انها الاولوية الاولى التي يجب ان تضعها الحكومة الجديدة نصب عينيها هي قضية قيادة المعركة العسكرية والامنية ضد المليشيات الحوثية في مختلف الجبهات خصوصا وان التحالف العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة سيقدم كل الدعم المطلوب في حال استطاعت هذه الحكومة وضع قضية ادارة المواجهات العسكرية ضد مليشيات الحوثي بآلية واسلوب جديد وتحريك مختلف الجبهات والعمل على استعادة المناطق التي استطاع الحوثي السيطرة عليها ان لم يكن الحصول عليها بعد تسليمها من قبل القيادات العسكرية والمدنية المحسوبة على اطراف سياسية وتحديدا حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن).

وخارجياً فيبرز الدعم الكبير الذي تبديه المملكة العربية السعودية بوصفها عرابة اتفاق الرياض ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة وبقية دول التحالف، والاعتراف الدولي بهذه الحكومة كإحدى أبرز نقاط القوة التي يمكن ان تسهم في نجاح هذه الحكومة، وهو الأمر الذي ظهر من خلال مسارعة البنك الدولي لإعلان موافقته على تقديم منح لليمن بقيمة 303.9 ملايين دولار، فضلا عن الترحيب الرسمي الذي اصدره المبعوث الدولي لليمن بتشكيل الحكومة وانجاح اتفاق الرياض.

عوامل تهدد نجاح الحكومة

وفي المقابل فإن ثمة عوامل قد تسهم في فشل الحكومة وقدرتها على النجاح وربما الاستمرار لفترة طويلة وابرز هذه العوامل هي انها حكومة لم تراع التخصصات والكفاءات بقدر ما تم مراعاة الجوانب والمحاصصة السياسية وهو ما يظهر من خلال العودة إلى السير الذاتية لأعضاء هذه الحكومة.

وفي جانب آخر فإن فشل الحكومة في العودة إلى عدن العاصمة المؤقتة للبلاد والعمل منها وبشكل مستمر وبكامل اعضائها وضمان استلام مرتباتهم بالعملة الوطنية وليس بالعملات الاجنبية سيكون احد ابرز ما يهدد نجاح هذه الحكومة، ناهيك عن فشل الحكومة في محاربة الفساد المستشري في مختلف مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الحكومة نفسها سيكون ابرز العوامل التي قد تسهم في فشل هذه الحكومة بأسرع مما قد يتصوره البعض.

ويرى الكثير من المحللين أن عدم التجانس السياسي واستمرار حزب الإصلاح (الاخوان المسلمين في اليمن) في السيطرة على قرار الشرعية وقرار السلطة التنفيذية واستمرار التحكم في إدارة الجانب العسكري بعيدا عن علم الحكومة سيكون المسمار الذي سينسف متطلبات نجاحها خصوصا إذا استمرت قيادات الإصلاح في السعي لإرباك المشهد الأمني في المحافظات الجنوبية واستمرت في تقديم الهدايا المجانية لمليشيات الحوثي شمالا على غرار ما حدث في نهم والجوف ويحدث حاليا في مارب، وهو ما يحدث حاليا من خلال الحملات الاعلامية التي يشنها نشطاء وسياسيو حزب الإصلاح ضد الحكومة وضد المجلس الانتقالي الشريك الرئيسي اليوم في هذه الحكومة فضلا عن سعيهم لاستمرار توتير الأجواء الأمنية في المحافظات المحررة وافتعال أزمات ومعارك جانبية بعيدة عن الأهداف الحقيقية التي يسعى التحالف والمقاومون للمليشيات الحوثية لتحقيقها.

ويؤكد المحللون أن عدم تحريك الجبهات العسكرية لمواجهة مليشيات الحوثي شمالا سيكون بمثابة القشة التي ستقصم بعير الحكومة وربما الشرعية برمتها، وسيسهم في فقدان ثقة الداخل والخارج بالشرعية كمؤسسة وشخوص على حد سواء.

وبالإضافة إلى ذلك فيحذر الكثيرون من أن استمرار تدخل أبناء وأقارب الرئيس عبدربه منصور هادي في عمل الحكومة وإدارة دفة الجانب الاقتصادي بالطريقة الحالية سيكون احد أبرز عوامل فساد وفشل هذه الحكومة، خصوصا وأن الحكومات السابقة شهدت تدخلات سافرة من قبل ابناء وأقارب هادي وهي تدخلات تخدم مراكز القوى والنفوذ الفاسدة والمتهمة بممارسة فساد مالي كبير لصالحها ولصالح أقارب هادي نفسه.

وثمة إجماع لدى الشارع اليمني شمالاً وجنوباً أن عجز الحكومة عن محاربة الفساد وتقديم الخدمات الضرورية للناس والتوجه شمالاً لمواجهة مليشيات الحوثي سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش الشرعية، وسيفقد المجتمع الدولي وفي المقدمة التحالف العربي ثقته بها، وهو الأمر الذي سينعكس سلباً على مستقبل اليمن بشكل عام.

إقرأ أيضا:

>> بلقيس أسمتها حكومة آل جابر والسفير يرد: قوى خارجية ضد التوافق.. تفاؤل شعبي بحكومة المناصفة وإعلام الإخوان ضدها

>> فرص الحكومة وتحدياتها.. الميزانية وتوحيد الإيرادات والتوقف عن التوظيف السياسي للخدمات

>> تحديات ما بعد "الرياض".. العيسي والميسري وحميد الأحمر يدشنون حملة مشتركة

>> صراخ وعويل مع كل نجاح في اتفاق الرياض.. تشكيل الحكومة اليمنية يسقط هيمنة الإخوان على قرار الشرعية

>> القاضي قنان ينبه الحكومة: الإخوان والتعامل مع الجنوب بعقلية 7/7 وغياب أي ثقل شمالي