ندخل مأزق تشكيل حكومة تعهدت السعودية أن تخرج إلى النور خلال فترة قصيرة، ودخلنا مع ذلك التعهد في تصديق المملكة وقدرتها على إخضاع الأطراف للتعجيل بولادة الحكومة المنتظرة، لكن وجدنا أنفسنا أمام عجز مصطنع بعد أشهر عدة من الانتظار الملتهب، والتردي الذي كسر عظمة ما تبقى من هيكل الحياة.
على الأرض يتحرك الإخوان بعيداً عن اتفاق الرياض، تعزيزاً للميليشيات في أبين وشبوة، وانتهاكاً لحقوق الإنسان في المهرة وحضرموت وشبوة، اعتقالات وتعسفات لكل المناوئين للجماعة، وكل ذلك يجري تحت أعين المملكة التي تقود السفينة على بحر فنادقها.
تشتغل جماعة الإخوان على التبشير والإيهام للسعودية بتحقيق تقدم في الجنوب، وكسب المجتمع وبناء شعبية تهتف للجنرال الأحمر وتقدس هادي، يمشي هذا التبشير بالاغتيالات وفتح السجون ونهب حقوق وحرية الجنوبيين، وكأن الخوف والرعب الذي تبثه هذه الجماعة سيجعل من سراب التبشير حقيقة على الواقع.
يتأخر تنفيذ اتفاق الرياض، وتتلكأ جماعة الإخوان، ويذهب هادي في نوم عميق، ويختفي الجنرال للبحث عن أي شيء يجعله يرفع سماعة الهاتف ليؤكد أو يطمن أو يحث أو يعزي، وتدير السعودية عبر موظفي الفنادق كل أمور السياسة اليمنية، ويعلن الإخوان أن ما تأخر فيه الخير ليس للجنوب وإنما للسعودية وللجنرال وهادي المغيب.
الجنوب اليوم ليس هو الغنيمة التي أخذتها جماعة الإخوان أثناء الغزو في 94، وليس هو الكعكة التي ستكون سهلة الابتلاع في الحنجرة الإخوانية، هو اليوم مقاومة ومشروع ومجتمع يدرك ذاته وكيانه.
الوعي بالمخاطر التي تحيكها جماعة الإرهاب وشرعية الفنادق، والتي تسعى إلى توريط السعودية في الجنوب وتشويه صورتها خدمة لأجندة قطرية وتركية، ضرورة ملحة من أجل تجاوز شراك الإخوان التي تنصبها أثناء حملة التبشير والسراب المخادع.
الجنوب طوى صفحة الحوثي بكثير من الدماء والتضحيات، واليوم يطوي صفحة الإخوان بالكثير من الدماء والتضحيات والصبر الذي تفرضه السعودية بحكم دورها في قيادة التحالف العربي، لكنه يقظ ومتنبه للألاعيب التي تريد جماعة الإخوان العودة وتثبيت دعائم وجودها من خلال السعودية، لأنها الوحيدة التي لم تصدق أن التبشير الإخواني مجرد سراب فاضح.