كانت الأمور تسير بشكل طبيعي، الانتصارات تتحقق تباعاً والجميع يد واحدة، حتى أن أنصار عيدروس الزبيدي الذي كان محافظ عدن وقتها، خرجوا يهتفون لهادي في ساحة العروض، ويرفضون مبادرة كيري التي هدفت إلى خلع هادي.
عاد هادي إلى عدن رافعا رأسه، يتجول بين المحافظات ويقود المعارك من معسكر العند وتحت حماية أهله وناسه والقوات الإماراتية التي كانت تتواجد في هذه المحافظات.
كانت القوات الجنوبية على مشارف الحديدة والحوثي يستنجد العالم لإنقاذه، والقوات الأمنية تطهر أبين وشبوة وحضرموت وتؤمنها، والجميع يد واحدة.
فجأة تغير كل شيء وحل الخراب والانقسام.. ماذا حدث؟
الرئيس هادي يطيح بنائبه خالد بحاح ويعين بدله علي محسن الأحمر نائباً له، وأحمد عبيد بن دغر رئيساً للوزراء، في مخالفة واضحة للمرجعيات الثلاث ومخرجات الحوار، وعقب حملة إعلامية إخوانية طالت "بحاح" بحجة أنه منع تحرير تعز وازدهر الفساد في عهده.
لم يكتف بذلك بل المنظومة الحاكمة التي يديرها "صبيان الإصلاح" أقنعوه بإقالة رموز الانتصار ضد الحوثي والإرهاب في الجنوب وهم محافظو عدن ولحج وشبوة وحضرموت واستبدالهم بشخصيات ضعيفة هزيلة فاشلة لم تحقق أي إنجاز على الإطلاق.
ولم يكتفوا بذلك، بل شنوا حربا إعلامية ضد هذه الأطراف ومناطقهم، وأسسوا قوات من أموال الدولة لتنفيذ أجندة خاصة بأحزابهم وشخصياتهم السياسية ونسوا الحرب ضد الحوثي.
خلقوا من دولة الإمارات عدوا وهي الدولة التي كان لها دور كبير في الانتصارات التي تحققت من عدن إلى مأرب إلى مشارف ميناء الحديدة.
هذه القرارات والحملات الإعلامية المركزة ضد الإمارات، جعلتها تدافع عن نفسها وتدعم أطرافا موالية لها استهدفتها قرارات هادي أيضاً، بعد أن كانت داعمة للشرعية بكل أطيافها، وكلنا يتذكر عودة الرئيس هادي واحتفاء الإمارات به وتدريب الحماية الرئاسية وتأهيلها وإعادة بناء قصر معاشيق وتوفير الحماية له، وتعاملها مع كل الوزراء بما فيهم الإصلاحيون والمقربون من هادي.
ويا ليت توقفوا هنا، بل استخدموا ملف الخدمات وأمعنوا في تعذيب المواطن بعدن، وأفشلوا استعادة مؤسسات الدولة إلى العاصمة عدن، وهو ما تسبب في حرمان المنتصرين على الحوثي من أبسط حقوقهم، وبدل أن يتم مكافأتهم لصمودهم وصبرهم وتضحياتهم وانتصارهم، حرموهم من أبسط الخدمات.
هنا انحرفت البوصلة وتغير كل شيء، وكان على الطرف الآخر الدفاع عن نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة.
تعالوا نقيم هذه القرارات المدمرة ماذا أنجزت خلال 5 سنوات:
- فشل كبير للشرعية في الشمال وسلموا نهم والجوف وأجزاء من مأرب والبيضاء للحوثي، ولم يتقدموا في أي محافظة شمالية.
- عودة الفوضى إلى شبوة ومناطق واسعة في أبين.
- توقف الانتصارات في الساحل الغربي بشكل كامل بعد أن كانت القوات الجنوبية على مرمى حجر من الميناء.
- خسروا أهم داعم لهم في المعركة على الحوثي وهي دولة الإمارات التي قدمت أكثر من 100 شهيد في هذه الحرب.
- قتلوا وطردوا أبطال الانتصارات في تعز، أبو العباس وعدنان الحمادي، ولو كان بيدهم الأمر لفعلوا ذلك في عدن ولحج وأبين.
- عمقوا الانقسام الجنوبي الجنوبي وأحيوا المناطقية بأبشع صورها.
- حرفوا مسار المعركة من (قادمون يا صنعاء إلى قادمون يا عدن).
- صنعوا من قوات الانتقالي عدوا بعد أن كانت حليفا لهم يتباهون بانتصاراتها ويتغنون ببطولاتها في المحافل الدولية العربية.
- ساهموا بكسر إرادة الناس في المحافظات المحررة، وأحيوا حروبا داخلية زادت الحوثي قوة.
بالمختصر زاد الحوثي قوة بهذه القرارات وهادي أضعف نفسه وشرعيته!
في المقابل:
فشلوا في إخماد الصوت الجنوبي المرتفع وتأسس المجلس الانتقالي الذي بات ينازعهم على السلطة ويقضي على أحلامهم جنوباً.
أي أن قراراتهم فشلت في تحقيق أهدافها، وكانت كارثية عليهم أولاً وعلى التحالف العربي وعلى وحدة الصف الجنوبي التي هزمت الحوثي في الجنوب.
وللأسف لا يوجد بصيص أمل في أن المسيطرين على الشرعية يتراجعون رغم الهزائم والإهانة المستمرة التي تلحق بهم وتطاردهم حتى في فنادقهم بالخارج.
حتى الرئيس هادي فقدنا الأمل أن يتحرر من سيطرة هؤلاء ويتخذ قرارات شجاعة تعيد الأمور إلى نصابها وبأسرع وقت قبل أن يخسر الجميع لصالح الحوثي.
وإن أراد التحالف العربي إصلاح الأوضاع عليه التحقيق في هذه القرارات ولماذا اتخذها الرئيس هادي، وما هي نتائجها ومن تخدم؟.
وأعتقد أن التحالف وخاصة السعودية تعلم وتدرك، لكن لا ندري لماذا الصمت والتماهي مع هذه التجاوزات الكارثية، وما هي الأهداف خلف ذلك؟.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك