في خضم الأحداث والنكبات الشداد التي يمر بها العرب إجمالًا، والشعب الفلسطيني خاصة وعلى رأسها غزة الجريحة.
وفي خضم تداعيات ومآلات الأحداث السياسية وانتكاسات العرب المتوالية، والمد الصهيوأمريكي الذي يتغول في ثنايا الدول العربية والإسلامية، سيحل علينا خلال الأيام القادمة اليوم العالمي لمناصرة الشعب الفلسطيني وبالتالي سيستعد العالم العربي والإسلامي -كعادته- لرص الكلمات الرنانة، والخطب العصماء، واستجلاب مشاعر الحزن والأسى ورسم الدموع وعبارات الأنين.
سيرص العرب صفوف الكراسي والطاولات، وسينمقون الدعوات وربطات العنق الأنيقة في ندوات خطابية وفعاليات إنشائية مكررة ومملة لا تسمن ولا تغني من ألم الفلسطينيين.
كل هذا سيقومون به، في هذا اليوم السنوي والذريعة مناصرة فلسطين ولما يمرون به من عذابات دامت سبعة عقود ونيف، وما زالوا يكتوون بلهيب هذه العذابات حتى اللحظة.
العرب كذلك، لسبعة عقود ونيف وهم ما زالوا يجيدون تنميق الكلمات وتظهر ألسنتهم ما لا تكنه أعماقهم.
نستطيع أن نقول إن هذا اليوم صار بالنسبة لهم روتينًا سنويًا ليس إلا، سيمر وينتهي ويعودون لحياتهم وتبقى فلسطين لعذاباتها.
حقيقة، هم لا يحتفلون بهذا اليوم، بل إنهم يحتفلون بجرح دامٍ وآلام عميقة يتكبدها أهلنا في فلسطين.
ليس بجديد موقف الدول العربية والإسلامية من القضية الفلسطينية والذي يثبت مدى العجز والشلل التام في التعاطي معها، فلا جديد في المضامين أمام الأنين المتواصل للفلسطينيين وموجات التشرد والقتل والدمار ونقص في الأموال والعتاد والغذاء.
فلسطين ليست بحاجة لمناصرة، بل للاحتفال بيوم التحرير الفلسطيني..
نريد الاحتفاء بيوم التحرير للأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس وسيكون احتفالًا سنويًا يشهد أن العرب فعلًا انتصروا لقضيتهم الأساسية، أما احتفالات المناصرة هذه، فقد صارت روتينًا سنويًا باهتًا ومؤلمًا أيضًا، لا يحتاجه الفلسطينيون ولا يقدم لهم إلا مزيدًا من الألم وإثبات العجز العربي والخنوع للمد الصهيوأمريكي الذي أضحى غولًا يمتد في الدول العربية وارتباط البعض معه تجاريا وعسكريا واقتصاديا، مما يجعل من الصعب عليهم التحرك بجدية لتحرير فلسطين وبالتالي -كما قلت- ستبقى فلسطين لعذاباتها إلى أن يقرر العرب فك ارتباطهم بهذا الغول المرعب، فهل هم فاعلون؟