قلنا في المقال السابق ليس لدينا مشكلة مع الأنساب والأصول والأعراق طالما أن المدعين صلتهم بها مطمئنون إلى ذلك، وليس ثمة مشكلة حتى لو صح نسب كل الذين يدعون انتسابهم للحسن أو الحسين ابني علي بن أبي طالب.
لا يهمنا ابن من يكون فلان.. ليكن ابن الرسول، أو ابن أبي جهل.. نسبه لا يهمنا، فلا نختلف معه لأنه مواطن ذو نسب هاشمي.. إنما المشكلة هي عندما ترتب على هذا التقسيم نتائج عملية كالتمييز، وعدم المساواة، ومنح امتيازات لأسباب عنصرية، كما تفعل الجماعة الحوثية التي أضافت إلى تلك النتائج العملية نتيجة أصبحت بالية، مثل الأحقية في الحكم، فمشكلتنا هي مع هذه الجماعة الهاشمية، وليس مع كل الهاشميين، لأن كثيرا منهم متحررون من التعصب العرقي، ولا يبنون على النسب الهاشمي نتائج عملية، خاصة الليبراليين والعلمانيين والملحدين منهم.
يحيى المتوكل هاشمي، لم يؤثر عنه أنه كان خصيماً لأي مواطن هاشمي، بينما كان من قدامى المتصدرين لقمع وإسقاط نظام ورموز الحكم المتوكلي في شمال اليمن، بسبب جورهم وتخلفهم واستبدادهم وفسادهم، والادعاء أن الله فرضهم على الأمة فرضا.
الجماعة الحوثية تقول لنا إن الخلافة بعد وفاة الرسول محمد كانت للإمام علي، وإذا كان أبو بكر وعمر وعثمان قد سلبوها من هذا المسكين، فبعده تؤول إلى ولديه من الزهراء، ونحن من هذين الولدين.. وقد ركز حسين بدر الدين الحوثي وعبد الملك بعده على مصطلح الولاية، الذي يعني في أيامنا هذه نظام الحكم وما يستتبعه من رئاسات، وأن تدار مؤسسات الدولة من قبل الهاشميين لأنهم أحق بها وهم أقدر عليها أيضا من غيرهم.. ولاحظوا في القرارات التي تصدر في صنعاء من هم أغلب المعينين في الوظائف العامة العليا: الحوثي، المتوكل، الخيواني، المطهر، المهدي، الهادي، المؤيد، المنصور، الطايفي، الجنيد، والأهدل... الخ.
وقد ذكر حسين بدر الدين الحوثي في إحدى كراساته أن الأئمة الذين تعاقبوا على الحكم في اليمن كانوا خيرا وبركة لها، ولأهلها.. والسبب في ذلك أنهم هاشميون، وكان الفلاح في أيامهم يحرث أرضه بثورين، أما بعد مجيء النظام الجمهوري صار يحرثها بثور واحد، واليوم في ظل النظام الديمقراطي يحرثها بحمار.
وقال –صراحة- إن الديمقراطية غير مقبولة البتة، لأنها لا تناسبنا، فهي تساوي بين المواطنين، وتمنحهم حرية انتخاب رئيس البلاد، وانتخاب أعضاء مجلس النواب، وانتخاب أعضاء السلطة المحلية، بينما قد اختار الله لنا من يحكمنا، وحدد معايير ومواصفات إلهية في من يتولى أمورنا، هاشمي، مجتهد، مجاهد... الخ، وليس من حق المواطنين أن يختاروا، إذ لو تركنا لهم حرية اختيار حكامهم عبر الانتخابات أضروا بالبلاد والعباد، إذ إن الدستور والقانون حددا معايير بشرية من حاز عليها رشح نفسه، وهي أن يكون من أبوين يمنيين، حاصل على بطاقة شخصية، أن لا يكون أميا، أن يكون قد بلغ من العمر كذا، أن لا يكون قد أدين بجريمة مخلة بكذا وكذا، وهذا يعني أن الفرصة متاحة لمن هب ودب، ولذلك خربت البلاد! والجماعة الحوثية اليوم جعلت هراء مؤسسها تشريعا ملزما لها، وتريد تحكمنا وتفرض استبدادها علينا، وهذه هي المشكلة الأساسية.