خذلان حكومي ينمّي واردات الحوثي عبر موانئ الحديدة

السياسية - Monday 11 December 2023 الساعة 10:53 am
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

تنامى حجم واردات الوقود والغذاء في موانئ سيطرة المليشيات الحوثية خلال العشرة الأشهر الأولى من العام 2023، وسط تراجع لافت لنشاط الموانئ الحكومية التي تتعرض لحرب اقتصادية ممنهجة من قبل ذراع إيران.

تقرير حديث لـ"برنامج الغذاء العالمي" صدر قبل أيام أورد إحصائيات جديدة حول نشاط موانئ الحوثي خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر 2023. وأوضح أن واردات الوقود والمواد الغذائية إلى موانئ الحديدة والصليف الخاضعة لجماعة الحوثيين بلغت 5.522 مليون طن متري، مقابل 2.070 مليون طن متري من الوقود والغذاء دخلت موانئ عدن والمكلا الواقعة ضمن نفوذ الحكومة اليمنية، خلال العشرة الأشهر الأولى من العام الجاري.

وأشار التقرير إلى أن موانئ سيطرة الحوثي بالحديدة استقبلت خلال فترة (يناير - أكتوبر) 3.454 مليون طن متري من الواردات الغذائية مقابل دخول 1.045 مليون طن متري إلى الموانئ الحكومية. حيث بلغت الزيادة لصالح الحوثيين بنسبة 230%. وفي جانب واردات الوقود سجلت موانئ الحديدة دخول 2.068 مليون طن متري مقابل 1.025 مليون طن متري في موانئ عدن والمكلا، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 102% لصالح الموانئ الخاضعة للحوثيين.

ورغم التدفق المستمر للغذاء والوقود لمناطق الحوثيين وبكميات مضاعفة، إلا أن المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات تعاني أوضاعاً معيشية صعبة. وأشار برنامج الغذاء العالمي، إلى أن المواد الغذائية الأساسية لا تزال متوفرة في الأسواق الموجودة بمناطق سيطرة الحوثيين نتيجة لانتظام دخولها عبر موانئ الحديدة والصليف، إلا أن نحو نصف سكان اليمن لا يزالون يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وأضاف البرنامج: "إن نتائج مسح ميداني لحالة الأمن الغذائي في اليمن لشهر أكتوبر، كشفت أن ما يقرب من 50 بالمائة من الأسر الواقعة في مناطق الحوثي لا تتمكن من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية". 

وتابع البرنامج الأممي "تجاوزت نسبة الأسر التي أبلغت عن عدم كفاية استهلاك الغذاء عتبة "مرتفعة جداً" البالغة 40 في المائة في 17 محافظة من أصل 22 محافظة. علاوة على ذلك، أشار مؤشر الجوع العالمي لعام 2023 إلى أن اليمن وصل إلى ثالث أعلى درجة في العالم هذا العام".

تحسن الحركة التجارية في موانئ الحديدة، جاء في ظل استمرار الميليشيات الحوثية بحربها الاقتصادية وتضييق الخناق على التجار وشركات الاستيراد وإجبارها على الانتقال من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة. إلى جانب منع تدفق المساعدات من الموانئ المحررة إلى مناطق سيطرة الميليشيات وهو ما دفع بتوقف نشاط الكثير من شركات الاستيراد عبر ميناء عدن بشكل خاص.

الإجراءات الاقتصادية الحوثية بدأتها منذ إعادة فتح ميناء الحديدة عبر اتفاقات الهدنة الأممية التي تنصلت من تمديدها الميليشيات في أكتوبر 2022. واستخدمت الميليشيات فتح الموانئ الخاضعة لسيطرتها كأداة ضغط اقتصادية على الحكومة وشرعت باستهداف مصادر تمويل الخزينة العامة، لدرجة توقف ميناء عدن بصورة مفاجئة في أيام بشهر نوفمبر عن استقبال أي سفينة تجارية، في سابقة لم يشهدها الميناء العريق والهام منذ عقود.

وبحسب الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي، ماجد الداعري، فإن هناك عوامل وأسباباً رئيسية أدت إلى تراجع واحتضار الحركة الملاحية في ميناء عدن وبعض هذه العوامل مرتبطة بالسياسة الحكومية في إدارة الشأن الاقتصادي والحرب الحوثية للتجارة.

وقال: تراجع النشاط الملاحي للميناء ومقاطعته من قبل شركات الاستيراد والخطوط الملاحية يأتي في ظل التحديات الأمنية الكبيرة المرتبطة بعمل الميناء وفوضى جمارك والنقاط الأمنية وصعوبات إخراج الحاويات وايصالها إلى مناطق الحوثيين شمالا، وغيرها الكثير من الأسباب المرتبطة بالحرب وتداعياتها التي وضعت الميناء في تصنيف الموانئ الأكثر خطرا بالعالم. ناهيك عن تعمد الحكومة اتخاذ قوانين عبثية من شأنها مضاعفة تدمير الحركة الملاحية للميناء كقرار مضاعفة قيمة الدولار الجمركي إلى 750 ريالا مقابل 250 ريالا بميناء الحديدة، أي بزيادة أكثر من ثلاثة اضعاف.

وأضاف الداعري: لا يمكن إغفال حقيقة أن هناك تجارا فعلا مورست عليهم تهديدات حوثية ومنعت بضاعتهم من الدخول إلى مناطقهم الأكبر سوقا وقدرات شرائية بأضعاف من مناطق الشرعية.

الجانب الحكومي وعلى لسان وزير النقل عبدالسلام حميد، أكد أن هناك جهودا تبذل مع مؤسسات الموانئ لإعادة حركة النشاط التجاري والملاحي في موانئ عدن والمحافظات المحررة بما فيها إنجاز التأمين البحري على السفن التجارية والقيام بإجراءات كفيلة بتحسين نشاط الموانئ".

وشدد "على ضرورة البحث عن الفرص والمزايا المتاحة لجذب الخطوط والشركات الملاحية والمستوردين ورفع كفاءة وقدرات العاملين بالموانئ للارتقاء بالخدمات الملاحية، وكذا معالجة الإشكاليات التي تواجه الوكلاء الملاحيين والتجار المستوردين أولا بأول".

وأشار الوزير حُميد حينها "إلى التطورات الأخيرة والناجمة عن فتح موانئ الحديدة بفعل الهدنة، دون أن يرافقها إلزام المليشيات الحوثية بفتح الطرق البرية التي تربط العاصمة عدن بالمحافظات الأخرى، وتسهيل حركة نقل السلع والمنتجات بين المحافظات وانعكاس ذلك سلباً على نشاط موانئ المناطق المحررة، وعلى كلف وأسعار السلع والخدمات".