بالرصاص خط ديموغرافية اليمن، الصباري رجل الصبر من صنعاء إلى هنا في الساحل مروراً بالضالع أطلق كل أنفاسه بوجه الكهنوت الحوثي، كلما كانت أنفاسك قوية كنت الأقوى في ميادين الكفاح، فكل نفس طلقة، إنما ينتصر للأشخاص أنفاسهم، وهناك فرق بين فرد يتنفس رصاصاً وبين أنفاس الخيانات والخلف الآبق منذ البداية.
لكي أكتب هأنذا أستمع لأمل عرفة، دمت للتاريخ محرابا مهابا، أتذكر كل أحذية البطولة منذ عقود والرجال المارين بأحذيتهم وخطوا تاريخا من البطولة، إنهم الجند، جند الله، في تفاصيل التفاصيل، رجالات الوطن والمقاييس الدقيقة، من كانوا هم المتون في صدرية الجمهورية والحواشي، البداية والنهاية، فدعوني وكلي أسف أمهد لكم الفقيد منذ أول تحية للعميد في الساحل الغربي.
بين الكاف والنون ثمة أمل
بعمق الشتات الجمهوري ظهر طارق صالح، تناقلت القنوات ظهوره الأول، يلبس بزته العسكرية وحوله الجنود بفخامة الوطن المنصرم ويشكلون انطلاقة بزخم الأمس الذي نبكيه، كل الوسائل تناقلت الحدث، المواجيز، الجميلات في كل قناة، صفحات الفيس بوك، وتويتر، فالصواعق تمثلوا آنذاك بصورة بقية الوطن الجليل، بكينا بكاء الفرح، بكاء البذخ الجمهوري، ولتلك الصورة قصة، للصباري بالصورة حكاية، كان الجندي الذي قبالة العميد طارق شاحذا تحيته، لا أحد ينساها التحية، إنها مصافحة الجبال للجبال، وهل تتصافح الجبال؟ نعم تتصافح عندما تتفتت، وسأكذب لو قلت لم نتفتت، تفتت طارق، تفتت الصباري، الجميع تفتتوا في معركة ديسمبر، لكن، ومن التفتت صلابة، لقد عجنوا أنفسهم مجددا، مرة أخرى، عجنتهم أيادي الله، شكلتهم أنامل الوطن
تعال نتحدث عن الصباري
يحدثني أحدهم بحديث الأسف، الأحدهم هذا حديثه ممزوج بعظمة الفقد، يقول لي عن العقيد عبده مسعد الصباري إنه بعدما حوصر في الضالع مع العميد هادي العقولي وهما يقودان معارك الجمهورية ضد المليشيات، يكمل لي مقولة الصباري بعد فك الحصار عنه، أخبره صباحية اليوم التالي: مكاني ليس هنا، مكاني في الساحل الغربي، هناك سوف أموت وأدفن، نهايتي هنالك، وفعلا ذهب إلى الساحل وكان الساحل رقعته وكان مثواه أيضاً.
الصباري من مؤسسي المقاومة الوطنية، في الساحل الغربي، وخاض المعارك الجبارة من باب المندب إلى أبواب الحديدة كرئيس لعمليات اللواء الأول، تمعنوا بالأول، فهو بصدارة كل شيء، ثم تقلد منصب رئيس أركان اللواء الثالث حراس جمهورية، كان الصباري مثالا للجندي المخلص، كان يقدس التراتبية العسكرية، جهبذ.
النضال لديه هو الخسارة
بكل مناصبه، ومعاركه، وانتصاراته، يسكن والأحرى أقولها طالما قد استشهد تسكن عائلته بيتا شعبيا، فرأسماله الرجال، كما قالها كوشوفالي في مسلسل الحفرة، وليس المال، وهؤلاء فقط من نحتاجهم، فالنضال سمته التخلي، الخسارة، التضحية، قبل أن تضحي بروحك تكون ضحيت بكل شيء، فلا نصر لمن كدسوا المليارات بالحرب، واشتروا المنازل في العالم الجميل فيما الملايين هنا بلا منازل، ومنهم الصباري، القائد الفقير.