خبيرة أمريكية: تركيا "خطر أيديولوجي" في اليمن وتعز نقطة البداية لتهديد نفوذ السعودية

تقارير - Thursday 23 July 2020 الساعة 11:30 pm
عدن، نيوزيمن، فارس سعيد:

ما الخطر الذي تشكله تركيا على اليمن؟ وكيف يمكن فهم العلاقة المعقدة بين إيران وتركيا وقطر وجماعتي الإخوان والحوثيين؟ وهل يمكن ربط تحركات مليشيات الإخوان في تعز، وأيضاً الاندفاعة الإخوانية المسلحة نحو جنوب اليمن، بحسابات محور (أنقرة والدوحة) في البلاد؟

كانت هذه بعضاً من تساؤلات عدة طرحها "نيوزيمن"، على الخبيرة والباحثة الأمريكية، إيرينا تسوكرمان، وهي محامية لحقوق الإنسان والأمن القومي ومختصة بالشأن اليمني والتركي والجماعات الراديكالية.

تقول "تسوكرمان"، إن تركيا تستطيع على المدى الطويل، بالتأكيد إذكاء التوترات القائمة في اليمن وتتسبب بمزيد من المشاكل الإضافية، مشيرة إلى أن الخطر الأكبر الذي تمارسه تركيا هو أيديولوجيا، فحتى عندما تفشل في تحقيق أهدافها عسكرياً، مثل إعادة توطيد السلطة من قبل الأسد في سوريا، حيث تعاني أنقرة من تهميش بالأراضي بشكل متزايد، فإنها تنجح في تجنيد الأتباع من خلال الاضطلاع بمهام على شكل توعية تعليمية وإنسانية والتطرف في المساجد.

وتضيف: "في الوقت الحالي، يقتصر تدخلها (تركيا) في اليمن على بعض معسكرات التجنيد، غير أن هناك بالفعل أدلة على تجنيد بضع مئات من أعضاء حزب الإصلاح للقتال كمرتزقة في ليبيا، مما يشير إلى نجاح تركيا في عولمة الصراعات بشكل متزايد. علاوة على ذلك، تقوم حالياً بتدريب بعض مقاتلي الإصلاح لتعبئتهم ضد المجلس الانتقالي الجنوبي وغيرهم من القوات اليمنية، وليس ضد الحوثيين.

ولفتت الخبيرة الأمريكية إلى "أن تركيا معدمة، لكن قطر مستعدة لتمويل كل هذه العمليات، ولا يوجد سبب لعدم الاعتقاد بأنها لن تستثمر في التسبب في خلق المزيد من المشاكل للتحالف العربي وأي يمني أو أي قوات يمنية مناهضة للحوثيين أو تتماشى بشكل صريح مع أهداف التحالف".

وتكمل: "في الواقع، لقد رأينا حتى الآن أدلة حديثة من تقرير أمني ألماني أن قطر تمول حزب الله، الذي يدرب الحوثيين من بين آخرين".

طرد التحالف.. مهمة مشتركة لقطر وتركيا وإيران


تقول الخبيرة الأمريكية "تسوكرمان"، إن لدى إيران علاقة عمل متوترة مع تركيا. فقد عملت أنقرة مع طهران في العديد من القضايا المشتركة منذ سنوات عدة - ضد الأكراد، متحايلة على العقوبات الأمريكية من خلال أجندات ومشاريع مختلفة، بما في ذلك التعامل بالذهب، حتى إنها وقعت اتفاقية بشأن التواصل الديني الذي يظهر نجاح تركيا في الجمع بين ائتلاف شيعي والإسلاميين من جماعة الإخوان ومن هم على استعداد للعمل معاً ضد الغرب.

وتضيف: "مهمة قطر هي قيامها بتمويل كل هذه العمليات. فالحوثيون وكيل إيراني، لكنهم مثل حزب الله والمنظمات الإرهابية الرئيسة الأخرى المدعومة من إيران، على استعداد للعمل والتنسيق مع الفصائل الثورية المفيدة ضد الغربيين والسعوديين وأي شخص آخر يقف في طريق سعيهم إلى السلطة".

