من خامنئي إلى الحوثي.. محاربة إسرائيل وتحرير القدس شماعة لتنفيذ أجندة طهران

تقارير - Thursday 20 October 2022 الساعة 05:18 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

في محاولته للتضليل فيما يخص الانتفاضة التي تشهدها بلاده، زعم المرشد الإيراني علي خامنئي، في تصريحات له على تويتر، أن الاحتجاجات التي تشهدها بلاده على مقتل الشابة مهسا اميني -البالغة من العمر 22 عاماً على أيدي عناصر ما تسمى بشرطة الأخلاق الإيرانية- مدعومة من الخارج، زاعماً أن أمريكا وإسرائيل تدعمان هذه الاحتجاجات بهدف عرقلة تحرير القدس.

هذه المزاعم هي ذاتها المزاعم التي يكررها عملاء وقادة الأذرع الإيرانية المنتشرون في بعض البلدان العربية وتحديدا في العراق وسوريا ولبنان واليمن، والذين يتخذون من قضية فلسطين شماعة يعلقون عليها كل ما يخص الأكاذيب والمزاعم التي يطلقونها بهدف تحقيق أجندتها التي ترتكز أساسا على ضرب الأمن القومي العربي وبسط الهيمنة والنفوذ الإيراني في المنطقة العربية.

فلسطين وأكاذيب ملالي إيران

منذ إسقاط نظام الشاه وتأسيس نظام ولاية الفقيه في إيران على يد الخميني عام 1979م الذي أنشأ النظام الحالي في الجمهورية الإيرانية والقائم على كونها جمهورية إسلامية يتمتع فيها من يسمى بالمرشد الأعلى وقائد الثورة بصلاحيات مطلقة فيما تمنح بعض الصلاحيات الصورية لبقية قيادات المؤسسات الإيرانية (الرئاسة – الحكومة- البرلمان) حاول نظام طهران استخدام قضية فلسطين كإحدى الوسائل التي يسعى لاستثمارها لتحقيق أجندته الدينية المذهبية وأفكاره السياسية ومشاريعه القومية التوسعية.

وانطلاقاً من هذا التوجه أطلق الخميني ما يسمى بيوم القدس العالمي، ومنها استطاع أن ينفذ بأجندته إلى بعض الدول العربية التي قام بدعم الحركات الشيعية فيها لتكون بمثابة أذرع عسكرية وأمنية له فيما بعد، وهو ما بدأ يتضح بشكل أكبر بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية وما تلاها من أحداث في المنطقة، حيث صعد النظام الإيراني من تعزيز استقطابه ودعمه وتدريبه وتأهيله للكوادر والقيادات الشيعية في عديد دول عربية وكان له ما أراد، حيث استطاع إنشاء اذرع مسلحة في لبنان تمثلت في حزب الله، ولاحقا الحركات الشيعية العراقية بمختلف مسمياتها والتي توجت بإنشاء ما يسمى بالحشد الشيعي الذي بات الجناح العسكري المسلح لإيران في العراق، وصولا إلى المجموعات المسلحة في سوريا، وبالإضافة إلى ذلك دعمه وسيطرته على توجهات بعض حركات المقاومة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي وانتهاءً بإنشاء مليشيات الحوثي كذراع عسكري له في اليمن، ولذلك لم يكن مفاجئا حين أطلق أحد القيادات الإيرانية بعد سقوط العاصمة اليمنية صنعاء بيد مليشيا الحوثي تصريحه الشهير الذي قال فيه إن إيران باتت تسيطر على أربع عواصم عربية.

وعلى مدى العقود الأربعة الماضية ظلت قيادات النظام الإيراني تستثمر في القضية الفلسطينية من خلال إطلاق التصريحات والمواقف السياسية الجوفاء التي تزعم بأن طهران تهدف إلى تحرير القدس وتدمير دولة إسرائيل، فيما أثبتت الوقائع على الأرض عكس ذلك تماماً، حيث لم يخض الإيرانيون أي مواجهة ضد إسرائيل سواء أكانت مواجهة مباشرة أم غير مباشرة عبر وكلائهم.

ويدلل المراقبون بردود الفعل التي تطلقها إيران على حجم التدخل الإسرائيلي الذي ينتهك سيادة إيران وخصوصا فيما يخص الملف النووي، حيث نفذت إسرائيل عدة عمليات تفجيرات استهدفت مواقع نووية إيرانية، وكذا عمليات قرصنة للتكنولوجيا النووية الإيرانية وصولاً إلى الاغتيالات للعلماء الإيرانيين في مجال الطاقة النووية ومن أبرزهم محسن فخري زاده الذي اغتالته إسرائيل شرقي إيران في 27 نوفمبر عام 2020م الذي يوصف بأنه أبو البرنامج النووي الإيراني، حيث اكتفت طهران بإطلاق التهديدات الجوفاء بأنها سترد وستنتقم من إسرائيل دون أن تفعل شيئاً.

ويضيف المراقبون إلى ذلك الإشارة إلى موقف وكلاء إيران في سوريا على كل قصف تنفذه إسرائيل في سوريا سواءً ضد مليشيا تابعة لطهران أو ضد مخازن ومنشآت ومعدات عسكرية لأذرعها هناك، أو ضد قيادات تابعة لها يتم قتلهم من قبل القوات الإسرائيلية قصفا أو اغتيالا، حيث بات الموقف لا يتجاوز التصريحات التي تزعم بأنهم يحتفظون بحق الرد على إسرائيل في الزمان والمكان المناسبين.

