88 مليون دولار دعم جديد.. أموال المانحين تصب في وعاء الحوثي

إقتصاد - Sunday 14 May 2023 الساعة 02:57 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

في الوقت الذي تعقد فيه الأمم المتحدة مؤتمرات لجمع الأموال والمساعدات لدعم أنشطتها الإنسانية للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، تقوم الميليشيات الحوثية من خلال سيطرتها على المراكز الرئيسية للمنظمات الأممية في توجيه الدعم والاستحواذ على نصيب الأسد من تلك الأموال.

وخلال السنوات الماضية، برزت الكثير من المساعدات الأممية التي تم تسليمها لجهات حكومية خاضعة لسيطرة الحوثيين، بالرغم من التقارير الأممية التي تؤكد عرقلة إيصال المساعدات وتضييق الخناق على جهود ومشاريع الاستجابة الإنسانية في مناطق سيطرة الميليشيات المدعومة من إيران.

اليونيسيف تواصل دعم الحوثي

وخلال الأيام الماضية، وقعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) مع قيادات حوثية معينة في وزارة المياه والصرف الصحي، اتفاقية دعم بقيمة 88 مليون دولار، تحت غطاء تنفيذ مشاريع مستدامة في قطاع المياه والصرف الصحي.

ووفقاً لوكالة الأنباء سبأ بنسختها الحوثية سيتم تنفيذ خطة الدعم الأممي خلال العامين 2023 - 2024، وجرى توقيعها من قبل ممثل اليونيسيف في اليمن، بيتر جيمس هوكين، والقيادي الحوثي عبدالرقيب الشرماني المعين في منصب وزير المياه بحكومة الحوثيين غير المعترف بها.

ممثل منظمة اليونيسيف في اليمن أكد استمرار دعم الأمم المتحدة لقطاعي المياه والإصحاح البيئي خلال المرحلة المقبلة لتخفيف معاناة اليمنيين ومعالجة الإشكاليات التي تواجه هذا القطاع، ومساندة جهود توسيع خدمات ومشاريع المياه والصرف الصحي.

وسبق دعم وزارة المياه، تبني ذات المنظمة مشروع توفير طابعات لوزارة التربية والتعليم التي يقودها شقيق زعيم الميليشيات الحوثية، يحيى الحوثي. يأتي هذا الدعم لإسناد عملية طباعة المناهج التعليمية الحوثية التي تروج للأفكار الإرهابية وتعزز من عمليات التجنيد في صفوف الأطفال.

إصرار أممي على دعم الحوثي

دعم منظمة اليونيسيف الجديد للحوثيين، جاء عقب أكثر من شهر من توجيه أصدره رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني، إلى رئيس الوزراء معين عبدالملك، بشأن ما أثير حول عبث المنظمات الدولية العاملة في اليمن ببرامج المساعدات الغذائية والإغاثية والإنسانية والأموال المخصصة لذلك، وعدم التعامل بها من خلال البنك المركزي اليمني في عدن، وارتباطها بالأدوات الانقلابية ارتباطًا وثيقًا، وهول حجم المخالفات والعبث التي تمارسها تلك المنظمات.

توجيه البركاني أكد استمرار العبث والمخالفات والتلاعب، التي تقودها منظمات أممية والبنك الدولي بالتعامل بالمبالغ المستخدمة عبر البنك المركزي في العاصمة عدن رغم ضخامة المبالغ المعلن عنها، وإنما يتم توريدها إلى بنوك ومصارف خاصة وذلك بالمخالفة لما هو متبع، وعدم التعامل من خلال أجهزة الحكومة الشرعية.

شبهات سابقة 

توقيع الدعم الجديد لصالح الحوثيين، يأتي استمراراً لعمليات استنزاف أموال المانحين قامت بها منظمة اليونيسيف خلال الفترة الماضية، وأبرزها مشروع الحوالات النقدية الطارئة الذي كان يتم إدارته من الأردن منذ عام 2017م، وهو مشروع ممول من البنك الدولي، وجرى نقل مقره إلى صنعاء مطلع 2022م تحت إدارة الصندوق الاجتماعي، وتعيين شخص من جماعة الحوثي مديراً للبرنامج، لتتحكم به مليشيات الحوثي من خلال مشرفيها الذين يتولون عمليات الصرف في جميع مناطق الجمهورية والتلاعب بأسعار الصرف.

اختلالات أخرى تقوم بها منظمات أممية من بينها برنامج الغذاء العالمي، فيما يتعلق بحجم النفقات التشغيلية للمشاريع والتي تصل ما يقارب الـ70٪ كما يقال من إجمالي الدعم الممنوح، وكذا القيام بإرساء مناقصات على شركات بعينها وغير مؤهلة وبالمخالفة للقانون وللمواصفات الدولية.

