اليمن عام 2045.. ماذا تحمل رؤية الاسكوا لمستقبل الشعوب العربية

تقارير - Wednesday 20 December 2023 الساعة 12:21 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها مبادرة مستقبلية على المستوى العربي بهذا الحجم وبهذا المدى الزمني نحو استشراف المستقبل.

في القاهرة عقدت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لدول غربي آسيا (الاسكوا)، في مقر جامعة الدول العربية من 16- 18 ديسمبر الجاري، اجتماعين، الأول على مستوى "المسؤولين الكبار" كما وصفته اللجنة، والآخر اجتماعا وزارياً للدول الأعضاء في اللجنة.

خصص هذان الاجتماعان لإطلاق "الرؤية العربية 2045"، التي شاركت في إعدادها الجامعة العربية وخبراء من عدة بلدان عربية، بما فيها اليمن التي مثلها في لجنة الخبراء وزير الخارجية الأسبق عبدالملك المخلافي، ومثلها في الاجتماع الوزاري مؤخراً وزير التعاون والتخطيط الدولي واعد باذيب.

في الاجتماع الوزاري (الدورة الوزارية الـ31 للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية)، ناقش الوزراء جوانب من هذه الرؤية، وقدم الدكتور واعد باذيب، بيانات عن الحالة اليمنية في مستهل هذه الرؤية الطموحة، مستعرضاً التحديات التي تواجه اليمن سياسياً وأمنياً ومؤسسياً نتيجة الصراع الذي طال أمده ويدخل عامه التاسع بسبب الانقلاب الحوثي على الشرعية ومخرجات الحوار الوطني، إضافة إلى انكماش الاقتصاد، حيث خسر اليمن الكثير من المنجزات الاقتصادية والفرص وشحة الإيرادات العامة وخاصة بعد توقف تصدير النفط نتيجة الضربات الحوثية على موانئ إنتاج النفط وارتفاع المديونية الخارجية، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الحكومية -سبأ في نسختها الشرعية.

وقال باذيب إن متوسط دخل الفرد باليمن تراجع بحوالي 60%، فضلاً عن تدهور قطاع الخدمات وتفاقم الأزمة الإنسانية والفقر الذي وصلت نسبته إلى 80% من السكان وانعدام الأمن الغذائي والتحديات المتعلقة بالأضرار في البنية التحتية نتيجة الحرب، حيث تضرر 49% من أصول قطاع الطاقة وحوالي 38% من الأصول في قطاعِ المياه والصرف الصحي، كما تعرضت حوالي 29% من إجمالي شبكة الطرق الداخلية في المدن اليمنية لأضرار كلية أو جزئية، بالإضافة إلى تحديات الحوكمة ومكافحة الفساد وهشاشة المؤسسات وتراجع مؤشرات التعليم والصحة.

وأضاف وزير التخطيط والتعاون الدولي، إن اليمن "تبني نهجا تنمويا جديدا"، وإن الرؤية العربية 2045، رسمت بعض معالمه، إلى جانب التعافي وإعادة الإعمار. وقال: نحن بحاجة إلى نهج يستند إلى تمكين الشباب وخلق فرص عمل مستدامة، والتركيز على تنويع الاقتصاد والنمو الاقتصادي الأخضر وتنمية برامج ريادة الأعمال وتنمية المشاريع الصغيرة والأصفر لانتشال الأسر الفقيرة من براثن الفقر والبطالة، وتحسين فرص كسب العيش، وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية وتحسين نوعية الحياة، فضلاً عن الاستفادة من مستحدثات الثورة الصناعية والذكاء الصناعي، والاستثمار في التعليم والتدريب والتحول الرقمي في الإنتاج والتنمية الاجتماعية والمؤسسية، وتقوية التماسك الاجتماعي، وتعزيز الحكم الرشيد، وبناء مؤسسات قادرة على الصمود.

