محمد عبده الشجاع
من قتل الطالبة رملية.. وجهُ السيد أم الزينبيات؟
في بيئة مليئة بالمتناقضات التي تصبح مع مرور الزمن سلوكا وجانبا مهما من حياة الأفراد، بغير وعي بكثير من المجريات؛ تظل الحاجة ماسة إلى خلق وعي متوازن، أو ماثل أمام الأرواح التي استقلت قطار الحياة لخلق جانب من البهجة والاستمرار.
ففي الوقت الذي كانت جريمة مقتل الطالبة (رملية الشرعبي) تتصدر العناوين بعد خمسة أيام من الغياب واكتشاف الجثة داخل سيارتها في وضع مأساوي يعكس -دون شك- مجموعة من الدلائل التي تشير إلى حدوث عملية قتل متعمدة مع سبق الإصرار، كان فريق آخر يحتفل بحجاب الطفلة الفنانة (ماريا قحطان) معتبرين أن ذلك إنجاز غير مسبوق.
لن أخوض كثيرًا في عملية الحجاب فهي حرية شخصية رغم التسطيح الذي يصاحب مثل هذه الجوانب ويجعل منها فكرة ذات بعد مرتبط بمسألة الأخلاق والدين المؤدي إلى الجنة أو النار، وغيرها من السياقات التي تفرز منطق عبثي يتم تصميمه وقولبته كأنه حالة قطعية.
السؤال الأهم اليوم بعد تداول تقرير الجهات الأمنية حول وفاة الطالبة وبدون أي احتمالات، من قتل رملية عبد الملك الشرعبي؟ هل هو وجه السيد الذي منحه لكثير من خصومه يوم احتل صنعاء وانقلب على نظام حكمها أم الزينبيات؟
بالتأكيد من قتلها وجه السيد، لأنه من المستحيل أن يتجرأ أي شخص ينتمي للجماعة ويعيش تحت مظلتها أن يقوم بعملية تصفية ما لم يكن ذلك الوجه الذي بلا ماء قد منحه الحق في ذلك التصرف.
اذًا لم يمنع حجاب الطالبة رملية القتلة من الوصول إليها ولا تفوقها واستعدادها للاحتفال بالتخرج بعد أيام قليلة، بل أن تقرير الأمن يفضح حجم التواطؤ مع القتلة وتغيير مجرى التحقيقات واعتبار أن العملية انتحار وأنه سبق وأن هددت بذلك قبل أربعة أيام بأنها ستنتحر.
تقرير الأمن والتحقيقات وبدلا من أن ينتصروا لفتاة ذنبها أنها آمنت بنفسها وواصلت تعليمها وحصدت العلامات الكاملة، ذهب بعيدًا واعتبرها عملية انتحار نتيجة للابتزاز الذي تعرضت له من قبل زملاء أو طلاب، وقد تم التعرف عليهم دون استعراض كافة الدلائل والرجوع للكاميرات والشهود، وإقفال ملف القضية على ذلك، ما يعني أن وجه السيد كان حاضرًا ساعة إنهاء حياة مواطنة يمنية كل ذنبها أنها وجدت في عصر عبد الملك الحوثي وعصابته.
تلك هي الصورة النمطية التي يجب أن يؤمن بها كل يمني يعيش تحت رحمة جماعة الحوثي، وهي (وجه السيد) أو بالأصح الإمام الذي يتم تهيئة البلاد بحالتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من أجل أن يكون مرجعها الوحيد أو بالأصح الحبل السري بين اليمنيين وبين خالقهم في السماء.
هناك آلاف الجرائم التي خلفتها ثمان سنوات من الحرب جاءت انعكاس لوجه السيد الذي كان يمنحه أنصاره أو أتباعه للمواطنين اليمنيين دون أي قيمة.
لقد تحول ذلك الوجه إلى ما يشبه الممسحة السحرية التي تعمل على تنظيف الجرائم والأدوات، من قتلٍ للصحفيين والمعتقلين، وطمس معالم الجريمة كما هو الحال مع (رملية) وكثير من الفتيات ممن يعتبرهن الحوثي جزءا من سقط المتاع، فيما هناك حالات ينتظرن حكم الإعدام والمؤبد.
ختامًا:
كان على حراس الفضيلة ممن هاجموا ماريا وهي في بداية مشوارها الفني كطفلة -وهي لا تزال في نظري كذلك- إلى جانب أنها بنت مؤدبة وذكية وموهوبة، وبدأوا يمدحونها بعد الحجاب معتبرين أنها دخلت الإسلام، أن يقفوا في وجه السيد وزبانيته ويقودون نفس الحملة من أجل فضح أخلاقيات هذه الجماعة الساقطة وما تقوم به من انتهاك لحقوق الإنسان اليمني وتجريف تاريخه وهويته.