الجرادي من جبال صعدة إلى حواري تعز.. مسيرة قائد حوثي امتهن القتل وفر من القتال

تقارير - Sunday 05 April 2020 الساعة 11:18 pm
تعز، نيوزيمن، هيلان السبئي:

في إحدى مواعظه العسكرية يقف القيادي الحوثي حسن الجرادي مخاطباً أفراده خلال الحرب الخامسة بقوله، الله قادر أن ينصرنا على العدو دون تمحيص، لكن الله يريد أن يعذبهم بنا نحن المجاهدين.. وبلغة تكفيرية طافحة كان خطاب الجرادي عن الجيش خلال حروب صعدة وبعد الانقلاب عن جيش الشرعية.

الجرادي خرج من المدرسة وهو في المرحلة الابتدائية، وأرسله حسين الحوثي طفلاً ومعه أبو جهاد العياني وآخران لتأدية الصرخة في الجامع الكبير بصنعاء قبل حرب صعدة الأولى، وتتلمذ على يد بدر الدين الحوثي قبل ابنه حسين، حيث كان بدر الدين يحل في منزل جده الجرادي في آل فاضل لتلقين الأطفال الفكر الطائفي.

تفخيخ عقول الأطفال بفكر طائفي وحصر طبيعة حياة الإنسان الدنيوية في القتال والبندقية كونه جندياً مع الله هي أخطر ما تعرض له أبناء صعدة، حتى تحول الكثير منهم إلى وقود لمعارك ومشروع يتجاوز محافظتهم وبلادهم حتى إلى أجندة إيرانية تبني من أجساد الموتى سلما للصعود إلى المساحة التي تأمل التموضع فيها.

كانت مهمة الجرادي، كما تم تلقينه، هي قتل جنود الدولة لأنهم كفار وأمريكان واسرائيلون سواء كان هؤلاء الجنود من الفرقة الأولى مدرع أو من الحرس الجمهوري.. وخلال حروب صعدة التي قاد بعض جبهاتها كان الجرادي مع كل جندي يمني يقتله يراكم رصيدا عند زعيم المليشيات الحوثية الجديد عبد الملك الحوثي بعد حسين الحوثي.

الأطفال الأربعة الذين أرسلهم حسين الحوثي لأداء الصرخة في الجامع الكبير بصنعاء أصبح اثنان منهم من أبرز قيادات مليشيات الحوثي في الحرب الرابعة والخامسة والاثنان عملا حارسين لعبد الملك الحوثي وهما الجرادي وأبو جهاد العياني، وواصل الجرادي المهمة، بينما قتل العياني في آخر يوم من الحرب الخامسة في جمعة آل فاضل..

بعد توقيع المبادرة القطرية وانسحاب قوات الجيش من مران كانت قوات عسكرية بقيادة الشهاري تتواجد في آل فاضل مديرية حيدان، وكانت مهمة الجرادي تفجير الموقف من جديد من خلال خرق الاتفاق وفتح جبهة جديدة ضد الجيش في آل فاضل وإفشال الاتفاق الذي نص على مغادرة قيادات مليشيات الحوثي إلى الدوحة وإعلان عفو عام عن المتمردين وإطلاق برنامج إعادة إعمار لصعدة.

نفذ الجرادي كمينا لطقم عسكري في الرصعة جمعة بني فاضل كأول مهام عسكرية مباشرة له لإفشال اتفاق الدوحة، وبعد ثلاث ساعات نفذ كمينا آخر وقتل أكثر من عشرة جنود في الهجومين، ونفذت الكمائن بقيادته وتنفيذ مباشر منه برفقه 3 عناصر أثناء تحرك الطقمين في طريق الصعود إلى موقع الجيش في المنطقة، وكانت حينها صعدة تعيش حالة إيقاف للحرب نتيجة المبادرة القطرية.

ونجح الجرادي في تنفيذ مهمته واشتعلت الحرب مجددا لتستأنف الدوحة تحركها ويتم الاتفاق على مغادرة قوات الشهاري مناطق آل فاضل في حيدان على أن يغادر المتمردون مواقعهم، غير أن المسلحين الحوثيين عادوا مرة أخرى إلى مران مشعلين الحرب لتستمر وتتمدد في مناطق أخرى بصعدة.

واصل الجرادي قيادة مجاميعه المتمردة ضد الجيش معتبرا كل الجنود والوحدات العسكرية كفارا وأعداء وأن الحرب عليهم مهمة موكلة من الله له ولرفاقه حتى سقطت صعدة في أيدي الحوثيين عام 2011م وانتقال مليشيات الحوثي إلى مرحلة ثانية من تنفيذ مشروعها لابتلاع اليمن مستغلة بدايات الفوضى في البلاد.

انتقل الجرادي من صعدة إلى صنعاء.. ودخل ساحة التغيير ثائراً وبحماية جنود الفرقة الأولى مدرع الذين كان إلى الأمس القريب يقتلهم في صعدة ويعتبر قتلهم تنفيذا لتكليف إلهي كونهم كفاراً وموالين لليهود.

ومن صنعاء بعد أن غسل جرائمه بحق الجيش والأمن وأبناء صعدة الذين رفضوا مشروع آل الحوثي توجه إلى تعز واستقر في ساحة الحرية ناشطا ثوريا قدم نفسه كرجل مدني يسعى نحو بناء دولة مدنية مع كل مكونات المجتمع وأسس خيمة أطلق عليها شباب العز علق بداخلها صور عبد الناصر وعبد الفتاح إسماعيل وأحمد ياسين وصدام حسين للتموية على نشاطه.

