محمد عبدالرحمن
عن صلابة الهزيمة عند "هادي" والمقاومة عند الناس في مواجهة الحوثي
أن يكون "هادي" صلباً إلى هذه الدرجة، يعني أنه متعمد أن يبعثر جميع اليمنيين ويسيح دماءهم في كل الجبال والأودية، صلابة هذا الرجل في تحمل الهزائم تثير الغرابة في استمراره رئيساً عليه تقع مسؤولية نتائج ما وصلت إليه الحرب، ونتائج قراراته التي اتخذها في إدارة المعركة، ينسى أن عليه مسؤولية، ولا ينسى أنه يريد بقاء "فخامة الرئيس".
القادة الذين يشعرون بأنهم لن يتمكنوا من تقديم شيء أو تحقيق تقدم ملموس في سبيل القضية التي يؤمنون بها، يتراجعون ويقدمون غيرهم، لأنهم عظماء ويدركون المسؤولية الأخلاقية في أعمالهم، بينما "هادي" لا يشعر أنه مذنب أو مخطئ أو مقصر، بل يظن أنه يقدم انجازات وانتصارات عجز من سبقوه أن يفعلوا أو يأتوا بما جاء به، وهو محق في ذلك، لا أحد يستطيع أن يصنع ما فعله هذا الرئيس المنتشي بالهزائم والفساد.
"هادي" لم يخض أي معركة، ولا يجرؤ على فعل ذلك، هو فقط أدار المعركة واصطاد قرارها، وحرف بوصلة التحركات والجبهات من غرفة العمليات، لقد أساء الإدارة وانتهك كل الأخلاقيات العسكرية، ولا يزال يبحث عن مجد وفخر بما قدمه من هزائم وفساد.
يشذ "هادي" عن الواقع ولا يقرأ الجبهات، ولا يعرف حتى أن معركة تدور في البلاد، شذوذه جعله يعزف لحن الدولة الاتحادية ونغمة مؤتمر الحوار، لا يعرف سواهما ولا يدرك غيرهما، ورغم ذلك أضاع كل شيء، ولا يزال يسبح في أحلامه ونحن نسبح في برك من الدماء وجبال من المقاومة.
يريد أن يكون عازفاً على وتر الوطنية، ولا يجيد إلا لحن الحقد والكراهية، انتقم وأشبع غروره من "صالح"، وملأ قلبه من دمه، يريد أن يمحو كل شيء يثير فيه عقدة النقص، فخرج لنا بهتاف الفساد وخلق الأزمات وإدارة الحرب وتحويلها إلى اقتصاد يدر ملايين الدولارات إلى حسابات شخصية في الخارج، وكأنه يتمدد بحقده وكراهيته إلى كل اليمنيين، لأنهم لم يؤمنوا به من البداية.
لم تؤمن الناس "بهادي" لأنه لا يستحق أن يؤمن به أحد، ليس لذاته، وإنما لعدم كفايته وكفاءته، ولأنه مشبّع بالانتقام، لكن ظروف الواقع السياسي فرضته رئيساً بصورة دراماتيكية، لو كان في بلد آخر لما أصبح رئيساً بتلك الطريقة الاستخفافية بعقول الناس، ولأن الناس رفضته فإنها تتحمل كل طعناته التي يسددها في ظهورهم وهم يقاومون "الحوثي".
يمتلك الناس صلابة المقاومة والدفاع عن نفسها بكل الوسائل، ويمتلك "هادي" صلابة الفساد وصناعة الهزائم والانتقام، وفي أثناء المقاومة يبحث الناس عن كيان وشخصيات قادرة على أن تقود المعركة، وتحقق الأهداف التي من أجلها سالت الدماء في كل جبال ووديان اليمن.
"هادي" بالنسبة للناس هو صفحة تم طيها، ولولا تمسكه بالرياض وبورقة الأمم المتحدة، لكانت البلاد قد استراحت من عناء الحرب والتفاف حبالها الطويلة على أعناق الناس وبطونهم.