وتتابع: "لذلك، وعلى الرغم من أن هذه الجماعات لها مصالح واضحة إلى حد ما في اليمن، لكن في مرحلة ما قد تكون المصالح التركية / القطرية والإيرانية في منافسة بعضها مع بعض. لكن في الوقت الحالي، هدفها الرئيس هو طرد التحالف العربي من اليمن وتطرف السكان وتوطيد القوة المشتركة وتوطيد نفوذها".

تدريب مقاتلين وبناء علاقة استخباراتية سرية

تؤكد "تسوكرمان" ارتباط العمليات والمعارك التي تجري في الحجرية في محافظة تعز بشكل مباشر بالصراع التركي / القطري ضد السعودية.

وتنوه إلى أن تركيا وقطر جزء من "اللجنة الرباعية الإسلامية" التي تهدف إلى إلغاء اللجنة الرباعية لمكافحة الإرهاب التي تقودها الرياض. وبالطبع، تحدي النفوذ السعودي والاستثمار في المنطقة يكون من خلال الاستثمار السياسي والأيديولوجي والديني والعسكري والوسائل الإنسانية والاقتصادية.

وأوضحت: "وهذا هو بالضبط ما يفعله المحور التركي/القطري في تعز، حيث يعملون على تدريب المقاتلين الذين يمكن أن يمثلوا تحديا عسكريا، وتكوين علاقة استخباراتية سرية، ونشر التطرف الإيديولوجي، وبشكل عام تقديم أنفسهم كقادة في المنطقة وقوة عظمى تخلق خلافة، بينما تصور السعودية على أنها غير كفؤة وتخدم أهدافا ضيقة تخدم الذات والتي لا يمكن أن تؤدي إلى أي عظمة أو قوة لليمن".

ورأت أن تعز هي نقطة البداية وكذا العمليات هناك. ففي حالة نجاحها، سيتم تنفيذ مشاريع مماثلة في مكان آخر، وإذا انتصرت، فستحصل تركيا وقطر على الزخم النفسي الذي قد يلهمهم متابعة تنفيذها بين السكان المحبطين في المناطق المجاورة الأخرى الذين يرغبون في الوقوف إلى جانب الحصان الأقوى الذي يبدو أن لديه المزيد من الجرأة في القتال والمزيد من الاستثمار في السعي العدواني نحو النصر.

واعتبرت أن هذا هو السبب في أنه من المهم للغاية للسعوديين أن ينتصروا هناك في تقويض الجهود التركية / القطرية في تجنيد الأتباع الذين يعرفون التضاريس جيدا ويقطعون الطريق أمام هذا الهجوم المعنوي، الذي هو على الأقل كحرب عمليات نفسية كما هو توغل عسكري وأيديولوجي بحت.

ولفتت الخبيرة الأمريكية إلى أن لعبة الأرض مهمة جدا هنا، وأي شخص يكتشف مسار الحرب غير التقليدية في منطقة معقدة، سيكون قادرا على تحقيق اختراقات كبيرة.

الإصلاح أقرب أيديولوجيا إلى قطر وتركيا

وحول انقسام حزب الإصلاح بين تأييد السعودية وتركيا وقطر في آن، تقول الخبيرة الأمريكية "تسوكرمان" إن وجود الإخوان في حد ذاته أمر مثير للجدل بما فيه الكفاية بحيث يكون له تأثير تقسيم التحالف على مشاركتهم، وذلك من خلال تشتيت الجهود الموحدة ضد الحوثيين.

وأكدت أن "الإصلاح دائما وأبدا أقرب من الناحية الأيديولوجية إلى تركيا وقطر. السبب الوحيد الذي جعلهم يجلسون على الطاولة مع السعودية لأن أعدادهم كانت كافية بحيث يمكنهم توفير حصن ضروري ضد الحوثيين".