استغل الجرادي عدم معرفة الناس به كقائد عسكري حوثي وقامته القصيره التي تقدمه صغير السن أيضا، ومن ساحة الحرية تحرك لبناء خلايا حوثية في جبل صبر والجحملية وماوية وجمع أفرادا من مناطق تعز المختلفة خصوصا من ينتسبون للبيوت المعروفة بالهاشمية، واستمر في بناء هذه الخلايا، ثم انتقل إلى تشكيل قوة عسكرية وتدريبها والتواصل مع قيادات اجتماعية وسياسية ونشطاء وتمويل نشاطات ومظاهرات وكسب ولاءات مستغلا الخصومة بين مكونات العمل السياسي في المحافظة.

أثناء اجتياح المليشيات الحوثية صنعاء كان الجرادي أحد قياداتها العسكرية وبعد سقوط صنعاء عاد إلى محافظة تعز لتجهيز قوات الحوثيين استعدادا لاجتياح تعز.. وكانت مهمة الجرادي التخلص من حمود المخلافي وقواته والسيطرة على المعسكرات فى المدينة وأولها اللواء 35 مدرع.

قاد الجرادي جحافل مليشيات الحوثي للسيطرة على اللواء 35 مدرع وقوبل بمقاومة من مجموعة صغيرة بقيادة العميد عدنان الحمادي، رحمة الله عليه، والذي كان صاحب الطلقة الأولى في صدر الإمامة الجديدة، ولم يترك الحمادي مقر اللواء إلا بعد إصابته ومحاصرته مع رفاقه حصاراً خانقاً.. قدم الحمادي ورفاقه في هذه المعركة ملحمة وطنية لن تنساها تعز واليمن كلها.

غادر الحمادي اللواء 35 مصاباً وكان معه مجموعه صغيرة واجهت جحافل من الحوثيين وقوات نظامية من اللواء 35 وألوية أخرى ليتجدد النزال ويواجه القائد الشهيد عدنان الحمادي هذا القائد الحوثي الذي تدعي المليشيات أنه لا يُقهر ويهزمه في المسراخ والضباب والصلو والأحكوم والمعافر وفي كل الجبهات التي قاتل فيها العميد الحمادي مليشيات الحوثي.

الجرادي كان هو القائد رقم 1 في تعز، وهو مهندس حصار تعز وقتل أبنائها وتشريد المدنيين والتنكيل بهم، فهو صاحب القرار العسكري والأمر النافذ في كل صغيرة وكبيرة بتعز، وكان أشبه بحارس على معبر الموت في الدحي حيث تخنق المليشيات مدينة تعز في مربع سكاني يضم نحو مليون ونصف المليون نسمة أطلق عليهم مدينة الدواعش ليشرع في إبادة وتجويع وتشريد عشرات الآلاف منهم.

وفي تعز تعرض الجرادي لإصابة أثناء المعارك في الجحملية مع كتائب أبي العباس وقوات من المقاومة الشعبية، حيث شهدت الجحملية أعنف المعارك بعد أن اتخذ منها الجرادي مقراً له وللقيادات الحوثية التي تدير المعارك في تعز.. وتم نقله للعلاج إلى إيران وأجريت له أكثر من 11 عملية جراحية، حسب توثيق مصور عن مسيرته مع المليشيات نشره الحوثيون مؤخراً.

وعاد الجرادي من الخارج دون أن يتعافى بشكل كامل، واستمر يتلقى العلاج حتى انطلقت انتفاضة 2 ديسمبر، حينها ظهر الجرادي قائداً لجحافل المليشيات الحوثية التي اقتحمت منزل الزعيم الشهيد علي عبد الله صالح مواصلاً نهجه الإجرامي في قتل جنود الجيش اليمني، كونهم "كفاراً موالين لليهود والأمريكان".

وكان الجرادي، حينها، قد بدأ تشكيل ما أسميت بالقوات الخاصة الحوثية مستقطباً لها كثيراً من رفاقه الذين قاتلوا في حروب صعدة، وتم تشكيل هذه القوة وتدريبها على استخدام كل أنواع السلاح واختار لها أفراداً ممن تخرجوا من الحلقات الدينية المتشبعين بالفكر الطائفي التكفيري.

وبعد اقتراب القوات المشتركة من الحديدة ووصولها إلى أطراف المدينة أرسل عبد الملك الحوثي الجرادي كورقة رابحة أخيرة مع قواته لكي يقطع خط إمداد القوات المتواجدة من الدريهمي إلى الخوخة، وتحرك الجرادي بقواته في أكبر عملية انتحارية لقوات حوثية، واقتربت قوات الجرادي الخاصة من الخط الساحلي في الفازة وأصبح الخط تحت السيطرة النارية لتنفذ القوات المشتركة زحفا كبيرا شهد مصرع عدد كبير من عناصر قوات الجرادي الخاصة.

مسيرة العميد عبد الله حسن الجرادي وكثير من قيادات المليشيات الحوثية التي جمعها في تشكيل واحد دفنت في رمال الحديدة، حيث كان الجرادي يسير متخفيا على دراجة نارية مع مرافق له محاولا الهرب وترك جنوده يواجهون الموت.

الجرادي لم يقاتل بشجاعة كما كان يقتل الجنود اليمنيين متخفياً وفي كمائن وتفخيح طرقات وممرات وقصف منازل ومربعات سكانية تضج بالمدنيين.. حين كان هارباً كان سلاحه وجعبته زاخرة بالذخيرة، ففضل الموت هارباً على الموت مقاتلاً.. منهياً أسطورة زائفة صنعتها المليشيات كما تفعل دائماً. إنها تصنع قتلة ومجرمين لا يعرفون شيئاً عن أخلاقيات الحرب والمواجهات.