خالد سلمان
السعودية بين عاطفة المشاط وتهديدات البخيتي والعزي
المشاط يتحدث بشوق ورغبة في إحراق المراحل وصولاً إلى السلام، ويدعو في اجتماع مجلسه السياسي الثلاثاء، السعودية بتدفق عاطفي إلى الانتقال من خفض التصعيد إلى التوقيع الفوري على خارطة التسوية.
وبما يشبه تسويق الحمائم والصقور والتجنحات داخل جماعة الحوثي، يبرز البخيتي في ذات التوقيت والعزي مهددين بإحراق المنطقة ومعها المصالح السعودية، وضرب كل سفنها وناقلات نفطها في البحر الأحمر ناهيك عن حقول النفط الداخلية.
هذان السياقان ليس عبثاً أن يبرزان في توقيت واحد، إنهما قنابل دخان لإخفاء حالة من الاستعداد الحوثي لأسوأ التوقعات، أي عودة الحرب ثانية، بعد الضيق الأمريكي من معاودة الحوثي بين حين وآخر استهداف السفن التجارية، وقول الخارجية الأمريكية بأن على الحوثي وقف تهديد الملاحة الدولية، وارتباط كل هذا بحالة من التقاربات السياسية الداخلية بين الأفرقاء المناهضين للحوثي، وهنا أقصد التكتل السياسي المزمع إنشاؤه، بشراكة أهم قوة عسكرية المجلس الانتقالي لسان حال القوات الجنوبية، إضافة إلى قوات طارق، وزيارة رئيس مجلس القيادة إلى مأرب ومغادرته اللافتة لخطاب السلام والانتقال إلى الاستعداد للحرب.
ما يجري في الداخل وإشارات الخارج، يوحيان أننا ربما نكون أمام مرحلة مختلفة في سياقاتها عن سابق ممالأة الحوثي، ورغبة واشنطن في احتوائه عبر جوائز ومغريات تحسين وضعه التفاوضي، ورفع منسوب حصصه في مخرجات التسوية، وأن خياراً آخر يبرز لعله يكون هو البديل، خيار الرهان على قوى الداخل بسد فجوات الخلاف السياسي البيني، والتوافق على تسوية الملعب بالاعتراف بالقضية الجنوبية قبل الشروع بخطوة من شأنها أن تعقلن جنون الحوثي، وتعيد صياغة الأحجام السياسية العسكرية بحراك مسلح، من شأنه أن يفضي إما إلى جر الحوثي إلى طاولة التفاوض من موقع الضعف، أو الإطاحة به كلياً وإخراجه من المشهد كقوة فاعلة.
تصريحات الخارجية الأمريكية ولقاءات عدن وزيارة العليمي لمأرب وتغيير خطابه السلامي تجاه الحوثي، كل هذا التحول بالموقف من الصدامية بين القوى المناهضة للحوثي، إلى توافقات سياسية، جميعها هي من دفعت المشاط إلى استرضاء السعودية، والعزي والبخيتي إلى تهديدها والتصعيد ضد الأمريكان، من موقع إدراك أن الأيام القادمة حبلى بمفاجآت ربما تجعل الحوثي بين مسارين: ما قبل وما بعد احتمالية المواجهة القادمة.
وتبقى الأسئلة الكاشفة عن مدى جدية النقلة التالية من عدمها:
هل الجيش الشرعي في أحسن حالاته الجهوزية، هل هو في وضع يمكِّنه من تخطي خيباته السابقة وهزائمه، وتجاوز صراع تداخلات الحزبي السياسي المرجعي الموازي لوزارة الدفاع، والأهم ما إذا كان العامل الخارجي قد غير سياسته تجاه الحوثي، من الاحتواء إلى المواجهة الصريحة معه، بتعضيد قوى الداخل، والانتقال من سياسة إدارة توحش الحوثي، إلى تقويض بنيان قوته وتدميرها بفعل على الأرض، مغطى بدعم عسكري لوجستي حقيقي، أم أن كل ما يحدث ليس أكثر من رسائل ضغط متبادلة بين كل الأطراف، لا تصنع فارقاً وتغييراً ملموساً على رقعة الصراع؟!
أسئلة تضع اليمن كله على مفترق طُرق.
من صفحة الكاتب على اكس