تحذيرات حكومية 

وحذَّرت الحكومة اليمنية من تسخير ميليشيا الحوثي الدعم المقدم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" لصالح جرائمها، وتوجيه الدعم الذي تقدِّمه الدول المانحة، لصالح برامج تخدم الشعب اليمني.

وأشار وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إلى أن مهمة مكتب المنظمة في اليمن العمل على حماية الطفولة من مختلف التهديدات، وأخطرها أنشطة الميليشيا، ومناهجها التي تُمجد فكرة حمل السلاح لدى الأطفال وتدعوهم للذهاب بهم لجبهات للقتال، كي لا تكون المنظمة بذلك قد انحرفت عن الأهداف التي أسست من أجلها.

وأكد رئيس مجلس النواب، أن كل تلك الاختلالات والمخالفات التي تمارسها المنظمات الأممية، تضر إضراراً جسيماً بالمواطن اليمني ومجموعة المستفيدين من هذه البرامج، وتصب في مصلحة مليشيات الحوثي التي تقوم بنهب تلك المبالغ لتمويل أنشطتها العسكرية العدوانية ضد أبناء الشعب اليمني.

سيطرة حوثية على المنظمات

كثير من الدلالات تؤكد أن مسؤولي المنظمات الأممية والدولية العاملة في صنعاء، خضعوا للابتزاز من قِبل المليشيات الحوثية، وتحولت تلك المنظمات وبرامجها الإنسانية والإغاثية تحت قبضة المليشيات، وهو ما تؤكده عمليات النهب والسطو والتهام المساعدات وأموال البرامج والمشاريع وصولاً للتحكم في آليات توزيعها، وهذا تزامن مع حرمان المستحقين منها بشكل كامل.

اتهام الحوثيين بتوظيف ملف المساعدات الإنسانية والسيطرة على أموال المانحين ليس بالجديد، بل جاء عبر التفاهم مع المنظمات العاملة في مناطق سيطرتهم التي باتت تخدم مصالح المليشيات، وهذا أكدته السيدة ليز جراندي الرئيسة السابقة للعمليات الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، التي قالت إنّ الدولة البوليسية القسرية والمفترسة للحوثيين فرضت مئات القيود على إيصال المساعدات الإنسانية.

شركاء في النهب 

تقارير حقوقية ونشطاء محليون ودوليون أكدوا أن المنظمات الأممية والدولية في اليمن أصبحت شريكًا بشكل أو بآخر في تمكين المليشيات الحوثية من البقاء حاضرة على الأرض عبر دعمها سواء ماليًّا أو عسكريًّا، وهو ما جعل تلك المنظمات محط الكثير من الانتقادات والتي تصل إلى حد الاتهامات في أحيانٍ كثيرة، فيما يخص العمل على تأزيم الوضع الإنساني بدلًا من انتشال السكان من أعبائه.

محلل السياسات في المجلس الأسترالي للدراسات الدولية، عوفيد لوبيل، لفت في تقارير سابقة إلى الدور المشبوه الذي تلعبه منظمات إنسانية في اليمن التي تقدم أموالًا ضخمة بشكل مباشر من الوكالات الأممية لدعم آلة الحرب الحوثية، بما يرسّخ حضور المليشيات ويفاقم من المأساة الإنسانية.

الخبير الأسترالي قال: إنّ المليشيات الحوثية هي من تتحمّل سبب الكارثة الإنسانية في اليمن، عبر السطو على الكثير من المساعدات الإنسانية التي كان من المفترض أن تسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، علمًا بأن قدرًا كبيرًا من المساعدات يتم تقديمها من قبل المنظمات الدولية للمليشيات الإرهابية كدعم لتحسين أوضاع المواطنين، لكن هذه الأموال سرعان ما توظفها المليشيات لخدمة مصالحها.

استمرار تقديم الدعم للحوثيين رغم التحذيرات التي تضمنتها تقارير حقوقية ومسؤولين دوليين، يعتبر دليل بطش ونوعًا من أنواع التعاون المشترك فيما بين تلك المنظمات والميليشيات الحوثية. 

وتتبع المنظمات الأممية والدولية في صنعاء سياسات نهب واستنزاف منظمة لأموال المانحين بدءا من الميزانيات التشغيلية الضخمة كرواتب لموظفيها وبدلات الحماية والسفر وغيرها، فضلًا عن ممارسات مشبوهة مع الحوثيين تضمّنت الحديث عن صفقات وهمية يحصل الحوثيون بموجبها على أموال ضخمة دون أن ينعكس ذلك على الأرض بشكل حقيقي.