لا يزال الرئيس هادي يمسك بيمينه ملزمة الحوثي التي أخذها معه عند هروبه من صنعاء، كل صباح يقرأ جزئية معينة، وفي المساء يتابع خطابات عبدالملك ليتزود منها قليلاً ثم يعود إلى نومه الهانئ بعيدًا عن ضجيج الخراب الذي ألحقه الحوثيون بكل مدينة وقرية يمنية..
المدن تخوض معاركها، والريف يخوض معاركه، وهادي يحاول فهم ما يقرأه في تلك الملزمة.
المجتمع يخوض معركته مع نازيي هذا العصر، معركة اجتماعية وثقافية وفكرية يحاول الحوثي أن ينتصر منفرداً على كل فئة من فئات المجتمع منفردة قبل أن يعلن استحواذه على كل شيء، ولا يزال هادي يكتب ما يستفاد من درس اليوم من تلك الملزمة.
كيف لنا أن نوصف حالة الرئيس الذي حمل كل شيء في حقيبته وغادر الرياض ولم يعد!!
أعلن الحرب على الحوثي ثم ترك سلاحه ونام، بينما قذائف الحوثي وصواريخه تدك المنازل والبيوت، وألغامه تترقب الرعاة والمواشي لتحصيهم عدّا، وفكره يغزو المدارس والجامعات ليستحوذ على العقول ويخضعها لتدين له بالولاء والبراء والتضحية.
نام الرئيس وقد حصن مترسه وترك اليمن بلا مترس قوي يذود عنها توحش الحوثي وتعطشه للدم، أمسك بالشرعية وأصبح هو الشرعي بلا مشروعية، واستغرق في نومه طويلاً حتى أصبح عثرة الانتصار وهادي الحوثيين إلى التمكين والتغلغل في مفاصل الدولة والمجتمع.
أوقف معارك الشمال ضد الحوثي وجمد القذائف في بطون المدافع، خذل كل مقاومة شعبية انتفضت في وجه التغطرس الميليشاوي الحوثي، بل وساهم في إخمادها كتلك التي حدثت في مديرية عتمة بمحافظة ذمار وحجور في حجة والعود في إب، لقد نكس هادي راية الجمهورية وسمح للحوثي أن يبطش بمخالبه دون رحمة.
أحاط الرئيس نفسه بكوكبة الإخوان المسلمين في اليمن "حزب الإصلاح" وأصبح يفكر بما يفكرون به وينفذ ما يؤمنون به، وينشد تلك الأناشيد التي تتغنى باردوغان والزنداني كمخلصي الأمة وجند محمد المرعبين، وعندما أصبحت الحديدة قاب قوسين أو أدنى إلى التحرير على أيادي رجال المقاومة الوطنية وحراس الجمهورية وألوية العمالقة والمقاومة الجنوبية، صاح الإخوان بصوت الخوف والقلق حتى استيقظ الرئيس وأوقف عملية استكمال التحرير.
تنفس الحوثي الصعداء في الحديدة قبل الرمق الأخير ورفع يده إلى السماء وقال: اللهم احفظ هادينا.
يستأسد الرئيس على المقاومة الجنوبية وحراس الجمهورية بعد أن فضحوا وكشفوا وهن الحوثي وحرروا مدن الجنوب والساحل الغربي، محاولاً النيل منهم بتسليم الحوثي مواقع هنا وهناك، كما حدث مؤخراً في الضالع، لكن خاب حلمه وتقهقر الحوثي أمام صلابة وشجاعة المقاومة الجنوبية وحراس الجمهورية.
أصبح الرئيس هو هادي الحوثيين بينما يقدم الشعب أبناءه للخلاص من توحشهم، يمنحهم الوسيلة والفضيلة على استمرار بقائهم ليستمر بقاؤه على فراشه الوثير يقرأ الملزمة.
عندما هرب من صنعاء ظن الناس أنه أخذ مشروع الجمهورية والوطن معه، ولم يلتفت أحد إلى ذلك الشيء الذي وضعه في حقيبته، وبعد فوات الأوان عرف الجميع أنها ملزمة: إني معكم أسمع وأرى.