محمد عبدالرحمن
بالسلم أو بالحرب.. "عيدروس" الجنوب من أجل الشمال
اليوم هي معركة شواهدها حقيقية ومؤشراتها إيجابية ومنطلقاتها أكثر واقعية تجاه المليشيات الإرهابية الإيرانية التي تستوطن أرض الشمال وتسيطر على صنعاء، لا أحد اليوم يقف في المنتصف، الجميع ينظر إلى الشمال ويستعد للتقدم نحوه بكل ثبات، الجميع يتخلى عن أي اهتمامات أخرى تغني عن الاهتمام بتحرير الشمال وخاصة أن عوامل الهزيمة التي كانت تمنع تحريره قد تراجعت قليلاً للوراء بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.
عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، يفاجئ الجميع وهو ينظر إلى الشمال كبوصلة واحدة يجب التقدم حسب مؤشرها، أدرك أن الشمال لا بد أن يُستعاد وأن يتهيأ الجنوب لمعركة الخلاص، مفاجأة أذهلت الكثير الذين كانوا يراهنون على الانقسامات الكبيرة داخل التشكيلة الجديدة للشرعية، وكانوا يعتقدون أن بمجرد جلوس الزبيدي على الكرسي فإنه سيعلن الانفصال ويترك المعركة ويعود إلى عدن للحكم ولو في إطار الحكم الذاتي أو الفيدرالية إن كان الانفصال مؤجلاً، لكن رهاناتهم خسرت ومعها خسروا موقف الأبطال من أجل تحرير الشمال.
ظهر عيدروس الزبيدي وهو الجنوبي الذي قاتل من أجل الجنوب، يتحدث عن معركة الشمال في الوقت الذي ظهرت مفردات السلام كثيراً في خطابات الشماليين، يدرك هذا الرجل وغيره من الرجال الأوفياء أن الشمال لا بد أن يتم تأطير خيارات استعادته من إيران إما سلماً عبر التفاوض أو حرباً عبر البندقية، هذه الخيارات هي التي يجب أن تكون منطلق عمل المجلس الرئاسي الجديد.
حديث عيدروس الزبيدي الذي ظهر متزناً وذكياً أعاد الجنوب قاعدة انطلاق تحرير الشمال، ولم يغلق أبوابه، بل عزز من موقعه في الأهمية الكبرى لأي تحرك يصب في مصلحة المعركة وإنجاز المهام التي حملها المجلس الرئاسي على عاتقه، هذا الانفتاح الكبير على الشمال من شخص قيادي كبير من الجنوب هو نقطة يجب البناء عليها كقيادات شمالية تشاطر الجنوب الأرض والمعركة والمشروع الهادف للتخلص من الاحتلال الإيراني.
التوجه العيدروسي ومن خلفه الجنوبي نحو الشمال ليس تخلياً عن تحقيق أهداف الجنوب والحق في تنميته وتحريره من النهب والاستغلال والنفوذ الذي مارسته بعض قيادات الشرعية الهادوية والأحمرية باسم الشمال، وليس تخلياً عن الجنوب بكل أهدافه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن الظروف المناسبة هي التي يُحسن فيها القائد اختيار القرار المناسب فيها واستغلالها لصالح قضيته كما الزبيدي من أجل القضية الجنوبية.
لا يمتلك أحد اليوم حق نقض مناقشات القضية الجنوبية في أي مفاوضات أو تجاهلها في أي إطارات رسمية، هي القضية الجوهرية التي على أساسها سوف ينطلق الجنوب والجميع نحو الشمال وتخليصه من عملاء إيران وسيطرتها، والشمال بدون الجنوب لا يمكن أن يتحرر، وهذا ما أدركه الزبيدي في حديثه عن أهمية تحرير صنعاء بالسلم أو بالحرب.
إنها القوة والمشروع اللذين جعلا الزبيدي يتحدث عن قضية تمثل جوهر مشاريع القيادات الشمالية وأهم مشروعها وخاصة المقاومة الوطنية التي يترأسها طارق صالح.
يتفق الجنوب مع المشروع الوطني للمقاومة الوطنية، وهذا الحماس هو نتاج العمل الدؤوب للمقاومة والاتجاه نحو الشمال والإصرار الدائم على توحيد كافة الجهود والقوى للتحرك شمالاً، ولو لم يكن هناك مشروع شمالي كالذي تحمله المقاومة الوطنية، لما تحدث الزبيدي عن الاتجاه والمشاركة في تحرير الشمال، يتوافق الجنوب مع الشمال في هذا المشروع وهو النقطة التي سيعمل الجميع في إطارها.
ابن الجنوب ينظر صوب صنعاء ويده على الزناد وكتفه إلى كتف ابن الشمال الذي يحمل بذرة مشروع تحرير صنعاء وإنهاء الاحتلال الإيراني، لأن بقاء إيران هو تهديد مستمر للجنوب، ولا بد أن تنتهي المعاناة، ولا بد أن تكون هناك ترتيبات قوية تصقل المعركة وتشحذ من عزائم المجتمع للتهيؤ لمرحلة الخلاص الكبير.
شكراً يا ابن الجنوب.
شكراً يا عيدروس الزبيدي، نحن معك سلماً أو حرباً لاستعادة صنعاء من عبث الإرهاب الإيراني.