صراع الحوثية والسادة.. فيصل الصوفي يحلل الانقسامات الهاشمية وأخطاء عبدالملك

تقارير - Wednesday 19 October 2022 الساعة 08:35 am
نيوزيمن، كتب/ فيصل الصوفي:

صالح هبرة، الرئيس السابق للمكتب السياسي للجماعة الحوثية، يؤكد منذ ثلاث سنوات، تقريباً، أن عملية قتله أصبحت قيد النظر، وأن بعض قيادات الجماعة يرسلون إليه رسائل تحذير ووعيد.. وهو إن سلم من القتل حتى الآن فمرد ذلك إلى الثقل القبلي الذي يتكئ عليه، وليس مرده إلى مدة خدمته الطويلة للجماعة منذ كانت جنيناً.

سوف يظهر من خلال عرض الحالات التالية أن الشك يلقي عليها بظلاله، أو قل إن عناصر التباس تحيط بكل واحدة منها، فالضحايا ربما قُتلوا على أيدي قتلة من الجماعة، أو قتلة آخرين يعملون لحسابها بأجر، أو يشتركون معها في رغبة الخلاص من الضحايا، مثل تنظيم القاعدة، فمجدي المتوكل المنفذ الرئيسي لجريمة اغتيال الدكتور أحمد شرف الدين، عضو في تنظيم القاعدة وينتمي إلى أسرة هاشمية، كما ينتمي المقتول إلى أسرة هاشمية أيضاً.

اغتيل عضو مجلس النواب، ممثل الجماعة الحوثية في مؤتمر الحوار الوطني الدكتور عبد الكريم جدبان.. يقول صالح هبرة إن أحد أعضائها حذر جدبان من عملية اغتيال قبل أسبوع أو أسبوعين من العملية التي نفذت في شهر نوفمبر 2013 أثناء وجوده في جامع الشوكاني بشارع القيادة.

واغتيل الدكتور محمد عبد الملك المتوكل أوائل شهر نوفمبر عام 2014، بعد أن نجا من حادث دهس في العام 2011.. بعد نحو ست سنوات قضت المحكمة الجزائية الابتدائية بإعدام ثلاثة من أعضاء تنظيم القاعدة، لاشتراكهم في قتل المتوكل، ولم تعرض القضية على محكمة الاستئناف إلا بعد مرور ثماني سنوات، وقد دفع محامي المتهمين ببطلان حكم الابتدائية والاستئناف، خاصة فيما يتعلق بالمتهم الأول الذي قال إنه لم يكن قد بلغ السن القانونية وقت ارتكابه الجرم، ونفي ريدان محمد عبد الملك المتوكل منذ البداية علمه بالمحاكمة أو استكمال التحقيق.. هذا الالتباس يزداد تعقيداً بتصريحات الدكتور المتوكل التي كان يتهم فيها حزب الإصلاح وعلي محسن الأحمر بتهديده بسبب رفضه عسكرة ما سميت الثورة السلمية- 2011، ثم معارضته تفرد الإصلاح بالسلطة، بعد نقلها إلى هادي، وقال إن الإصلاح حزب يريد شركاء دون شراكة، وعلاقته بالآخرين محكومة بمخلفات متخلفة أيديولوجية ومذهبية وعنصرية ومناطقية، ويريد حكم بلد ينتمي سكانه لمذاهب وتيارات فكرية مختلفة، بينما يقصيهم ويضطهدهم ويظلمهم!

عائلة عبد الكريم الخيواني، الذي اغتيل في شهر مارس 2015، تبنت نفس الموقف الذي تبنته عائلة المتوكل من النيابة الجزائية وحكم المحكمة الجزائية الذي صدر عام 2022.