وذكرت أن العديد من الأشياء التي غيرت حساب التفاضل والتكامل حدثت في اليمن، منها قيام الحوثيون بتوسيع نطاق وصولهم بأكثر من طريقة تتجاوز مكانهم في بداية الحرب، وأيضا أصبحت تركيا وقطر أكثر انخراطا في هذه الجهود، وكذلك ضعف التحالف العربي بسبب مزيج من الصراع الداخلي والضغط السياسي من الأمم المتحدة وحملات التضليل في وسائل الإعلام الغربية وقوى إيران وتركيا / قطر ضدهم في اليمن مثل أجزاء أخرى من المنطقة، وهو أسوأ بكثير مما كانت عليه عندما كانت إيران الممثل الرئيسي الوحيد في المشهد.

ورأت أنه بسبب هذه القضايا، لم يعد الإصلاح يشعر بالتهديد من الحوثيين، بل ينظر إليه بشكل متزايد على أنه شريك محتمل، بسبب المصلحة المشتركة، وكذلك يعامل المجتمع الدولي بشكل متزايد الحوثيين على أنهم منتصرون وكسلطة شرعية في اليمن، في حين أن الحكومة الرسمية غير حاضرة، لذلك فمن المنطقي للإصلاح على الأقل أن يغطوا رهاناتهم وأن يكون لديهم جسر لأولئك الذين من المرجح أن يسودوا من وجهة نظره، وهذه أيضا فرصة لهم لتدمير التحالف ولفرض نفوذهم وأفكارهم على السكان.

وشددت أن كل الإسلاميين الذين اعتلوا السلطة يكون نموذج حكمهم فاسدا وضعيفا وغير فعال ويخدمون أنفسهم وأجنداتهم، لكنهم في هذه العملية يقدمون وعودا عظيمة ويجعلون السكان يستعدون ضد بعضهم البعض ككبش فداء لخدمة قوى خارجية.

وقالت، إن حزب الإصلاح يتطلع إلى توسيع سيطرته وممارسته، لإقصاء هادي وحكومته، ولإضعاف الجميع عن طريق التحريض على الصراع بين اليمنيين الآخرين، وفي النهاية التوصل إلى بعض ترتيبات الحكم والتنسيق بشأن تقسيم الأراضي مع الحوثيين.

وشددت على ضرورة أن يتمكن السعوديون من كبح جماح القادة المقيمين في المملكة (قادة إخوان اليمن) ودفعهم إلى عكس مسارهم والتركيز على الحوثيين.

كما نوهت إلى ضرورة أن يركزوا (السعوديون) على توحيد جميع اليمنيين الآخرين - بمن فيهم المجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة الوطنية، والتحالفات الأخرى، وجمعهم، والتعامل مع الإصلاح كجزء من مشكلة. في حين أنه في البداية كان من الممكن بالنسبة لهم إجراء هذه الترتيبات مع الإصلاح بدافع الضرورة، إلا أن الإصلاح وضع نفسه بطريقة تنفر أنصار آخرين محتملين أكثر التزاما بمحاربة الحوثيين.

واستطردت قائلة: "إذا كان الهدف الرئيس هو محاربة الحوثيين، وإذا لم يعد الإصلاح جزءاً من هذا الحل، فعليا، يجب الوقوف ضده، ليس فقط سياسيا ولكن أيديولوجياً، ويجب استثمار الموارد لمواجهة نفوذه.

وأكملت "وإذا كان الإصلاح ينظر إلى نفسه على أنه ينمو ويسود ويتكاثر، فإنه يمكن أن يشعر أنه يسيطر على التحالف، وأن السعوديين يعتمدون عليهم أكثر من حكومة هادي أو غيرهم، وأنهم وسطاء القوة الحقيقيون، وأن بإمكانهم إملاء شروط التطورات المستقبلية التي لا يمكن السماح بحدوثها.

وختمت الخبيرة الأمريكية "تسوكرمان" حديثها لـ"نيوزيمن"، بالقول: "يجب التقليل من تأثيرهم (الإخوان) إلى الحد الذي يمكن فيه إما السيطرة عليهم واستخدامهم وفقًا للخطة، أو يصبح غير ضروري تماماً. لا يجب السماح لهم بتقسيم التحالف العربي أو أي قوة يمنية مناهضة للحوثيين بأي شكل من الأشكال".