في ذروة الهدنة يذهب الحوثي إلى كرنفالات استعراضية لميليشياته الإرهابية، يرسم لوحة يحاول من خلالها استجرار الذاكرة الشعبية إلى أيام الدولة، وربطها مع استعراضاته وكأنه استقطعها من تلك الاستعراضات المهيبة التي كانت تجري في المناسبات الوطنية لأبناء القوات المسلحة والأمن، ويريد أن تكون استعراضاته في مخيلة الجماهير امتدادا لتلك التي كانت توجه مشاعر اليمنيين بالانتماء للدولة وللجيش على الرغم من وجود الاختلالات في بعض الجوانب.
استعراضات الحوثية الإرهابية في ظل وجود هدنة أممية لا أهمية لها من الناحية العسكرية، إلا في ما يتعلق بالحرب النفسية، وهي نوع من البروباجندا التي تستمر في استخدامها لشد انتباه الناس إليها، وصناعة صورة من صور الدولة التي تصنعها بأساليب وقواعد طائفية وعنصرية، وتريد أن ترسل إلى الناس في الشمال أن هناك دولة حوثية قائمة وأن هذه الاستعراضات هي دليل صدق حديثها.
حرب نفسية تقودها الحوثية الإرهابية على المجتمع، حيث تعبر تلك الاستعراضات المتكررة لنفس العناصر التي يتم نقلها من منطقة إلى أخرى، بأن أي محاولة للخروج عن إطار ما ترسمه الجماعة من قوانين لطاعتها والإذعان لها، فإنه سيتم مواجهتها بقوة وحزم، مما يجعل الناس عندما يشاهدون تلك الاستعراضات يعتقدون فعلاً أن الحوثية أصبحت دولة ولها طابع الرسمية، وهذه مشكلة ليس لدى الحوثية الإرهابية، بل في الوعي المجتمعي للرسائل التي تريد الحوثية أن توصلها إلى كافة مكونات الشمال الاجتماعية.
يرتدي المشاط بزته العسكرية، لكن هندامه يكشف مكنون دواخله المليشاوية، ويكشف أن مهما كانت الحوثية الإرهابية ترتدي لباس الدولة فإنها ستفشل، لا يمكن أن تكون دولة وهي في جوهر عقيدتها لا تؤمن بالطابع الرسمي والقانوني للدولة، يحاول المشاط أن يتقمص دور الشخصية الرئاسية، فتفضحه مشاعر التصنع وعقدة النقص، ولعله يدرك في نفس الوقت أن الناس سوف تنهال عليه بالنكات، ليس لشخصه بل لأسلوبه الذي يبحث في أن يكون رئيساً ولو لمرة واحدة.
في الاستعراضات المليشاوية تسعى الحوثية الإرهابية إلى أن يكون النشيد الوطني حاضراً، والفرقة الموسيقية بجوار المنصة، وعلى الرغم من العزف للنشيد والوقوف وكأنه احترام له، إلا أن القيادات الحوثية تنكشف مع أول بيت من النشيد، هي لا تحفظ أبياته، ولا ترغب في ترديده، لذلك تصمت وملامحها تفضحها وتكشف خبثها وحقدها تجاه النشيد الوطني، وبعد أن تستكمل الفرقة الموسيقية عزف النشيد تسارع الحوثية الإرهابية إلى إضافة شعارها كخاتمة لنشيد اليمنيين، وبهذا العمل تؤكد أن هذه المليشيات إذا استمرت في السيطرة فإن تغيير النشيد الوطني أصبح مسألة لا تراجع عنها، لأنه يتنافى مع عقيدتها ومشروعها الطائفي العنصري.
النشيد الوطني يفضح الحوثية الإرهابية، وهي تحاول أن تلبسه كمظهر من مظاهر وجود الدولة وسيطرتها، ووسيلة لخداع الناس بوطنية هذه المليشيات الطائفية التي تُدار بسياسة إيرانية وإشراف قيادات من الحرس الثوري الإيراني، لذلك مهما عزفته وتغنت به، فإنه لن يمنحها الشرف ولن تكون إلا جماعة إرهابية.