وحكمت الجزائية المتخصصة في نهاية يونيو2021 بعقوبة الإعدام على مجدي المتوكل بعد إدانته بقتل ممثل الجماعة في مؤتمر الحوار الوطني الدكتور أحمد شرف الدين في شهر يناير عام 2014.. بيمنا كانت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة قد أدانت مجدي المتوكل إلى جانب 14 متهما آخرين بالاشتراك في تنفيذ الجريمة والانتماء لتنظيم القاعدة، وقد تسرب أولئك المتهمون الأربعة عشر خلال الفترة الزمنية بين المحكمتين.

حول قضية اغتيال وزير الشباب والرياضة حسن زيد نهاية أكتوبر 2020، لا يزال الجدل قائماً إلى اليوم، فوزارة الداخلية في حكومة الجماعة ادعت أن مرتكب الجريمة ينتمي إلى تنظيم القاعدة، وأنه قتل في نفس اليوم أثناء فراره إلى إحدى مناطق محافظة ذمار، بينما يتهم شقيقه زيد وابنته سُكينة قادة في الجماعة بالتحريض على قتله، والتلاعب بملف القضية.

السؤال الكبير الآن: لماذا تسعى الجماعة للتخلص من أشخاص طالما عرفوا بالعمل لخدمتها؟

لا ندعي القدرة على تقديم إجابة جيدة، لكن أغلب الظن أن هناك ثلاثة أسباب أساسية: 

الصراع السلالي داخل الفرقة الهاشمية.. فالهاشمية لا تأتلف بل تفترق.. مثلاً -واعتذر عن أي خطأ في التصنيف الآتي- هناك سادة من نسل الحسين ومحمد ابني القاسم بن ابراهيم الرسي، ومن نسل الحسين: يحيى الهادي، وجد الحمزات عبد الله العالم.. ومن نسل محمد: القاسم الحرازي، وعبد الله.. ومن نسل يحيى الهادي: أحمد الناصر ومحمد المرتضى.. ومن نسل أحمد الناصر: يحيى المنصور، القاسم المختار، وعلي.. وهناك سادة من نسل رجال آخرين وهم فروع كثيرة معروفة اليوم كالحوثي والطائفي، لكن أدوارهم في الحكم خلال الفترة التي سبقت ثورة 26 سبتمبر 1962، كانت تقتصر على الوظائف الدنيا، أو كانوا مهمشين.. أما معظم السادة الحسنيين المؤثرين ذوي السلطة والنفوذ، فهم من أنسال الثلاثة المذكورين قبل (يحيى المنصور، القاسم المختار، وعلي، أولاد أحمد الناصر بن يحيى الهادي).. فمن نسل يحيى المنصور بن أحمد الناصر بن يحيى الهادي مثلا: يوسف الداعي، محمد، وعبد الله.. ومن نسل يوسف الداعي بيت شرف الدين، وبيت الإمام القاسم بن محمد.. ومن هذا البيت جاءت بيوت المتوكل، المهدي، بيت الهادي حميد الدين، المنصور، المؤيد.. 

هذه البيوت صارت هدفاً للحوثية التي تخشى منافستها لها على المدى الاستراتيجي.. 

والصراع -أيضاً- له علاقة بالنفوذ والمصالح، وقد بالغت الحوثية في تمكين أفرادها من مراكز النفوذ، وبالتالي المصالح، وحسبك أن خمسة من بيت الحوثي يتحكمون بالسلطة في صنعاء.. ويعارض السادة في صنعاء تغول رجال صعدة في مدينتهم، وسطوهم على العقارات الخاصة والعامة، فضلاً عن السيطرة على الانشطة التجارية الكبرى.. 

وهناك الخلاف المهم، وهو خلاف حول الأداء السياسي والإداري للجماعة، فالقرارات والتوجيهات المتعلقة بالشأن التنظيمي والشأن العام مصدرها جهة واحدة، هي زعيم الجماعة، وهذا الاحتكار الذي تصاحبه أخطأ سياسية واقتصادية واجتماعية ماحقة، لا يتقبله كل السادة الناصحين، الذين يعتقدون ضرورة مشاركتهم في اتخاذ وإصدار القرار.