د. صادق القاضي
الغيرة والدياثة السياسية: الإخوان - ميون - الإمارات.!
الغيرة الانتقائية نوعٌ مضحك من "الدياثة". من يغار على عرضه: أحياناً، أو جزئياً، أو من بعض الفحول.. ويقيس المسألة بمعيار المصلحة الخاصة الآنية.. هو مجرّد قوّاد.. أحمق.!
كذلك في السياسة: تتعلق الغيرة هنا بمعايير شاملة ثابتة للشرف الوطني، تجاه "العِرض" الذي يتمثل بالأرض والسيادة واستقلال القرار.. بالوطن.. وبالنسبة لنا:
باليمن: ذات الحسب والنسب، وسيدة الحسن والجمال، وصاحبة الصون والعفاف.. صاحبة الجلالة.!
وفي المقابل: الدياثة والقوادة السياسية ظاهرة شائعة، سرية غالباً، وإن كانت أحياناً تحدث بشكل فاضح صاخب وقح.. كما في قنوات ومواقع "البورنو"، وكما في اليمن منذ بداية العقد الأسود الأخير.!
لا أقصد فقط الانقلاب الحوثي بمزايداته المكشوفة بالغيرة على السيادة اليمنية، من التحالف الأنجلوفرومريصهيوسعوماراتي، وحماسه في نفس الوقت بالتقرب باليمن على سرير المرشد الإيراني.!
في الجهة الأخرى، وبجانب الحالات الوطنية النبيلة المهمشة، وعلى حسابها، هناك حالات لا تقل دياثة وبجاحة ومزايدة.. واستعدادا لبيع الأرض والعرض، بثمن بخس.. للمخصيين. فضلاً عن الفحول.
وبشكل خاص: جماعة "الإخوان". في علاقاتها بكل القوى الإقليمية والدولية ذات العلاقة بالملف اليمني، وفق ما يشبه نظام دعارة حتى أنها كانت تراود الخليفة التركي، وهي في ذمة، ومن شُرفة العاهل السعودي.!
ليس لهذه الجماعة الدولية جذور وأبعاد وطنية أصلاً، ومن السخف أن نطالبها بغيرة وطنية فعلية، وكل ما في يدها هو هذه الغيرة البرجماتية المفتعلة التي تستخدمها بانتقائية تخلو من الصدق والإخلاص.. وحتى الثبات والاتزان.
في علاقتها بدول التحالف الخليجي، كان فرعها اليمني "حزب الإصلاح". أول من فرش ظهره لتدخلها العسكري في اليمن، ورفع شعار "شكراً سلمان" وصور ابن زايد، باعتبارهم ملائكة ومنقذين ومحررين.!
من كان يجرؤ حينها على التشكيك بهذه النقطة، حتى عندما كانت طائرات التحالف ترتكب أحياناً جرائم بشعة في حق المدنيين.؟!
فجأة، تحول أولئك القادة في خطاب الإخوان إلى شياطين وغزاة ومحتلين.. المهم في هذا الانقلاب الدرامي الحاد، أنه لم يكن رد فعل لتغير في علاقة دول التحالف باليمن، بل استجابة فورية لتغير علاقة التحالف بدولة قطر.!
وهذه هي الدياثة.. الغيرة ليس على الوطن، بل على أطراف أجنبية، وبحسابات فئوية خاصة، وفي كل حال فقد ظلت بعض كبار قيادات هذا الحزب مقيمة في السعودية، وتصلي لملكها. كما لو كانوا بلا غيرة.!
نعم. توزيع أدوار.. وعموما للسعودية أسبابها في الحفاظ على شعرة معاوية بينها وبين هذه الجماعة.. غير أن الإمارات قطعت هذه الشعرة، وقلبت لهم ظهر المجن.. وهذا يفسر هذه الحملات الإعلامية المسعورة ضدها.
افتعال قضايا وأزمات مثل احتلال جزيرة "ميون" مؤخراً، وجزيرة سقطرى من قبل.. وكذلك المخا.. ضد الإمارات.. هي حملات انتهازية ابتزازية من هذا القبيل.
لا أبرئ الإمارات.. لكن المؤكد أنها ليست كما تبدو من خطاب الإخوان، وقد سبق لها أن انسحبت -تحت ضغط الإخوان- من مناطق واسعة في شمال الشمال، وسرعان ما سقطت هذه المناطق من يد الإخوان بيد الجماعة الحوثية.!
كما انسحبت قبل سنوات من سقطرى، بهدوء لصالح السعودية، وما يزال الإخوان يلوكون أسطوانتهم المشروخة بشأن وجودها الاحتلالي هناك، وعموماً أصدر التحالف مؤخراً بيانا مسئولا يقول فيه:
نحن وراء التجهيزات في جزيرة ميون، ويضيف: "لا وجود لقوات إماراتية في جزيرتي سقطرى وميون".
لكن الإخوان لديهم بروباجندا لها واقعها المغاير للواقع الموضوعي على الأرض، وبموجبه، يختزلون المشكلة بهذا الشكل، بموجب هذه الغيرة الانتقائية الموجهة!
الإمارات حاضرة في اليمن، كالسعودية تماماً، سلبا أو إيجاباً، وهما معاً. بخلاف إيران وقطر وتركيا التي دخلت اليمن من النوافذ.. دخلت هذا البلد التعيس من الباب الرئيس، تحت مظلة "البند السابع".
في الوضع الطبيعي: الأرض اليمنية واحدة، والقضية واحدة، وكانت السيادة اليمنية بالحفظ والصون، قبل أن يتم إدراج اليمن -بتواطؤ هذه الجماعة- تحت هذا البند المشئوم. الذي جعل اليمن رسميا تحت الوصاية الدولية، وشرع للقوى الدولية بالتدخل فيها، ويتيح مبدئيا لإحالة البيت اليمني إلى مأخور سياسي كبير.!