حزب الله.. من تحرير القدس إلى الاعتراف بإسرائيل 

وعلى غرار الاستغلال السياسي لنظام طهران لقضية فلسطين والقدس مارس حزب الله، الذراع العسكري لإيران في لبنان، ذات النهج، ويكفي التدليل على ذلك بالدعاوى الكثيرة التي ظل زعيم الحزب حسن نصر الله يطلقها حول فلسطين وإسرائيل والتي وصلت، حد زعمه، في أحد خطاباته وهو يبرر تدخله العسكري في سوريا ودعمه لأذرع إيران في العراق واليمن بالقول: "إن طريق القدس يمر عبر الحكسة والزبداني والقلمون...والعراق واليمن"، بالإضافة إلى تصريحاته العديدة والشهيرة التي تهاجم أمريكا وتتهمها بأنها العدو الأول والشيطان الأكبر الذي يعد الحزب أحد أجنحة محور المقاومة الذي تقوده إيران في مواجهتها، وكان آخر تلك التصريحات ما قاله في مقابلة له على قناة الميادين المدعومة من إيران بأن أمريكا ليست وسيطا نزيها ولا يمكن أن يقبل حزبه بأن تكون وسيطا بينهم وبين أي جهة أخرى.

وعلى العكس من كل تلك الدعاوى، ظهر زعيم حزب الله مؤخرا ليعلن مباركته وتأييده لاتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي سيوقع بين لبنان وإسرائيل والذي تم برعاية ووساطة أمريكية وبموجبه سيتم ترسيم الحدود البحرية بين البلدين وهو ما يعني قانونيا اعترافا وتطبيعا من قبل لبنان وحزب الله على وجه الخصوص بإسرائيل ويجعل من المستحيل على حزب الله أن يكرر مزاعمه وأكاذيبه حول مبررات وجوده كحركة مقاومة هدفها مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الذي بات بموجب الاتفاق الأخير يملك اعترافا لبنانيا قانونيا بحدود دولته.

مليشيات الحوثي وتكرار مزاعم طهران وحزب الله 

مواقف المليشيا الحوثية، الذراع الإيرانية في اليمن، لا تكاد تختلف في شيء عن مواقف النظام الإيراني الذي تعمل معه ولا عن مواقف نظيرتها حزب الله اللبناني، حيث ظهر القيادي في المليشيا محمد علي الحوثي مؤخرا بتصريح مصور يزعم فيه أن الحرب التي تقودها مليشياته في اليمن سواء ضد الشعب اليمني أو ضد السعودية ليست سوى بروفة للحرب التي تهدف المليشيات لشنها ضد أمريكا وإسرائيل.

هذه المزاعم تكررها قيادات المليشيا وعلى رأسهم زعيمها، وإطلاقها في كثير مناسبات ولا سيما حين يتحدثون عن فلسطين، فيما تؤكد كل الوقائع على الأرض انهم يستخدمون قضية فلسطين ومزاعم الحرب ضد أمريكا وإسرائيل مجرد شماعة لتبرير جرائمهم وقتلهم لأبناء الشعب اليمني بمختلف الوسائل والسبل.

وعلقت مصادر سياسية في صنعاء لنيوزيمن، على تصريحات محمد علي الحوثي وزعيم المليشيات الخاصة بإسرائيل وأمريكا وفلسطين بالقول: إن تلك التصريحات تعد نسخا مكررة من تصريحات النظام الإيراني وتصريحات قيادات الأذرع الإيرانية في المنطقة؛ الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان، وليست سوى مجرد كلمات وعبارات تطلق في الهواء الهدف منها إقناع أتباعهم من الشيعة بأن لديهم قضية.

وتضيف المصادر: بالنسبة لمليشيات الحوثي في الوقت الذي تزعم فيه أنها تحارب أمريكا نجد أن قياداتها وبالأخص مفاوضيها المقيمين في سلطنة عمان يعقدون لقاءات متكررة ويبرمون صفقات عديدة مع الأمريكان سواء مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن السيد ليندكينغ أو مع مسؤولين أمنيين واستخباراتيين امريكيين يتولون الإشراف على الملف اليمني.

وتدلل المصادر على ذلك بعديد الصفقات التي عقدتها المليشيات الحوثية مع المسؤولين الأمريكان والتي أفضت إلى الإفراج عن بعض المواطنين من حاملي الجنسية الأمريكية مقابل إخراج وإعادة عدد من قياداتهم من وإلى اليمن عبر رحلات بين مسقط وصنعاء وعلى طائرات تابعة للقوات المسلحة العمانية.

وتشير المصادر إلى أن خضوع وقبول المليشيات بالتفاهمات الأخيرة بشأن تبادل الأسرى مع السعودية والتي كللت بزيارات متبادلة لوفدين سعودي وآخر يمثل المليشيات زارا كلا من الرياض وصنعاء وتوصلا إلى اتفاق بشأن تبادل الإفراج عن الأسرى، إلا نتيجة لضغوط وتفاهمات تمت بين المليشيا والمسؤولين الأمريكان وعلى رأسهم المبعوث الأمريكي الذي بات يجري لقاءات متواصلة مع قيادات في المليشيا ومعظمها لقاءات سرية تجري في مسقط.

وتختتم بالقول: إن مواقف إيران ووكلائها في المنطقة تؤكد أن قضية فلسطين ومزاعم محاربة إسرائيل وأمريكا لم تكن سوى أجندة تستغل لتمرير أجندة تتعلق بسعي طهران لبسط نفوذها وهيمنتها على دول المنطقة ونشر مفاهيمها المذهبية والعنصرية وأفكارها السياسية.