وأشار إلى أن أركان الرؤية العربية الستة المتمثلة في (الأمن، والعدالة/ والابتكار، وازدهار التنمية، والتنوع الحيوي، والتجدد الثقافي والحضاري)، عبارة عن منظومة متكاملة ترتبط ببعضها البعض بحيث لا يمكن الفصل بين أركانها الستة، وهي في الوقت نفسه ترتبط إلى حد ما مع الخطط الوطنية والأولويات على المدى المتوسط والبعيد في اليمن المتركزة في خطة التعافي والتنمية التي يجري مراجعتها بدعم من (الاسكوا) في خمسة محاور رئيسية والتي ترتبط إجمالا بأهداف التنمية المستدامة 2030".

خرائط ومؤشرات

تظهر خريطة الكثافة السكانية لعام 2020، في الرؤية العربية 2045، أن اليمن إحدى أقل بلدان غرب آسيا من حيث الكثافة السكانية، حيث يتركز معظم السكان على الشريط الساحلي للبحر الأحمر والمناطق الجبلية الموازية له إلى صنعاء على أبعد حدّ، بينما تبدو بقية المناطق في مؤشر الخريطة بأقل من 5 أشخاص لكل كيلومتر مربع. أما في مؤشر الإضاءة الليلية فتكاد اليمن أن تكون مظلمة بالكامل إلا من بعض نقاط الضوء الصغير في مناطق الوسط، بحسب الخريطة.

وفي مؤشر الموانئ، فبينما تكثر مؤشرات حركة السفن في مياه البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي، تبدو الحركة على الخريطة الرصدية التي أعدتها لجنة الاسكوا لعام 2023، شحيحة مقارنة بالبحر الأحمر الذي تتكثف فيه الحركة عند قناة السويس. كما يظهر المؤشر خط حركة السفت بين بحر العرب والخليج العربي مروراً بخليج عدن ومضيق باب المندب، وهو ما يظهر إطلال الدول العربية على أهم ثلاثة مضائق بحرية في طريق التجارة العالمية، وهي: مضيق هرمز، مضيق باب المندب وقناة السويس. لكن مستقبل الحركة الملاحية في هذه المضائق أصبح محكوما بتهديدات ذراع إيران في اليمن والقراصنة الصوماليين، وهما الجماعتان اللتان أفادت تقارير إعلامية مؤخراً عن وجود تنسيق بينهما في ما يخص تهديد الملاحة البحرية والهجمات على السفن.

وفي مؤشر شبكات الطرقات، أوضحت الخريطة الخاصة بذلك عدم وجود أي طريق سريع في اليمن، بينما لديه عدد أقل من البلدان الأخرى من الطرقات الرئيسية والطرق الأساسية، أما الطرق الفرعية وغير المعبدة فهي كثيرة. وفي خريطة الربط السككي بين اليمن والبلدان العربية تظهر الخريطة خطاً مستقبلياً اقترحت الخطة إنشاءه بين اليمن وعمان والسعودية، مروراً بالمهرة وحضرموت، ثم على طول الشريط الساحلي لبحر العرب وخليج عمان والبحر الأحمر، وصولاً إلى منطقة جيزان في السعودية.

وفي خريطة نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية تركزت مؤشرات جميع خطوط نقل الطاقة في اليمن على المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي حالياً، لكن لا يبدو أن واضعي الخريطة يعرفون شيئاً عن الاستثمار الحوثي في خدمة الكهرباء واستخدام شبكات نقل الطاقة الرسمية داخل المدن لمتعهدي الكهرباء الخاصة باهظة الثمن. وعلى العكس من ذلك تبدو اليمن في خريطة المواقع ذات الإمكانات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في المستقبل، واحدة من أعلى البلدان العربية، لا سيما في المناطق الساحلية.

تضم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، عشرين دولة عربية في عضويتها، وسبق أن أصدرت "خطة عام 2030" المستقبلية التي قالت اللجنة إنها تهدف إلى إشراك المزيد من الجهات الفاعلة للعمل يداً بيد مع الحكومات على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة ورصد التقدم المحرز. لكنها المرة الأولى التي توسع اللجنة نطاق تخطيطها المستقبلي الشامل إلى هذا المدى الزمني (عام 2045).