المتاجرة بمعاناة أطفال اليمن.. اليونيسيف تخفض طلب مساعداتها للعام 2024

السياسية - Thursday 14 December 2023 الساعة 09:11 am
المكلا، نيوزيمن، خاص:

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" عن خطة الاستجابة الإنسانية للأطفال في اليمن للعام 2024، بقيمة وصلت إلى 142 مليون دولار أمريكي، في انخفاض كبير لخطة العام 2023 التي بلغت 484 مليون دولار.

ورغم التحذيرات والإحصائيات المتكررة التي تطلقها المنظمة لعدد الأطفال الذين يعانون من ويلات الحرب المستمرة في اليمن منذ 9 سنوات، إلا أن النداء الذي أطلقته "اليونيسيف" بشأن الاستجابة الإنسانية الطارئة للأطفال في اليمن كان صادماً وفتح الكثير من التساؤلات حول الاحتياج الفعلي لأموال المانحين التي تقدم لصالح التخفيف من المعاناة الإنسانية الصعبة التي يعيشها اليمنيون وشريحة الأطفال على وجه خاص.

في شهر أكتوبر الماضي؛ جددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" التأكيد على أن اليمن لا يزال أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، وأن نحو 11 مليون طفل في البلد يحتاجون إلى شكل أو أشكال من المساعدة الإنسانية.

إلا أن نداء طلب تمويل خطة المنظمة للعام 2024، كان أقل من العام الماضي بنحو مرتين ونصف عن مبلغ الخطة للعام 2023. رغم أن الاحتياجات في تصاعد مستمر مع استمرار التدهور وتفاقم الأزمات التي يعيشها الأطفال في اليمن.

تناقض كبير في ما تنشره المنظمة من تحذيرات من تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن، وما يتم تقديمه في نداءات للدول والجهات المانحة التي تقدم مساعدات لليمن عبر منظمة "اليونيسيف". كما أن التخفيض الكبير في طلب المساعدات وإسقاط اليمن من قائمة الدول الأكثر احتياجات للتمويل في خطة العام 2024 يكشف تناقضا كبيرا في سياسة عمل المنظمة وكيفية إدارة أموال المانحين المقدمة.

معاناة كبيرة

في 17 أكتوبر 2023، كان آخر تحديث لبيانات المنظمة بشأن الوضع في اليمن أوضحت فيه أن النظم الاجتماعية والاقتصادية الوطنية في اليمن لا تزال على حافة الانهيار التام، وأن الصراع والنزوح واسع النطاق والصدمات المناخية المتكررة تركت الأسر عرضة لتفشي الأمراض المعدية.  

وأشارت إلى أن ملايين الأطفال في اليمن يفتقرون إلى إمكانية الوصول للتعليم والصحة والمياه، ناهيك عن تفشي الأوبئة الكوليرا والحصبة والدفتيريا وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات. أضف إلى ذلك معاناة الأطفال من قتل وإصابة وتجنيد وحرمان من أبسط الحقوق.

وأكدت المنظمة في آخر تحديث لها أن الصراع في اليمن أدى إلى تفاقم أزمة سوء التغذية المستمرة، وأن أكثر من مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، بما في ذلك أكثر من 540,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم - وهي حالة تهدد الحياة إذا لم يتم علاجها بشكل عاجل. كما أدت الأضرار التي لحقت بالمدارس والمستشفيات وإغلاقها إلى تعطيل الوصول إلى الخدمات التعليمية والصحية. هناك أكثر من 2.7 مليون طفل خارج المدرسة، مما يجعلهم أكثر عرضة للخطر. 

إسقاط اليمن 

بحسب نداء منظمة "اليونيسيف" لخطة الاستجابة العالمية للعام 2024، قالت إن هناك زيادة مقلقة في عدد الأطفال الذين يواجهون أزمات إنسانية غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم، وأنها تطلق النداء لتمويل طارئ بقيمة 9.3 بليون دولار أمريكي للوصول إلى ما لا يقل عن 93.7 مليون طفل في 155 من البلدان.

وقال النداء: في عام 2024، يتوقع أن يحتاج الأطفال في جميع أنحاء العالم إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة في عالم يتأثر بشكل متزايد بالصراعات الوحشية والفقر والاستقطاب وآثار أزمة المناخ. تهدف اليونيسف إلى الوصول إلى ما يقرب من 147 مليون شخص على مستوى العالم بالمساعدات الإنسانية.

وأشار النداء إلى أن مناطق النزاع، يتحمل الأطفال قسوة واقع العنف والتهجير، ويواجهون التهديدات اليومية بالأذى الجسدي والصدمات النفسية وتعطيل تعليمهم وخدماتهم الأساسية. وفي الوقت نفسه، يواجه الأطفال في المناطق المتأثرة بالعنف أثره واسع النطاق على عافيتهم، ويكابدون الأضرار النفسية لانعدام الاستقرار، والمخاطر المتزايدة بوقوع الاستغلال وسوء المعاملة.

وركز النداء على تحديد 50 في المائة من التمويل على خمس حالات طارئة فقط متمثلة بـ"أفغانستان وأوكرانيا والسودان والكنغو واللاجئين السوريين" في حين جرى وضع اليمن ضمن ال50 بالمائة المتبقية والذي تضمن بوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار وهايتي وإثيوبيا واليمن والصومال وجنوب السودان وبنغلاديش.

تساؤلات متكررة

التخفيض الكبير في خطة الاستجابة للعام 2024، أعاد طرح المطالبات بضرورة فتح تحقيقات شفافة ومستقلة لمعرفة حقيقة المبالغ التي تحتاجها المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن، وكيفية إدارة خطة الاستجابة الإنسانية بشكل فعلي. فمع اتساع فجوة التمويل التي تعاني من خطط الاستجابة الإنسانية المقدمة من المنظمات الأممية والدولية، إلا أن التحديات المعيشية التي يواجهها اليمنيون بفعل الحرب الحوثية والتغيرات المناخية تزداد وتتطلب مزيدا من الأموال لتفادي الكوارث.

أحد الناشطين العاملين في الجانب الاغاثي في حضرموت، عمر الخضر، قال لـ"نيوزيمن": "التخفيض الكبير لمبلغ خطة اليونيسيف للعام 2024 بنحو مرتين ونصف عن العام 2023 يؤكد أن المبلغ المحدد بـ142 مليون دولار يكفي لتسيير الأنشطة الإغاثية والإنسانية في اليمن"، مضيفا: "خلال سنوات الحرب تسلمت اليونيسيف مبالغ تفوق المبالغ المحددة لهذا العام وبأضعاف وكانت النداءات مستمرة من أجل تدهور الوضع وتصاعد إحصائيات الأطفال الذين يحتاجون للمساعدة في مختلف النواحي".

وأضاف: "لم تتغير الاحتياجات بل على العكس زادت حدتها، في حين قررت المنظمة تخفيض المبالغ المالية المحددة لاستجابتها، وهو ما يضع تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت المنظمة بصدد حسر مشاريعها للعام 2024، أو أن هذا هو المبلغ الفعلي والحقيقي الذي تحتاجه المنظمة لتسيير أنشطتها ومشاريعها".

وقال الناشط الذي يعمل مع الكثير من المنظمات الأممية في جانب الرقابة والتقييم: "إحصائيات الأطفال المحتاجين للمساعدة في اليمن في تزايد وبشهادة اليونيسيف، فكيف يتم تقديم طلب تمويل الخطة للعام القادم بمبلغ أقل بكثير من العام الذي سبقه، مع أن فجوة التمويل للعام 2023 كبيرة وعكست بدورها على الأطفال الذين يحتاجون إلى المساعدة".