حسام ردمان
قصف مأرب وتواطؤ فاسدي الشرعية والانقلاب
قبل ساعات من إعلان اتفاق الرياض، يحاول الحوثيون تكرار سيناريو "أبو اليمامة" في مأرب، كمحاولة أخيرة لتفجير التناقضات الداخلية في معسكر الشرعية وإفشال الوساطة السعودية.
والأكيد أن عملية استهداف المقدشي -الذي كان مجتمعا مع ضباط سعوديين رفيعي المستوى في مقر وزارة الدفاع- ما كانت لتنجح لولا وجود تواطؤ معلوماتي وأمني من قبل بعض الجهات النافذة في الشرعية ومأرب.. والطرفان وإن تموضعا في جبهات متصارعة فإنهما يتشاركان نفس المصالح والمخاوف.
من جهة يدرك الحوثي أن تعديل قواعد الشراكة السياسية وإحداث إصلاحات حكومية ومؤسساتية، سوف يقود في المحصلة إلى توجيه فائض القوة نحو الجبهات الانقلابية.
وفي المقابل تخشى بعض الأطراف السياسية المحتكرة للسلطة الشرعية والمتربحة من استدامة الحرب؛ أن يقود اتفاق الرياض إلى تقوية "الدولة اليمنية" على حساب الدويلات الصغيرة التي كدست المال والسلاح لسنوات، وباتت مصالحها وامتيازاتها مهددة.
هكذا إذن يتواطأ الفساد والانقلاب (وأحيانا كثيرة الإرهاب) كي يحبطوا أي محاولة جادة لبناء الحل أو حسم الحرب.. ومع ذلك فلا مشاغبات الميسري ولا اغتيال المقدشي تبدو قادرة على تعطيل مسار التسوية.. فما بدا في جدة كحوار خجول، تطور في الرياض على شكل اتفاق رسمي يبدو أقرب إلى "سوتشي يمني"، وهو في طريقه إلى التنفيذ العملي في عدن.
بطبيعة الحال فإن "اتفاق الرياض" لن يكون الحل الاعجازي للمعضلة اليمنية، لكنه -على الأقل- يؤسس لتسوية جزئية على قاعدة "الشرعية- الشراكة- الدولة"، وهذه الثلاثية تعالج جوهر الاختلال في بنية الشرعية: فمن يحكم لا يحارب، ومن يحارب لا يحكم!!
والآن بات الجميع شركاء في مغرم المواجهة الحوثية، وفي ومغنم السلطة الشرعية.
وبات بوسع الرياض أن تنظم بشكل معتدل وعقلاني علاقتها المتذبذبة مع حلفائها المحليين والإقليميين.
وفي حال نجاح الاتفاق تكون الخطوة القادمة إما توسيع التسوية الجزئية لتصبح شاملة؛ ويتقاطع بذلك مسار الوساطة السعودية مع جهود الوساطة الأممية.. أو أن تذهب الشرعية وحلفاؤها لحسم الحرب وإنهاء الانقلاب عسكريا، والتأسيس لمسار جديد بعيدا عن صداع الحوثي وإيران.
باختصار فإن مصالحة عدن، وإن نجحت اليوم، فسوف تقود حتماً؛ إما إلى تسوية واسعة في صنعاء، أو معركة حاسمة في الحديدة.. وفي الحالتين ستكون مخرجات الرياض هي الإطار المرجعي لشكل النظام السياسي اليمني في مرحلة ما بعد الحرب.
* من صفحة الكاتب علی الفيسبوك