محمد عبدالرحمن
الجنوب في وسط الرياض.. ثلاثة اتجاهات لغزو عدن من جديد
قبل أن تنسحب الإمارات عسكرياً من الميدان، كان الجنوب في وضعية الهجوم والتقدم المستمر في كل الجبهات ضد ميليشيا الحوثي، وكانت المعارك تسير بوتيرة عالية، والنصر ترفرف راياته في كل منطقة تتجاوزها أقدام المقاومة الجنوبية، وبعد أن تسلمت السعودية مكان الإمارات في الميدان، توقفت المعارك، وبدأ الجنوب يحاول أن يحافظ على ما في يديه.
وجدت جماعة الإخوان فرصتها للانقضاض على الجنوب، فتحولت السعودية إلى اليد التي فرشت الطريق لقوات علي محسن نحو عدن، وبدلاً من استكمال تحرير ما كانت قد بدأته المقاومة الجنوبية، تم مهاجمة المقاومة، من أجل أن تنتزع عدن وتتقاسم ما تبقى من ركامها.
نتحدث عن الجنوب الذي تحاك ضده مؤامرة الغزو من جديد، في الوقت الذي تقبع قيادات المجلس الانتقالي في الرياض للبحث عن حلول سياسية، وهي تثق كاملاً بالحكمة السعودية التي طال انتظارها، لا عدن استراحت من العناء ولا اتفاق الرياض تم تنفيذه، ولا جنوب سوف يسلم من شر الغزو الذي يتم إعداده بأعين المملكة.
بعد أن تمكنت ميليشيا الإخوان في تعز من غزو التربة وإسقاط معسكر اللواء 35 مدرع، أصبح الطريق سالكاً نحو لحج، وبدأت الجحافل الميليشياوية تجهز نفسها للسير، في الوقت الذي تستمر ميليشيا الحوثي بالهجوم من ناحية الضالع، في الوقت نفسه تحتشد قوات علي محسن في شبوة وأبين، وتريد تفجير الوضع هناك والتنصل من اتفاق الرياض.
إذاً ثلاثة اتجاهات وثلاثة جيوش تستعد لغزو الجنوب، وكل ذلك والمملكة تنظر بعين الصمت، وهي التي تملك كلمة الفصل والقوة على جماعة الشرعية الإخوانية في فنادقها، لكننا لم نجدها تتحدث أو توقف عمليات الحشد الشعبي ضد التربة، وهي المدينة التي لا يتواجد فيها الحوثي، لذلك صمتت لأنها طريق وبوابة نحو الجنوب والساحل الغربي.
تتصاعد وتيرة الاستهداف الإعلامي ضد الجنوب، وتحتشد القوات الإخوانية لتطويقه، بينما لا يزال المجلس الانتقالي يدعو مؤمناً بأن المملكة تمتلك الحكمة، ولن تسمح باجترار الجنوب إلى غزو جديد، لكن الواقع ينفي الدعوة التي يطلقها الانتقالي، لأن المملكة لم تتجاوب في أي ملف، لا السياسي لتضغط على الإخوان لتنفيذ اتفاق الرياض، ولا العسكري لتوقف الهجمات والتحشيد ضد أبناء الجنوب.
ها هي مهلة الشهر تنتهي لولادة حكومة جديدة، فأين هي الحكومه..!! غادر هادي إلى أمريكا هرباً من تنفيذ الاتفاق، ولا يمكن له أن يهرب بدعوى رحلة علاجية دون ضوء أخضر من القيادة السعودية، لعرقلة أو تأخير تنفيذ اتفاق الرياض.
ننتقد المملكة لأنها من تمسك بخيوط الحرب في الجنوب والشمال، ولأنها من تتمسك بجماعة الإخوان الإرهابية التي ساهمت بإطالة الحرب، وحولت الحرب إلى غنيمة وتجارة عبر الفساد المهول الذي تديره من غرفة الشرعية، ولأن الوضع أصبح لا يطاق على كل المستويات، والحلول أمام الجميع واضحة كالشمس، منها تحويل المعركة نحو استعادة صنعاء بدلاً من التهيئة لغزو عدن من جديد، واستمرار الحرب والصراع.
لا نعرف لماذا تتماهى المملكة مع خطط قوات علي محسن الإخوانية، وهي تدرك أنها خطر عليها لا يقل عن الخطر الحوثي، هذا الخطر المشترك الذي وصل ذروته بالتعاون الواضح وبالمكشوف بين الحوثي والإخوان، على تحقيق أهداف منها غزو الجنوب وكذلك إلحاق الضرر بالسعودية نفسها.