شاهدنا صورة وزير الخارجية بن مبارك وهو يسلم نظيره العماني البوسعيدي رسالة من الرئيس هادي إلى السلطان هيثم.. وضع بن مبارك على فمه وأنفه كمامة رسم عليها علم الجمهورية اليمنية مقلوبا! ومن المؤكد أن كميات من الكمامة عينها قد صنعت للرئاسة والحكومة، ويتقنع بها وزراء آخرون لم نرهم بعد، كما لم نر الرئيس مقنعا بها، ولا رأينا النمر المقنع أيضا، لكنهم ربما فعلوا، ولو من وراء الكاميرات، وإلا لماذا وضعوا علم الجمهورية اليمنية على الكمامة مقلوبا؟
جاء بن مبارك إلى حكومة هادي من ساحة تغيير 2011 في صنعاء، حيث كان هناك يؤدي أدواراً تمثيلية بخبرة المهرج الإصلاحي الأضرعي الذي كان يعلم الشباب كيف يؤدون أمام الكاميرا أدوار الضحايا المصبوغين بصبغة الزنداني.. ومثل بن مبارك كثر عبروا إلى مكتب هادي وحكومة هادي ومستشاري هادي، التي باتت أسواقاً تجلب إليها البضائع التي تنفق فيها، حتى إن المهرج عُين مديراً عاماً لإدارة المسرح في وزارة الثقافة.
ليس علم الجمهورية اليمنية هو الشيء الوحيد المقلوب في عهد الشرعية، كما أن المثال في مناسبة رحلة بن مبارك إلى عمان لطرح وجهة النظر حول النقاط الأربع، ليس المناسبة الأولى التي يظهر فيها العلم مقلوباً.. فكل شيء في عهد الشرعية مقلوب، وهذا أحد رجال هادي صرح للملأ، قبل يومين، وقال إن طباعة كمية كبيرة من أوراق عملة الريال في روسيا، هدفه تعزيز العملة اليمنية! ما قولكم في هذا؟ لعل الاقتصادي الإنجليزي الضخم آدم سميث قد بعث من قبره مقلوباً.. لكي تعزز مكانة العملة اليمنية اطبع كميات كبيرة منها! علينا انتظار نتائج التعزيز الأخير، بعد أن ساعدت التعزيزات السابقة في تعزيز الريال حيث صار 900 ريال يساوي دولارا واحدا، والريال السعودي يساوي 240 ريالا يمنيا معززا.
إذن، ليرسل الرئيس عبد ربه منصور هادي وزير خارجيته إلى مسقط معززا بكمامة رسم عليها علم الجمهورية اليمنية مقلوباً.. قد يقول قائل: من وسوس لهم يضعوا علم الجمهورية على كمامة؟ وهذا سؤال غير وجيه، لأن الجواب ببساطة: إبليس زين لهم ذلك.. وإنما السؤال: ما الهدف، ما المغزى، ما المكسب الذي ستجنيه الشرعية من وضع العلم على كمامة تقي من فايروس كورونا؟ ما هو هذا المكسب؟ سواءً أكان العلم مقلوباً أم مغلوباً، أم رسم كما يجب؟
ليس بالضرورة القول إن هذه الحالة دليل على ضعف دماغ، ففي أيام العرب الأولى كان شعراء القبائل إذا تنافسوا في المديح أو الهجاء، يحلق أحدهم جانباً من شعر رأسه، ويرتدي جلد حيوان مفترس، ويصبغ أجزاء من وجهه بألوان متنافرة، ويقوم بحركات بهلوانية، ولإحدى قدميه خف والأخرى دون خف أو حذاء.. ولكل شاعر في المنافسة مذهب، لكن الغرض النهائي من ذلك إلحاق هزيمة نفسية بالخصيم القبلي قبل أن تبدأ المنافسة الشعرية!
هل يا ترى تعمد الرئيس ووزير خارجيته ظهور الوزير على تلك الهيئة، والعلم المقلوب، أمام وزير خارجية السلطنة؟ ها هنا سيغدو السؤال: ما المغزى سؤالاً مفهوماً: تهديد سلطنة عمان! ويؤيد هذا القول إن الشرعية (طافحة، ضابحة) من السلطنة.. فقبل أن يسافر بن مبارك إلى مسقط، كان وفد عماني قد وصل إلى صنعاء، في مهمة لدعم الجماعة الحوثية وليس للنقاط الأربع.. وقبل ذلك كله تخلت السلطنة عن حيادها المعهود، وتحيزت للجماعة ضد الشرعية.. ففي عمان يقيم الفريق المفاوض الحوثي، ومنها يصرح، وفيها يلتقي ممثلي الحكومات والمنظمات.. وعمان مستمرة منذ بداية الحرب في تسيير رحلات جوية إلى مطار صنعاء -المفترض أنه مغلق أمام الملاحة الجوية- ثم إن التقارير الدولية تحدثت عن شحنات أسلحة تصل للحوثيين من إيران مروراً بأراضي السلطنة، ويتحرك حوثيون ذهابا وإيابا بين صنعاء وبندر عباس الإيرانية مرورا بمدينة صلالة بسلطنة عمان أيضا.. فكان لا بد من تهديدها عن طريق إرسال وزير الخارجية بن مبارك وهو على تلك الصورة المنكرة، وكمامة رسم عليها علم الجمهورية اليمنية مقلوباً.