مشاهد من شوارع صنعاء المجروحة

متفرقات - Sunday 19 August 2018 الساعة 06:52 pm
فارس جميل ، نيوزيمن، خاص:

دفع سائق باص الأجرة بخط الجامعة كل ما يمتلكه من مال لرجال المرور الذين استوقفوه فجأة في أول مشوار له، أدخلوا رقم لوحة الباص إلى جهاز آيباد يستخدمونه لتحصيل مخالفات السائقين مباشرة في الشارع، ما لم فإنهم يقومون بقلع لوحة الباص وأخذها كرهينة حتى يقوم بالتسديد.

جرعة الغضب التي سببتها تصرفات رجال المرور دفعته للانطلاق بسرعة كبيرة لمواصلة مشواره، وقع في حفرة واسعة وعميقة توسعت بفعل الأمطار، وعدم صيانة الشوارع منذ سنوات، خرج الإطار الأمامي من مكانه، ونجا السائق والركاب بأعجوبة.
صرخ هذه المرة دون خوف:
عليكم لعنة الله واليوم الذي دخلتم فيه صنعاء، حق ايش ندفع كل يوم غرامات ومخالفات، وأنتم تأكلوها لكروشكم، وما صلحتم شارع، ولا ردمتم حفرة، ولا أزلتم مطبا!!

3 سيارات شاهدتها في يوم واحد متوقفة في شوارع مختلفة لنفس السبب وبنفس المشكلة، الوقوع في حفر الشوارع!!

تتذكر تلك الجروح التي يتركها الحوثيون على أجساد المعتقلين، وأنت تمر بشوارعها التي تعرفها جيدا، وترى قدر الدمار الذي حدث بفعل عدم صيانتها، وتضاعف بفعل هطول الأمطار الأيام الماضية، لكنهم لا يهتمون بشيء من هذا على الإطلاق.

عمل مشروع الأشغال العامة بتمويل دولي على ترميم كثير من الشوارع فعلا، لكنه توقف مؤخرا، وكان الحوثيون ينسبون جهود المشروع لهم، ويقولون للناس إنهم يصونون الشوارع في وقت الحرب، ويفعلون ما هو أكبر وقت السلم، وكان الناس يصدقونهم لأن مشروع الأشغال لا يرفع أية لافتة تدل على أنه ينفذ تلك الترميمات والصيانة بتمويل دولي.

الغريب أنك لا تجد مطباً يتلاشى حتى تتم إعادته لسابق عهده وربما مضاعفة ارتفاعه، خاصة تلك المطبات القريبة من نقاط التفتيش الحوثية، لكنك لن تجد حفرة واحدة تم ردمها حتى بجهود مجتمعية، فقد استنفد الناس ما لديهم من تعاطف مع الخدمات العامة.

رغم المطبات التي تحيط بنقاط تفتيش الحوثيين، فإن عمليات التقطع والنهب وملاحقة السيارات بدأت تتحول إلى ظاهرة، ولم يقم الحوثيون بأي جهد للحد منها، فلا أحد يتجرأ اليوم على القيام بهكذا سلوكيات ما لم يكن مسنودا ومحمياً من الجماعة.

قصة سائق الدراجة النارية الشهيرة التي خطف فيها حقيبة يدوية لإحدى النساء في منطقة حدة، استغلها الحوثيون إعلامياً للترويج لجهودهم الأمنية، رغم أن المواطنين هم من ألقوا القبض عليه، واليوم تتكرر تلك التصرفات دون رقيب ولا عقوبة.

عندما اضطررت، في وقت متأخر من الليل، لاستئجار سيارة تاكسي للعودة إلى البيت، كان السائق يضع سلاحه الآلي (كلاشينكوف) بجوار مقعده بوضوح وبحالة جاهزية لمواجهة أي طارئ.
سألته عن السبب، كوني لا أخرج ليلاً إلا في حالات نادرة، فقال:
نشتي نطلب الله، وما بش دولة تحمينا، وهذا وقت السرق والمتهبشين، لو تخارجت من عيال الحرام في الشارع، ما تخارجت من عيال الحرام في نقاط التفتيش، لكن عندما يبصروا سلاحك جنبك يجمعوا دومان، ويتركوك تجمع لقمة العيال.
تخيل يا خبير أني أسافر إلى معبر أو إلى عمران لتعبئة السيارة بالغاز، وما فيش سبب واضح إلا أن السرق اختلفوا، وإلا كيف يضيع الغاز من صنعاء ويظهر في ذمار وعمران، كلها دولتهم، أو كيف تشوف؟!!

في تقاطع شارع الستين مع شارع تعز، كان هناك مسلحون يرتدون زياً عسكرياً يحيطون بعمارة توقف البناء فيها منذ سنوات، وتعود ملكيتها للقائد العسكري الشهير مهدي مقولة.
قال صاحب المحل المجاور، صادروا عمارة مقولة بالقوة، ويعلم الله من شلها، الدولة ما تشل حق أحد، إلا دولتهم التي لم نرَ مثلها في البلاد، فأكثروا فيها الفساد.
صادروا هذا الجامع أول ما دخلوا، وأشار إلى جامع المرور بنفس الجولة، وجابوا خطيب ينقض الوضوء، ويمكن العمارة تابعة للجامع أو ما زاد درينا كيف، وأين ناويين يتوقفوا، وكيف نعيش معاهم، وكيف نعمل وقد تورطنا وجبنا عيال!!
تدري، والله أنهم أضعف مما تتخيل، بس إرادة الله علينا، ما حصلوا من يربيهم، وعاد الشرعية تشتي تربية بكلها.
عادهم يقولوا أي خدمات في عهد الخبرة؟!!
خاطرك أحسن.