تراجع آمال الهدنة.. مطالبة عالمية بـ"تحقيق مستقل" في "مجزرة المساعدات" في غزة
العالم - Friday 01 March 2024 الساعة 06:21 pmطالبت الأمم المتحدة وعدد من دول العالم بسرعة إجراء تحقيق دولي مستقل إزاء الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي الخميس، بحق مدنيين عزل أثناء عملية توزيع مساعدات إنسانية في غرب مدينة غزة.
وأعربت بيانات الإدانة عن "صدمتها وقلقها"، إثر سقوط عشرات الضحايا الفلسطينيين وإصابة مئات آخرين، فيما بات يُعرف بـ"مجزرة المساعدات". ووفقاً لوزارة الصحة بقطاع غزة استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدنيين قرب دوار النابلسي أثناء انتظارهم لشاحنات تحمل مواد غذائية. وأسفر الاستهداف عن مقتل 112 فلسطينياً وإصابة 760 آخرين حالة الكثير منهم خطيرة.
وصدرت إدانات عن وزارات الخارجية في المملكة السعودية والإمارات والبحرين وقطر والعراق تستنكر استهداف المدنيين العزل شمال قطاع غزة، موضحين أن "إسرائيل أضافت جريمة جديدة إلى جرائمها ضد الإنسانية".
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي جو بايدن، إدانة مصر الكاملة لاستهداف المدنيين العزّل بالمخالفة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
كما أدان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ما سماها "المجزرة"، التي قال إن إسرائيل ارتكبتها بحق فلسطينيين كانوا ينتظرون وصول مساعدات إنسانية في شمال قطاع غزة، ووصفها بأنها "تصرف همجي".
من جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن "صدمته" بعد التقارير الواردة عن مقتل الفلسطينيين خلال هرعهم للحصول على مساعدات، مندداً بواقعة "مروعة"، ودعا إلى "تحقيق مستقل" لتحديد المسؤوليات.
وقال مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن جريفيث: "الحياة في غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة على نحو مروّع".
وكتب في منشور على منصة "إكس"، أنه "مصدوم"، مضيفاً: "حتى بعد ما يقرب من خمسة أشهر من الأعمال القتالية الوحشية، لا تزال غزة لديها القدرة على صدمتنا".
وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئاً مغلقا، مساء الخميس، لبحث المسألة والتصعيد الإجرامي الذي قامت به إسرائيل بحق مدنيين عزل يبحثون عن المساعدات الإغاثية.
وطالب السفير الفلسطيني في الأمم المتّحدة رياض منصور خلال الاجتماع بقرار يدعو لوقف إطلاق النار. وقال لصحافيين: "هذه المجزرة الوحشية دليل على أنه ما دام مجلس الأمن مشلولاً ويتم فرض الفيتو، فإنّ الفلسطينيين يدفعون حياتهم ثمناً". وأدانت السلطة الفلسطينية "المجزرة البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي"، واتهمت إسرائيل بالسعي إلى "ذبح الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه".
وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "سخط عميق إزاء الصور القادمة من غزة، حيث استُهدف مدنيون من جنود إسرائيليين"، مطالباً بـ"الحقيقة" و"العدالة".
وقال ماكرون في منشور على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "هناك سخط شديد إزاء الصور القادمة من غزة، حيث استهدف الجنود الإسرائيليون المدنيين. أعبر عن إدانتي الشديدة لعمليات إطلاق النار هذه وأدعو إلى الحقيقة والعدالة واحترام القانون الدولي". في حين طالبت وزارة الخارجية الفرنسية، الجمعة، بإجراء "تحقيق مستقلّ" حول ما حصل.
كما أعربت الصين، الجمعة، عن "صدمتها" إزاء المأساة، مؤكدة "إدانتها الشديدة" لما جرى. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينج "تشعر الصين بالصدمة حيال هذه الحادثة وتدينها بشدّة.. نعرب عن حزننا على الضحايا وتعاطفنا مع الجرحى".
وندّد منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بـ"المجزرة الجديدة"، واصفا ما حصل بأنه "غير مقبول".
وقالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، إن سقوط عشرات الأشخاص الذين كانوا ينتظرون قافلة مساعدات في غزة "كابوس" ودعت إلى إنهاء القتال في القطاع.
وأكدّت وكالات عدة تابعة للأمم المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة، أن مئات آلاف الأشخاص في شمال قطاع غزة يعانون من الجوع ولا يجدون ما يأكلونه، وأن المساعدات التي تدخل القطاع المحاصر شحيحة أصلاً، ولا يصل منها إلا ما هو نادر جداً إلى الشمال المدمّر على نطاق واسع.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، شاحنات تحمل العديد من الجثث. وتحققت "رويترز" من موقع مقطع مصور في دوار النابلسي يظهر شاحنات محملة بالعديد من الجثث، بالإضافة إلى جرحى. وأظهر مقطع فيديو آخر، أشخاصاً ملطخين بالدماء تنقلهم شاحنة وجثثاً ملفوفة بالأكفان ومسعفين يعالجون مصابين على الأرض بالمستشفى.
وكعادتهم خرج المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجارين ليشكك في صحة المعلومات التي تم توثيقها وتأكيدها حول شن جنود إسرائيليين هجوماً وحشياً على المواطنين العزل. وأدعى المتحدث الإسرائيلي أن سبب الحادثة هو تدافع المواطنين ودهس شاحنات المساعدات لهم، وأن البعض مات بسبب شجار من أجل الحصول على الإمدادات من الشاحنات.
وأصدرت حركة "حماس" بياناً ترفض فيه الرواية الإسرائيلية، وقالت إن وزارة الصحة قدمت أدلة لا يمكن دحضها على إطلاق النار مباشرة على المواطنين، بما في ذلك "الطلقات في الرأس بهدف القتل على الفور"، بالإضافة إلى شهادات جميع الشهود الذين أكدوا استهدافهم بإطلاق نار مباشر، دون أن يشكلوا أي تهديد "لجيش الاحتلال".
وتتراجع الآمال في التوصل إلى هدنة قبل بداية شهر رمضان الذي يفترض أن يبدأ في 10 أو 11 مارس، إذ قال بايدن إنه لن تكون هناك "على الأرجح" هدنة في غزة بحلول، الاثنين، بعد أن أعرب في وقت سابق من هذا الأسبوع عن أمله في وقف إطلاق النار بحلول الرابع من مارس.
ويحاول وسطاء من مصر وقطر وأميركا منذ أسابيع التوصل إلى اتفاق يسمح بوقف القتال، وإطلاق سراح رهائن مقابل الإفراج عن معتقلين إسرائيليين في سجون إسرائيلية.
وأجبرت المعارك 1.7 مليون شخص من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.4 مليون قبل الحرب، على الفرار من منازلهم.
وتقدّر الأمم المتحدة أن نحو 1.5 مليون فلسطيني يتكدّسون في مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع الحدودية مع مصر. وتوعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بشن هجوم على "معقل حماس الأخير" في رفح، على حدّ قوله.