محمد عبدالرحمن
الضالع "الحوثي" وأبين "الإخوان".. الانتقالي واجه جبهتين وانتصر
على الرغم من حداثة كيانه إلا أنه يمتلك القدرة على استيعاب الدروس والتعلّم السريع للسياسة، والمرونة غير المتوقعة للتعامل مع الوضع حسب ما يمليه الواقع، على عكس بعض الكيانات التي تظهر فجأة وتختفي، بسبب اندفاعها بتهور وبشكل غير مدروس، هذا البناء السريع للانتقالي سوف يجعله كياناً من الصعب تجاوزه، وهذا ما نراه اليوم.
الصبر الطويل للانتقالي على رذائل الشرعية، مؤشر هام على قدرته في التحمل وكسب المعركة بدون حرب، استطاع أن ينتقل عبر تكتيكات متعددة ووسائل مختلفة لكسب المعارك وتحقيق الانتصارات التي يبحث عنها من أجل القضية الجنوبية.
يمتلك القدرة على حسم المعركة في أبين، وهو يدرك أنها معركة لها ارتباطاتها الخارجية، وأن الشرعية تتذرع بحجج ليس لها واقع، فما كان منه إلا أن رمى بالكرة نحو السعودية، لعلها تستخدم تأثيرها على نزلاء الفنادق لديها، ووقف أعمالهم الإجرامية نحو الجنوب، هذا الأمر فتح أبواب الاعتراف الدولي بكيان الانتقالي الناشئ من رحم القضية الجنوبية.
لا يختلف اثنان أن الوضع مأساوي في الجنوب، وليس من مصلحة الانتقالي ذلك، ولا يمتلك الإمكانيات التي من خلالها أن يخفف عن الناس ما هم فيه من وضع صعب، لأن الشرعية لا تزال تسيطر على كل موارد الدولة، من هذه النقطة حاولت الشرعية أن تشكك في قدرة الانتقالي على الحكم، وهيأت قواتها وزحفت نحو أبين واهمة أن الناس سيرضخون تحت تأثير الوضع المأساوي.
فشلت كل خطط الشرعية ومكائدها في خلق صورة مهزوزة للانتقالي في الجنوب، استخدمت الاقتصاد والعملة وسيلة لإثارة الناس وتوجيه النقد للانتقالي، لكنها لم تدرك أن الوعي الشعبي لم يعد يقبل الابتذال الذي تسوقه قيادات الشرعية، وأصبح الوعي يدرك بشكل ناضج أنها سبب كل مآسي البلد شمالاً وجنوباً، وأنها صورة أخرى من جماعة الحوثي.
اليوم للجنوب شرعيته التي يستخدمها من أجل قضيته، والانتقالي وجه هذه الشرعية التي تمتد ليس للدفاع عن الجنوب وحسب، بل والاستعداد التام لتحرير صنعاء، لأن بقاءها تحت وطأة احتلال الميليشيات التابعة لإيران، هو خطر يهدد الجنوب في حال بقائها تتحكم بالشمال وتسيطر عليه.
يواجه الانتقالي معركتين في نفس الوقت، وكلتاهما هجوميتان على الجنوب: معركة ضد الحوثي تخوضها المقاومة الجنوبية في الضالع، ومعركة ضد الإخوان التي حشدت ميليشياتها إلى أبين في محاولة لدخول عدن، وفي كلتا الجبهتين استطاع الانتقالي أن يحقق الانتصار الساحق.
الضالع اليوم تكسر عنجهية الحوثي وتسحقها في الفاخر وعلى حدود محافظة إب، وفي أبين انكسرت زحوف الإخوان ولم تتمكن أن تتقدم بسبب بسالة وتصدي المقاومة الجنوبية لها.
ونزيد على تلك الانتصارات التي يحققها الانتقالي، هو اتفاق الرياض الذي فتح له أبواب العالم للاعتراف بكيانه الثابت والشرعي للقضية الجنوبية.. فعلاً نحن أمام كيان قوي صاعد من أجل الجنوب، ويمكن أيضا من أجل صنعاء.